جولة في ملاهي العاصمة: يوم كان فلمون وهبة يشتغل في ملاهي بغداد وكانت سليمة مراد لا تعجب بعض النقاد!
ارشيف واعداد عامر بدر حسون /
بغداد هذه المدينة الجميلة الرابضة في وسط الصحراء والهاجعة على كتف دجلة، كانت وما برحت تلعب دورا هاما في تاريخ الفن والطرب العربي، فهي مدينة الحب والجمال في الشرق، تصحو ليلاً وتنام نهاراً لشدة الحر اللاهب الذي يعصف بها، فيجعل من نهارها جحيماً مستعراً ومن ليلها جنة من جنات الله في ارضه.
ما ان تأزف الساعة التاسعة حتى يهرع البغداديون الى الملاهي، وما اكثرها لقضاء الساعات النادرة والليالي الملاح في جنباتها وبين حسانها، تعال معنا نطوف هذه الملاهي واحداً واحداً، ولنبدأ بهذا الملهى الذي يقوم في محلة البتاويين خارج بغداد، انه ملهى الجواهري، وفي هذا الملهى تجد فنانات من كل جنس ولون، منهن العراقية والمصرية والسورية واللبنانية والسودانية، فهو اشبه بجامعة امم عربية اجتمعت في ظلال خميلة الجواهري الجميلة، وما ان تدق الساعة العاشرة حتى يفتتح البرنامج “الفني” العجيب بمونولوجات من فنانة صغيرة لا تتجاوز الاربعين من عمرها هي صبيحة سالم وتعقبها مونولوجست تشابهها من حيث السن والشكل و.. وتقف عجائب الجواهري عند هذا الحد، لتبدأ الاعجوبة الكبرى حين يقدم مدير المسرح المطربة سليمة مراد مردخ، باعتبارها كبيرة مطربات الشرق “انتبه جيداً” وتروح في غناء مطاط لا ينتهي الا بانتهاء فضيلة الذوق عند المستمعين الكرام، وبعد ان تقتنع جيداً بانها ليست حتى كبيرة مطربات العراق، ولاول مرة نشهد مطربة تغني بالتلقين، فترى احدهم يقف خلفها ممسكاً بكلمات الاغنية يلقنها اياها، ولأول مرة ايضا نشهد مطربة تغني وترقص وتغمز وتنهر الموسيقيين في وقت واحد، دون ان يؤثر ذلك على لقبها “كبيرة المطربات”.. وبعد ان ترقص الفنانة ليلى زائد وتلقى بعض المونولوجات التي تخلب الالباب، الباب جمهور الجواهري فقط، تعتلي المسرح السيدة مفيدة حموي، وهي مطربة سورية معروفة، والجميل فيها انها لا تكاد تظهر على المسرح حتى تدب الحيوية في الملهى.
وفي اخر شارع الرشيد، وضمن مساحة واسعة من الاراضي يقوم كباريه روكسي الصيفي الذي يعتبر من افخم ملاهي بغداد وتعمل فيه مجموعة من راقصات يونانيات ورومانيات وغجريات اما البرنامج الشرقي فيقوم على الاغاني التي تقدمها السيدة تغريد الصغيرة بمعاونة السيد فلمون وهبه والموسيقي الفلسطيني جميل قشطة، فيقدمون متكاتفين متضامنين على السراء والضراء برنامجاً شرقياً لا تجده في أي ملهى غير الروكسي، ويشرف على ادارة هذا الملهى السيد عبد الجبار السبع وزوجته السيدة بهية أمير، ويكفي ان تشترك بهية في ادارة ملهى ما حتى يكون زينة الملاهي في البلاد العربية وفي منتصف شارع ابو نؤاس يتربع كاباريه هافانا وسط حديقة جميلة تؤمها طبقة راقية من الرواد لقضاء سويعات جميلة ممتعة بين الاشجار والازهار وصوت فتاة دمشق، وكما يتهافت الفراش على النور كذلك يتهافت الشباب العراقي على الهافانا لرؤية فتاة دمشق وملكة جمال بغداد.