كذبة بيضاء!
خضير الحميري /
ليس من السهل رسم الحدود الإقليمية التي تفصل بين الكذب الأبيض والكذب الأسود، فالنزاع الحدودي بينهما قائم منذ الأزل، ولا تلوح في الأفق بارقة أمل لتسوية مقبولة تحدد بشكل نهائي ما ينتمي لهذا اللون من الكذب أو ذاك، وذلك بسبب تداخل الحجج والمصالح والتبريرات، فما تراه أبيض قد يراه سواك أسود أو جوزي أو رمادي في أحسن التقديرات، والكذب الذي تنظر اليه من زاويتك الأخلاقية كمثلبة، يحسبه آخرون فناً وفهلوة.
وقد شاهدت قبل أيام برنامجاً وثائقياً شيقاً حول الكذبة البيضاء تضمن لقاءات واستبيانات وآراء لمجموعة من المختصين وقد أجمع أغلب الذين شملهم الاستبيان على أهمية الكذب الابيض في حياتهم الاجتماعية والعملية، وتباهى بعضهم ببراعته في اختلاق الكذبة البيضاء في المواقف السوداء، وقال آخرون ان المهارة في إطلاق وتوقيت الكذبات البيض تتطلب خبرات متراكمة، وإن الحياة مع الصدق المطلق جحيم مطلق، وحرص آخرون على ضرورة تنقية الكذبات البيض من الألوان الدخيلة حفاظا على نصاعتها و براءتها، وكانت آراء المختصين تصب هي الأخرى الى جانب من شملهم الاستبيان وتؤكد بأن الكذب الأبيض يعمل على (تزييت) عجلة حياتنا اليومية ويجعلها أكثر سلاسة.