زاهي وهبي: نشأتُ على قصائد مظفر النواب وأغاني ناظم الغزالي

1٬427

أحمد سميسم /

ولد من رحم الكلمة، فصاغ منها أروع القصائد والدواوين الشعرية التي غناها كثير من المطربين العرب، من بينها قصيدة (بغداد). عشقه الجمهور العربي بطلّته المحبوبة الهادئة من خلال تقديمه البرنامج التلفزيوني (خليك بالبيت) الذي نال شهرة واسعة واستمر عرضه 15 عاماً.
هو شاعر متعصب للشعر ويستطيع أن يطوّع الأبجدية كيفما شاء، نال العديد من الجوائز العربية، واختير من بين 43 شخصية عربية هم الأكثر تأثيراً في العالم العربي. تميّز شعره برؤية خاصة في الحب والمرأة والحياة والوطن، وحظي بمحبة الجمهور العراقي، إنه الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي، الذي التقته “مجلة الشبكة” في زيارته الى بغداد على هامش فعاليات معرض بغداد الدولي للكتاب وأجرت معه هذا الحوار الذي ابتدأناه بسؤال:
* كيف رأيت بغداد وما انطباعك عن معرض بغداد الدولي للكتاب؟
– أحببت بغداد قبل زيارتها، ومنذ اللحظة الأولى للقاء المباشر معها صار الحب عشقاً. نظراً لما تمثله بغداد في وجداني وذاكرتي روحياً وثقافياً وقومياً، وأيضاً بفعل الحب العارم الذي استقبلني به البغداديون خاصة والعراقيون عامة.
* أنت شاعر وإعلامي في الوقت ذاته، ما المشتركات بين الشعر والإعلام برأيك؟
– المشتركات كثيرة وأبرزها الكلمة. لا شِعر ولا إعلام بلا كلمة. ومتى كانت الكلمة الطيبة هي المنطلق هنا وهناك، ازدادت المشتركات وتضاعفت، لأن الغاية تصبح واحدة وهي الإنسان.
* كيف ولدت قصيدة (بغداد) التي غنتها المطربة السورية فايا يونان؟
– كتبتُ مطلع قصيدة (بغداد) متأثراً بالجريمة الإرهابية التي ضربت مجمع الليث في الكرّادة عشية العيد، وسقط بسببها عشرات الشهداء من مختلف الأعمار، بينهم عدد كبير من الأطفال والشباب. تابعت المشاهد المروعة على شاشات التلفزة، وكتبت بالدمع قبل الحبر، وفور نشر هذه القصيدة على (تويتر)، اتصلت بي مطربة عراقية صديقة وأبدت رغبتها في غنائها، عندها أكملتها وأدخلت فيها مقطعاً باللهجة العراقية وأرسلتها لها، لكن بسبب ظروف قاهرة تمثلت بتأخر الموسيقي في تلحينها، لم تبصر الفكرة النور. في الوقت ذاته أحبت الفنانة السورية فايا يونان القصيدة وطلبت غناءها، وهكذا كان بعد أن لحنها الفنان المصري الراقي حازم شاهين ووزعها الفنان اللبناني ريّان الهبر. ولعل القدر شاء أن تكون القصيدة الأغنية هدية عربية (لبنانية، مصرية، سورية) إلى العراق وشعبه وانتصاره للحرية والحياة.
* هل يستهويك الشعر الشعبي العراقي؟
– كيف لا يستهويني الشعر الشعبي العراقي، وأنا ممن نشأوا على شِعر مظفر النواب، وأغنيات ناظم الغزالي وياس خضر وسعدون جابر ومائدة نزهت وسيتا هاكوبيان وفرقة الطريق (حميد البصري وشوقية العطار) وجعفر حسن وسواهم من فناني العراق وشعرائه، فضلاً عن القصائد الحسينية وما تختزنه من شجن لا يُضاهى.
* هل سرقك الإعلام من عرش الشعر؟
– لا شيء يستطيع سرقتي من الشعر، فالشعر يمشي في دورتي الدموية، أزعم أنني ولِدتُ شاعراً، والشعر عندي ليس مجرد قصيدة تُكتَب أو كتاب يُنشَر، الشعر بالنسبة لي نمط حياة وأسلوب عيش وطريقة تعامل مع الوجود، وقصيدتي هي حمضي النووي لأنني أكتبها بأوردتي وعَرقي لا بالحبر والورق.
* كيف تحب أن يناديك الناس زاهي الإعلامي أم زاهي الشاعر، وأيهما الأقرب إلى نفسك؟
– حضرتك ماذا تُخمِّن أنني أحبذ مناداتي بعد أن قرأتَ إجابتي السابقة؟
* الشاعر بالتأكيد.
* طيب، من هي ملهمة الشاعر زاهي وهبي في كتاباته الشعرية؟
– الحياة بكل مَن فيها وما فيها. شؤون العيش وشجونه تلهمني، وكل ما يشغل الإنسان ويعبّر عنه وعن آماله وآلامه.
* ما الذي منحه لك الشعر وما الذي سلبه منك؟
– الشعر أوكسجيني، والقصيدة رئتاي، منحني معنى وجودي، لولا الشعر لَمُتُّ ضجراً أو كمداً، أكتب لأتنفس، لأحيا، الشعر أعطاني معنى وجودي لكنه أخذني مني، أخذني كلياً.
* برأيك أيهما أكثر تأثيراً اليوم على المجتمع العربي الشعر أم الإعلام؟
– التأثير الأعمق والأبعد مدى هو الشعر، لكن الإعلام صاحب التأثير الآني اللحظوي، وللأسف فإن الإعلام العربي يغيّب كل ما له علاقة بالعقل العربي، ويعمل على تزييف الوعي وتجهيل الناس وطمس القضايا الحقيقية لشعوبنا ومجتمعاتنا.
* قدمت العديد من البرامج التلفزيونية واستضفت كبار الشخصيات الفنية والأدبية والإعلامية، هل هنالك شخصية ما تتمنى استضافتها في حوار تلفزيوني؟
– حاورت حتى الآن أكثر من ٣٠٠٠ مبدع عربي في شتى المجالات معظمهم من العمالقة والكبار، وأتمنى تحرير المناضل الفلسطيني مروان البرغوثي من الأسر الإسرائيلي كي أحاوره كما اتفقت معه.
* ما سر خلود برنامج (خليك بالبيت) لحد الآن على الرغم من ظهور الكثير من البرامج بعده؟
– فضل من الله ومن محبة الناس وتحلّقهم حوله، ولأنه خاطب قلوبهم وعقولهم لا غرائزهم وعصبياتهم، ويفرحني أنه إلى اليوم وبعد مضي سنوات على توقفي عن تقديمه، لا يزال حاضراً في دائرة الضوء ويتم تداول مقتطفات من حلقاته على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقوم برامج كثيرة بتقليده حتى لجهة التسمية.