سعدون شفيق مؤرشف اللحظات الهاربة من الزمن

861

محسن إبراهيم /

وثّق بكاميرته مسيرة العراق والعراقيين طيلة عقود مضت، ورغم تقدمه في السن فإنه يتمتع بدقّة الصياد في اقتناص اللقطة. فهو يعتبر أن الصورة الفوتغرافية هي لغة أخرى حالها حال لغة الأدب والفنون لكونها تعتمد أساساً جدلية الوجود في اختيار اللقطة او اقتناص اللحظة الهاربة.

مبدع يرى العالم برؤية تثير شعوراً يتحرك مع المتغيرات كيف شاء, لأن الصورة لديه خطاب مرئي بدرجة عالية وخطاب مسموع بصوت مرتفع. منذ سن الثامنة عشرة من عمره وإلى مشارف السابعة والسبعين الآن، نذر حياته للفن والأدب والثقافة، فهو متحدر من عائلة فنية تنتمي لجواد سليم، منطلقاً من ديالى الى بغداد, يمتلك سبع صنائع، جعلها أكثر، وما زال يبحث عن صنعة جديدة؛ كي يبدع فيها.
شغف الفن
لم يكن سعدون شفيق سعيد مصوراً فوتغرافياً فحسب بل شغفه الفن بكل جوانبه فهو من رواد الإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح ومن الشعراء والصحفيين والأدباء وعضو مؤسس لأول جمعية للتصوير في العراق عام 1972. دخل التلفزيون منذ عام 1956 والإذاعة عام 1958 ومازال مستمراً بالكتابة لهما, شارك في بطولة الفيلم العراقي (قطار الساعة السابعة) الى جانب سعدي يونس ومكي البدري، ممثلاً ومساعداً للمخرج عام 1962, ليمتد فيما بعد تاريخ طويل في الإعداد والكتابة والتمثيل والتقديم. نال العديد من جوائز الإبداع وجائزة أفضل كاتب درامي عام2000, أصدر أربعة دواوين شعرية وأربعة كتب متنوعة في مجالات اختصاصه آخرها (أبيض وأسود) عن رحلته مع الكاميرا، رفد المكتبة الإذاعية ومازال بمئات البرامج والمسلسلات.
محطة فوتغرافية
يعد سعدون شفيق من أوائل المؤسسين لأول جمعية عراقية للتصوير في العراق عام 1972، وعضو مؤسس لأول جمعية تصوير في ديالى عام 1976. عضو في اتحاد المصورين العرب وشارك في عدة مسابقات منها (انتربرس فوتو) في بلغاريا وألمانيا، فضلاً عن مشاركته في جميع المعارض السنوية للجمعية. أقام (49) معرضاً شخصياً داخل العراق، و(6) معارض دولية في رومانيا وبلغاريا وموسكو وألمانيا ولندن ومالطا. حصد عدة جوائز منها الجائزة الأولى للصور الفنية في المعرض السنوي للجمعية عام 1973, والجائزة الاولى في مهرجان برلين العالمي 1975. اختيرت نماذج من صوره الفوتغرافية في المتاحف والتقاويم السنوية والكتب المدرسية والصحف والمجلات العراقية والعربية والأجنبية وكواطبع بريدية. فضلاً عن إصداره مجموعة من الإصدارات التي تهتم بعالم الفوتغراف، ومجموعة فوتغرافية للشباب باللغتين العربية والانكليزية, وكتاب (أسود وأبيض) عن رحلة كاميرته في عوالم الفوتغراف داخل وخارج العراق.
محطات تلفزيونية وإذاعية وسينمائية
كان دخوله التلفزيون ممثلاً من خلال مشاركته في برنامج (نادي جحا) للأطفال من إعداد وتقديم يحيى زكي, وفي العام 1959 قام بإعداد وتقديم برنامج (شوف عندك ياسلام) وهو برنامج خاص بالأطفال من إخراج (حيدر العمر) وبمساعدة حمودي الحارثي, لتتواصل رحلته التلفزيونية حيث قدم برنامجاً آخر للأطفال في العام 1963 عنوانه (مجلة الأولاد) من إخراج عبد الهادي مبارك. فضلاً عن مشاركته في التلفزيون التربوي في أكثر من مساهمة في التأليف والتمثيل ومنها تمثيلية (قاط للشته) و( سنة راحت حرامات) إضافة الى إعداد عدد من البرامج الثقافية. آخر المحطات التلفزيونية كانت مسلسل (الطب عند العرب), والذي شارك فيه قرابة الـ 160 ممثلاً منهم عبد الخالق المختار وسامي قفطان وخليل الرفاعي ومقداد عبد الرضا وآخرون.
أما في مجال الإذاعة فقد تواصل في تقديم وإعداد البرامج والمسلسلات منذ العام 1958 حتى بلغت مئات البرامج والمسلسلات, منها (أمة في رجال, أثر العرب في الحضارة, بيت أبو محمود, شخوص في دائرة الضوء). ليتواصل، والى الوقت الراهن، مع إذاعة جمهورية العراق.كتب للسينما فيلماً عنوانه (نبتة حب عراقية).