إبراهيم نصر الله: على الكاتب أن يكون أميناً لموضوعه ومستعداً لدفع الثمن

1٬035

حاوره: علي السومري /

هو شاعر وكاتب وروائي أردني من أبوين فلسطينيين، ولد في عمّان عام 1954، فازت روايته (حرب الكلب الثانية) بجائزة (البوكر) العربية عام 2018.
صدر له أكثر من أربعين كتاباً أغلبها في الشعر والرواية، له في الشعر (نعمان يسترد لونه، كتاب الموت والموتى، وأحوال الجنرال)، وفي الرواية (براري الحُمّى، حارس المدينة الضائعة، وأرواح كليمنجارو).
تضمن اشتغاله السردي على مشروعين روائيين متوازيين هما (الملهاة الفلسطينية) و (الشرفات)، ويمثل كل منهما عدة روايات مختلفة.
فاز بجوائز عدة، بينها جائزة سلطان العويس للشعر العام 1997، جائزة القدس للثقافة والإبداع العام 2012، جائزة (كتارا) للرواية العربية العام 2016، وجائزة (البوكر) العام الماضي.
إنه الروائي إبراهيم نصر الله، ضيف حوارنا لهذا اليوم.
* أستاذ إبراهيم، رواياتك وكتبك الشعرية تحظى بمبيعات عالية، هل فوزك بجائزة (البوكر) زاد من إقبال القارئ على أعمالك الأدبية؟
-يعني بالتأكيد (البوكر) جائزة مهمة وأساسية، تعمل على رفع مبيعات الكتاب الفائز، ولحسن الحظ كانت كتبي دائماً هي من الأكثر مبيعاً، وبعضها صدر منذ سنوات طوال جداً، ولم يزل في السوق كتاب من كتبي الأكثر مبيعاً، وربما هذا حسن حظ كبير، لكن أيضاً حينما تأتي الجائزة، بالتأكيد تساعد على تنشيط حركة بيع الكتب أكثر وأكثر، مثلها مثل أية جائزة، سواء تعلقت بفيلم سينمائي أو برواية أو تعلقت بأي شيء آخر.
•من وجهة نظرك ما تأثير فوزك بالجائزة على مشاريعك؟
-أبداً، ربما أن من الأشياء الجميلة التي كانت تمت ومنعتني من هذا الحس، وجود عدد كبير من الأعمال التي صدرت لي قبل ذلك، وأيضاً قبل إعلان جائزة (البوكر) بوقت قصير كنت أستعد لإصدار ثلاثية هي (ثلاثية الأجراس) التي كان من المقرر أن تصدر العام الماضي، في موعد إعلان البوكر العام 2018، لكننا أجلنا صدورها عاماً كاملاً، حتى تأخذ رواية (حرب الكلب الثانية) الفائزة بالبوكر مداها وفرصتها الحقيقية، وستصدر هذه الثلاثية قريباً في مصر وفلسطين وبيروت في نفس الوقت وبثلاث طبعات، وهذا يعني أن مشاريعي مستمرة ولم تتغير.
*نجدك في أعمالك تجنح إلى استخدام الخيال والفانتازيا.. ماذا يشكّل ذلك في فكر الروائي ابراهيم؟
– أعتقد أن المبرر بالأصل ثقافي بمعنى مصادر ثقافتك الأولى، ومسألة أخرى تتعلق بوعيك لهذا العالم، إذا لم يستطع وعيك أن يتمثل هذه الفنتازيا وهذه الثقافة التي قرأتها، فأنت لن تستطيع أن تقدم ذلك العمل المتكامل الذي يضم كل شروط الفنتازيا، والقدرة على أن تصل إلى مناطق جديدة سواء فيما يتعلق بالخيال أو حينما تكتب عن المستقبل، مثل رواية (حرب الكلب الثانية) أو حينما تعود إلى الماضي أيضاً، وتكتب عن بعض الفترات التي مرت عليها أكثر من ثلاثمئة سنة، أنا أعتقد أن المسألة مركبة، لكن بدون وعي بالعالم أو بالثقافة التي عملت على تحصيلها ومعايشتها، لن تستطيع أن تصل إلى هذا البعد من الكتابة بهذا الجموح وبهذه الحرية.
*هناك من يرى بأن كتابة الفانتازيا هي محاولة للهروب من الكتابة عن الواقع، وما تخلّفه هذه الكتابة من ضغوط على الكاتب بسبب السياسات والخطوط الحمر في البلدان العربية، رأيك في تلك الآراء؟
– بالعكس، أنا بالنسبة لي كتبت كل ما خطر في بالي، سواء أكان ذلك موضوعاً سياسياً أو رواية سياسية مثل رواية (عو) أو رواية تاريخية مثل روايتيّ (قناديل ملك الجليل) و (زمن الخيول البيضاء) أو رواية اجتماعية مثل (شرفة العار) أو رواية ذات بُعد حداثي أو ما بعد الحداثي مثل (براري الحُمّى) و (شرفة الهذيان) والكثير من الأعمال. بالنسبة لي أعتبر دائماً أن على الكاتب أن يكون أميناً لموضوعه، أما ما الثمن الذي من الممكن أن تدفعه مقابل هذه الأمانة، فهذه مسألة يجب أن تكون مستعداً لها باستمرار.
•كان للموضوعة الفلسطينية حصة كبيرة في كتاباتك، ما الذي يخدم هذه القضية أدبياً، وما الذي لا يخدمها؟
-ما يخدم القضية وجود مستويات فنية عالية للتعبير عنها، لأن كل قضية كبيرة بحاجة لمستوى فني عالٍ للتعبير عنها. جزء من عملي الكتابي تمثل في مشروع (الملهاة الفلسطينية)، والتي صدرت منها اثنتا عشرة رواية، إضافة لمشروع آخر، هو مشروع (الشرفات)، والذي صدرت منه ست روايات منها (حرب الكلب الثانية)، وأيضاً هنالك روايات أخرى لم تدرج في هذين المشروعين مثل (حارس المدينة الضائعة) أو(الأمواج البرية) أو (عو). أنا ككاتب أحب التنوع داخل تجربتي، وربما هو مصدر من مصادر سعادتي، وليس فقط رغبة بالتنوع، وأظن بأنه كلما تنوعت ثقافة وتجارب الكاتب، ستتنوع تلقائياً كتاباته.
•لنتحدث الآن عن هذا الحدث الثقافي الذي جمعنا هنا، معرض بغداد الدولي للكتاب، كيف رأيته كفعل ثقافي من جهة، وتفاعل الجمهور معكم كمبدعين عرب من جهة أخرى؟
-أولاً، أحسست وكأني أعيش في فلسطين والأردن، بسبب ذلك الإقبال وتلك المحبة من القراء، وهذا العدد الكبير من القراء، والذي يفتخر به الإنسان، وهو ما لم يكن يحسه الكاتب عن بُعد، وهذه مسألة مهمة، إضافة لعدد الكتب التي توقعتها، ثم الأهم من كل ذلك، أنك تجد في هذا المكان الروح الحقيقية للعراق، روح لمثقفين شباب يتطلعون لمستقبل أجمل، وهم ممتلئون بالحياة، والفرح، والأمل، ويصرون على أن يكون الجمال هو مستقبل العراق، وهذا أهم شيء.