أسماء الأطفال.. رفاهية أم مسؤولية
آية منصور /
تتجنب “بهيّة” (9 أعوام) الحديث عن اسمها، يتغير وجهها وينقلب كلياً وتجيب بعبوس: لا أحبه، أخبرتكم أنني لا أحبه، تضحك والدتها التي تناديها بـ”باربي” وتؤكد لنا أن اختيار هذا الاسم العتيق كان من نصيب والدة زوجها.
-في الحقيقة كنت أنوي أن أسميها “مريم” نسبة لأمنا العذراء، لحبي الشديد لها، لكن زوجي ووالدته قررا أن يسمياها “بهيّة”، اسمٌ لم تتأقلم معه صاحبته كان قسمتها، ولعل البهاء والجمال سيلاحقان حياتها أبداً.
لا تفهم بهيّة هذا الكلام ولا تريده، تفضّل أن يناديها زملاؤها “باربي”، لبشرتها التي تشبه هذه الدمية الجميلة، كثيراً.
كثيرة هي الأسئلة التي يوجهها الأطفال لذويهم بخصوص أسمائهم، بابا ماذا يعني اسمي؟ وهل هو جميل؟ لماذا اخترتم لي هذا الاسم؟ هل يعني لكم شيئاً؟ وماذا كنتم ستختارون لو لم يكن هذا هو اسمي؟ تساؤلات، لا عدّ لها، تنطلق من فضول الصغير وولعه بالشيء الوحيد الذي سوف يبقى ملازماً إياه طوال حياته، اسمه.
كل شيء حدث بكبسة!
تضحك شيماء صادق كثيراً عند سؤالنا عن اسم صغيرتها “تالين” وهي تنظر في وجه زوجها أوس أكثم الذي يبتسم هو الآخر تاركاً المجال لزوجته المحلِّلة في مستشفى الكندي للإجابة:
– عند خطوبتنا أخبرني بوضوح وصراحة وبالحرف الواحد، عن نيته إنجاب طفل واحد، على أن تكون بنتاً، واسمها تالين.
وكأنه زرّ، كبسه وحصل على ما يريد، يخبرانا بذلك ويحدثانا عن حب تالين لاسمها كثيراً، وسؤالها الدائم عنه رغم معرفتها معناه.
– تالا، هي أصغر من فسيلة النخلة، وتالين جمعها، ثم اكتشفنا أن هنالك منطقة في استونيا، شهيرة بأشجارها وخضارها اسمها تالين.
تسارع تالين أحياناً بالإجابة بكلمة “الفسيلة الصغيرة” حينما يسألها أحد عن معنى اسمها، بسعادة ومرح.
السيدة الحنون
اما نور ابراهيم، فترى أن ابنتها، سابقاً، لم تحب اسمها “لانا” إلا بعد أن عرفت أنه يعني “السيدة اللطيفة” باللغة الروسية، و”العش او حنان الأم” باللغة الكردية، لتتصرف على إثر معرفتها معناه، كأية امرأة بالغة النضج رغم بلوغها السابعة من العمر فقط.
– كانت رغبتي قوية باسم “ليان” الذي يعني الرفاهية والسعادة الغامرة، لكن زوجي اعترض واصفاً إياه بالاسم الثقيل.
ولا فرق لدى نور بين “لانا و ليان” طالما كانت صاحبته تفضله وتقوله بثقة كلما أراد غريب معرفته.
– لم أحب اسمي في الماضي، فلا أتمنى لابنتي الموقف نفسه، هي تحب اسمها وهذا كاف.
لا تسمّوه باسم عتيق
وتشير الدراسات إلى أن الأشخاص يميلون لأصحاب الأسماء السهلة عند اللفظ، التي لا تأخذ في العادة طابعاً دينياً، ناهيك عن أسماء الشخصيات المشهورة، في حين يعاني أصحاب تلكم الأسماء من العنصرية غير المباشرة، أو السخرية، وتداول النكات بشأنها، ما يسبب أضراراً نفسية للشخص تلازمه طوال حياته، الأمر الذي يدفع أغلبهم إلى محاولات تغييره، وإن كانت تلك الإجراءات صعبة، كما في العراق.
صباح غير سعيد
أما محمد السوداني، فيؤكد حقيقة خطئه الذي ارتكبه بحق ابنه حينما قرر تسميته “صباح” الذي لاقى بسببه كثيراً من الإزعاجات في الصف الدراسي، لا تنتهي إلا عند وصول المدرّس، بل لربما تتزايد بعد خروجه.
– يعود صغيري كل يوم منزعجاً حزيناً، لأن زملاءه يسمونه صباح الخير، أو صباح النور، والأمر يزعجه كثيراً حينما يسخرون منه بهذه الطريقة، ويؤكد محمد أنه سيساعد ابنه إذا أراد تغيير اسمه يوماً.
الوالدان هما السبب
يرى المختص في علم النفس، حسنين عيكة، أن الوالدين هما أحد المصادر في اختيار الأسماء، وعليهم أن يحسنوا اختيار أسماء أطفالهم، على ألّا يكون الاسم المختار سيئاً أو مكروهاً فتكون له مردودات نفسية خاطئة على الطفل.
– من واجبات الآباء اختيار أسماء مناسبة لأولادهم، ومعاصرة لجيلهم، لكن بعضهم يعتمد أسماء حربية او فكاهية مستقاة من مسلسلات وأفلام، ما قد يسبب الأذى لحامليها، لأنها قد تكبر مع شخصيته وتسبب عقدة له.
ويرى أن مهمة الأبوين في حالات كهذه تنحصر في خيارين: فإما إخراجه من جو كراهية اسمه، وتحبيبه إليه، أو تعليمه تقبّل اسمه وإن لم يكن يحبه، رغم أن الخيار الثاني صعب.
– فرض شيء على الصغار أمر صعب للغاية، وكأنه فرض تكوين الشخصية حسب مزاج الوالدين، لكن لتفادي كل هذا عليهم اختيار الاسم بصورة جيدة او تبديله مبكراً في حالة وجود ردود فعل سلبية.