“أبو شنيور” و”القره قوز” يبكيان طارق الربيعي
#خليك_بالبيت
أحمد سميسم /
من عاش طفولته بين الخمسينيات والسبعينيات يتذكر شخصية (أبو شنيور) في برنامج الدمى المتحركة (قره قوز) الذي كان يعرضه التلفزيون العراقي في تلك الحقبة الذي استمر عرضه على مدى عقود طويلة حتى تموز عام 2000 إثر وفاة الشخصية المحورية فيه الفنان أنور حيران واستمر تقديمه على المسارح المتنقلة والمناسبات والاحتفالات الخاصة والعامة حتى عام 2007.
(أبو شنيور) أصبح يتيماً، فقد توفي من كان يحركه على المسارح والبرامج، الفنان طارق الربيعي أحد أبرز قامات مسرح الدمى في العراق رحل عن عمر ناهز (83) عاماً تاركاً أعماله الفنية التي تخلّد ذكراه.
سعادة الأطفال
ولد الراحل في العام 1937 وبدأ العمل في الإذاعة ومن ثم التلفزيون وواكب انطلاق بث التلفزيون العراقي عام 1956، إذ قدّم مع زميله “أنور حيران” البرنامج الشهير آنذاك “قرقوز”، الراحل كان من أوائل من عمل في فنون الدمى لا سيما (الماريونيت) وهي دمى خيطية تحتاج مهارة بتحريكها، تأثّر الربيعي بالفنان المصري (شكوكو) ودرس في معهد العرائس للدمى في مصر وتدرّب على يد الفنان “صلاح السقى” وهو مخرج أوبريت “الليلة الكبيرة”، رحل من كان مصدراً لسعادة الطفل والأسرة على مدى عقود من الزمن عبر برامجه الترفيهية المتنوعة الجميلة.
الشبكة وآخر حوار
“مجلة الشبكة العراقية” كانت قد نشرت آخر حوار صحفي للراحل الفنان طارق الربيعي أجراه الزميل “علي الكناني”، تحدّث فيه الربيعي عن أهم محطات حياته في عمله الفني المسرحي نذكر منه بعض المقتطفات: يقول الربيعي كانت رحلة الانطلاق نحو الشهرة عبر البرنامج التلفزيوني “قره قوز” حين التقى مع صديق عمره الفنان الراحل “أنور حيران” عام 1955 في المهرجان الفني الاستعراضي الذي أقامته آنذاك إحدى الفرق الفنية المصرية على حدائق لونابارك في شارع السعدون ببغداد، إذ قدمت هذه الفرقة من بين عروضها مشاهد تمثيلية بألعاب الدمى المتحركة، فجذب ذلك انتباه الفنان طارق الربيعي في تعلم طريقة تحريك الدمى والعمل مع حيران معا في الإذاعة ضمن برنامج إذاعي اسمه ركن العمال وانضم إليهم كذلك المطرب عبد الصاحب شراد الذي كان في بدايات مسيرته الفنية آنذاك.
زنوبة واسبرنس
(أبو شنيور) و (زنوبة) و (كنو) شخصيات محبَّبة للأطفال حرص الربيعي وحيران على تقديم تلك الشخصيات باللهجة الشعبية الدارجة، الدمى كانت تصنع من الخشب والقماش وتلبس باليد وتحرك بالتناغم مع الحوار، ولعل من الطريف أن دور زنوبة قد أدته موظفة تعمل كاتبة طابعة في الإذاعة اسمها “اسبرنس” مقابل أجر قدره دينار واحد عن كل حلقة، إذ كان مجموع الأجور للبرنامج هو 15 ديناراً .
كما شارك الراحل في أعمال تلفزيونية كان منها تمثيلية (6 كراسي) مع الفنان حمودي الحارثي وآخرين، وكذلك تمثيلية “مجنون ليلى في الريف” مع الفنان سلمان جوهر، وأيضا “سفينة الحكايات” مع الفنان سامي قفطان، و”ماكو جارة” و”لن نموت” وغيرها، أما في السينما فكانت لديه مشاركة واحدة فقط هي في فيلم “الجابي” مع الفنان أسعد عبد الرزاق وراسم الجميلي وآخرين.
استذكار وفاء
الفنان المسرحي الدكتور حسين علي هارف تحدّث قائلاً: ودّع المسرح العراقي والوسط الفني أحد رموز فن الدمى في العراق، تاركا إرثاً فنياً وسجلاً حافلاً بالعطاء للطفولة وفنونها ومن بصمة إبداعية لن تمحى، لذا سيبقى فقيدنا طارق الربيعي خالداً في ذاكرتنا وذاكرة الثقافة العراقية والفن والإعلام وفنون الدمى وفي ذاكرة تلفزيون العراق الذي كان أحد رواده والعاملين فيه منذ تأسيسه، وآخر عمل فني للراحل الفنان طارق الربيعي هو مسرحية (بغددة) التي قدمناها قبل سنتين بمناسبة احتفالية يوم بغداد من تأليف رحيم العراقي وإخراج حسين علي هارف، رحم الله فقيدنا الفنان الراحل وعهداً أن نبقى على عهده ومسيرته ومبادئه من أجل الطفولة وثقافتها وفنونها.
دموع خالد جبر
من جهتها قالت الباحثة والمختصة في مسرح الدمى الدكتورة زينب عبد الأمير، مسيرة حافلة من العطاء والريادة في فن الدمى للراحل الكبير الفنان طارق الربيعي الذي يعد من الرعيل الأول الذين واكبوا البدايات الأولى للبث التلفزيوني المباشر يوم كان بالأسود والأبيض وبالتزامن مع تلك البدايات للتلفزيون اتفق مع زميله الفنان الراحل أنور حيران على مواصلة تقديم برنامج “قره قوز” بعد أن غادره مقدمه الأول عبد الستار عبد الرزاق لتطوعه في الجيش.
الى ذلك قال الرسام الفنان خالد جبر صديق الراحل الربيعي، بكيت بحرقة وألم وحسرة عند سماعي نبأ وفاة صديق عمري الفنان طارق الربيعي بعد أن تركني وحيداً ليرحل عن هذا العالم بعد أن أدى رسالته في خدمة الطفولة، كان يسأل عني دائما ويتفقّد صحتي، رحمه الله برحمته.