أكشاكُ الثقافةِ في عمّان.. الكتابُ العراقي حاضرٌ ومطلوب
يعرب السالم /
تزدحم بالمكتبات وكذلك بأكشاك الكتب المتنوعة التي تلون الأرصفة في (وسط البلد) كما يسمى مركز المدينة. وتعتبر عمّان ملتقىً فكرياً لكل العرب والجاليات الأوروبية من مختلف الجنسيات لكثرة المعارض التي تقام فيها وتعدد النشاطات الثقافية والاجتماعية.
فمروراً بدار الأهلية أو دار أزمنة أو دار فضاءات أو دار الشروق أو كشك الطليعة أو كشك حسن أبي علي وغيرهم ممن احترفوا، بل أدمنوا، بيع الكتب في عمّان فإنك تجد أن الكتاب العراقي حاضر في أغلب الأماكن والمكتبات من خلال عناوين عراقية تهتم بالتاريخ والسياسة والفن والأدب والطب والهندسة والسيرة الذاتية، بالإضافة الى الكتاب الأكاديمي ومجالات فكرية أخرى عديدة.
من خلال زياراتنا الى العديد من المكتبات والأكشاك، فإن أغلبهم يؤكدون أن الكتاب العراقي له حضور طاغٍ ويحظى بإقبال واسع للقرّاء، وأن الكتب ذات الطابع السياسي التي تتحدث عن تاريخ العراق المعاصر أو الروايات التي تروى أو تتناول أحداث العراق على صعيد الحياة اليومية مرغوبة جداً وتنفد بسرعة من المكتبات.
تحدث لنا السيد سامي، صاحب كشك الطليعة بعد أربعين عاماً قضاها في بيع الكتب، مؤكداً أنه مهتم بالنتاج الفكري والثقافي العراقي، مشيراً الى أهمية المطبوع العراقي والى اختفائه في فترات سابقة، لكنه عاود الظهور بقوة في عام 2010 من خلال دور نشر عربية وأجنبية وخاصة، وأنه شخصياً يهتم بالنتاج الأدبي العراقي، مشيراً الى آخر الإصدارات العراقية التي يعرضها في واجهة الكشك الى أنها أسهمت في تعرفّه على العديد من المثقفين العراقيين وكذلك الفنانين.
وتشكل الأكشاك المتخصصة ببيع الكتب ظاهرة ثقافية جميلة في العاصمة عمّان، فهي إحدى دلائل الثقافة والوعي الإنساني، وبالأخص مع أولئك الذين يتعاملون مع إكسير العقول، ألا وهو القراءة.
ومن الملاحظ أن هذه الأكشاك هي قبلة كل السيّاح والزائرين لأنها ذات جمالية خاصة تشتمل على الممنوع والمرغوب ونفائس الكتب، فأول مايجذبك إليها الأغلفة البرّاقة الملونة المصنوعة بعناية فائقة والعناوين المميزة كفاكهة للقراءة، وتكمن المتعة الحقيقية للمثقف عندما يتصفح هذه الكتب ويتجول بين الثقافات والعوالم التي تعيش بأناقة بين صفحات الكتب.
هذه الأكشاك الثقافية هي ملتقى آخر للمثقفين من كل الجنسيات وإن تعددت أو اختلفت مواقعها، فهناك كشك الثقافة العربية لأبي علي، وكشك المعايطة وكشك فتحي العوضي وكشك رياض برهومة وكشك أحمد الكايد وكشك سليمان الحوراني, وغيرها من الأكشاك الثقافية التي تختص ببيع وشراء الكتب، بل أن الغالبية من أصحاب الأكشاك يتعاملون مع المطابع الأردنية والعربية والأجنبية وبإمكانهم طبع الكتب.
وكأن الثقافة متلاقحة مع بعضها البعض أو أن ميول المثقفين متشابهة، ففي يوم الجمعة، كما في شارع المتنبي ببغداد، يلتقي المثقفون والأكاديميون والفنانون والشعراء والإعلاميون والقرّاء في هذه الأكشاك لتكون متنفساً ثقافياً لهم يُمكنّهم من الاطلاع على الجديد من الإصدارات الروائية والشعرية والقصصية والعلمية، ومكاناً لتبادل التهاني بصدور كتاب جديد أو اقتناء كتب وتبادلها مع بعضهم البعض أو التوقيع على إصدار جديد لمؤلف.
تبقى أكشاك الثقافة بعتاقتها المضمخة برائحة الكتب وزبائنها، على تعدد مشاربهم، ظاهرة ثقافية وجمالية تحمل ألقاً من نوع خاص، هي تميّز الحرف وسطوته في عالم متصارع لايستقر ليبقى الكتاب رسالة للمحبة والسلام أينما حلّ.