كلمة أولى

1٬370

رئيس التحرير/

الاحتضان في اللغة تعني: “ألقى بنفسه بين أحضانه وسلَّم أمرَه إليه”، أو”تلقّاه بالأحضان ورحَّب به”، و”حضَنه، أي ضمّه إلى صدره، أو عانقه”. و”الحضن مأوى الطَّير والحيوان”.. كل هذا المعاني لا تنطبق على المعني الجديد الذي اجترحه عراقيون وأضافوه لقاموس اللغة العربية، إنه “احتضان الانتحاري والموت معه” من أجل انقاذ مايمكن انقاذه من أرواح الأبرياء.

نعم إنها شجاعة فريدة من نوعها لاتعرفها البشرية من قبل. أن تلقي بنفسك عنوة على قنبلة جاهزة للتفجير لتموت في غالب الأحوال، مع أنه بإمكانك ان تهرب وتنقذ نفسك من الموت.
آخر هؤلاء الأبطال كان الشرطي “سعد علي ثابت” الذي امسك بانتحاري حاول عبور نقطة تفتيش أمنية في مدينة الكاظمية. وقبل سعد كان أحد جنود الفرقة 12 في الجيش العراقي قام بإحتضان انتحاري كان يروم تفجير نفسه في مركز انتخابي في الحويجة فاستشهد. وفي الموصل ضحى جندي من الفرقة الثانية بنفسه بعد احتضانه انتحارياً لينقذ زملاءه. وفي ديالى منع احد الجنود انتحاريا من الاقتراب من جموع المتطوعين في صفوف الجيش، ما أدى الى تفجير حزامه الناسف. وكما أذكر قام ضابط باحتضان أرهابي حاول دخول مركز انتخابي وكان ذلك في انتخابات 2005 واحبط شرطي من افراد حماية مركز انتخابي في قضاء بيجي شمال تكريت، هجوما انتحاريا استهدف المركز.. واصبح الشرطي حيدر ماجد أحد ابرز ابطال قضاء بلدروز في محافظة ديالى عندما استشهد وهو يحتضن انتحاري لمنعه من تفجير نفسه.

انها قصص لم ترد في سفر الشجاعة إلا نادرا يجترحها مواطنون يعيشون على الهامش ولا يملكون سوى ضمائرهم الحية وغريزتهم في التضحية من أجل الآخرين.

استمعت للشجاع الأخير “سعد علي ثابت” وهو يتحدث بهدوء وتواضع عن تصديه للإرهابي في الكاظمية، يقول سعد: الشيء الوحيد الذي فكرت به حال إدراكي أنه انتحاري يريد تفجير نفسه على الناس العزل, هو دوري في حماية الناس, خصوصاً إن من بين الناس القريبين على السيطرة كان عدد من النساء والأطفال.
أحد جنود السيطرة لم يكتف بمساعدة زميله على الامساك بالارهابي واحتضانه، بل أخذ معه سيلفي للذكرى!
نعم..عراقيون يغيرون قاموس اللغة ويمنحون الشجاعة معاني وأوصافا جديدة!