جسر للطيبين!

1٬709

خضير الحميري /

من تعابير الأريحية العراقية المحببة، شأنه شأن (تتدلل) و(تؤمر) و(من عيني) يرد في حالات الجد والهزل معاً، وغالباً ما يكون مصحوباً بأرجحية الكف المفتوحة وهي تهبط على الصدر للدلالة على استعداد صاحبها لمساعدة المتكلم عن طيب خاطر بلا ثمن ومهما كان الثمن، والتعبير بصورته (الأصلية) مشحون بمعاني التضحية الخالصة من دون إنتظار مقابل وقد اتخذ من عطاء وصمت وصبر وثبات الجسر عنواناً بليغاً على الإيثار.
إلا أن هذا الجسر الذي يُزكي عابريه ويصفهم بالطيبة، انتشرت له استخدامات ودلالات تهكمية موازية تكاد تطمس الدلالة التي ولد من رحمها التعبير أول مرة، فهو يُستخدم في طبعته الجديدة (المقلَّدة) للاستخفاف ممن يُقدم على إبداء المساعدة النقية، وحين يقال عن أحدهم بأنه (جسر للطيبين) فهي إشارة الى أن الموصوف يمكن استغفاله واستغلال طيبته ثم ركله بعد العبور على ظهره المتعب الى الضفة الأخرى، لأنه بالتعبير الدارج (كمش).
ولذلك .. وتحت وقع الركلات المتكررة، بدأت (الجسور) الكريمة إجراءات صارمة للتحقق من (طيبة) العابرين، تحسباً من تحولها مع مرور الزمن إلى …
(جسر لمن هبَّ ودبّ)!!