هل نعود لتسميةالمدارس من جديد؟!
علي غني /
لم يكن (محمد سلمان)، الذي وجدته يتكلم بصوت اقرب الى التوسل مع مديرة ابن الارقم في حي السلام احد الاحياء في الكرخ لاكتب تحقيقا صحفيا عن المدارس الجاذبة والطاردة للتلاميذ، غير انسان بسيط يطمح ان يدرس ابنه الصغير في مدرسة متميزة، يختارها بنفسه، لكن الضوابط لم تنطبق عليه كونه من منطقة اخرى، في حين كان (ابا عمار) واثقا من قبوله في المدرسة التي خرجت ابنائه الى مدارس المتميزين، هذه الظاهرةلم تقتصر على العاصمة بغداد،وانما امتدت لجميع محافظات العراق.
لماذا هذا التوسل؟
اعود لمديرة ابن الارقم الابتدائية الست ابتسام مخيف، واسالها، لماذا هذا الاصرار على مدرستك؟، فاجابت: ؟ ان هناك بعضا من اولياء الامور يقولون، ان المدارس التي ضمن رقعتهم الجغرافية فقيرة في ملاكاتها التربوية، وليس لديها الخبرة الكافية في التدريسن،ناهيك عن التعامل غير الجيد من بعض الادارات،اما نحن فمشهود لنا بتخريج اعداد كبيرةمن التلاميذ الى مدارس المتميزين،وهذا العام تخرج اكثر من 32 تلميذا من مدرستنا ليلتحق بتلك المدارس، ثم استرسلت بالحديث الست ابتسام: واحدة من اسرار التعليم ان الاهالي يحبون الادارة التي تتابع اولادهم، وتحتضن المواهب،ولاتلجأ لاسلوب العنف، ونحن نطبق هذه القواعد الذهبية،لذلك وجدت اصرار هذا الانسان البسيط(محمد سلمان) على قبول ابنه في مدرستنا.
ولم يكن حال الست ندى مالك عبد الحسين مديرة الابتهال، احسن من حال زميلتها مديرة ابن الارقم، فسمعت أولياء الامور،وأنا أنتظرها في الادارة، يقولون اذا لم نسجل اولادنا في مدرستك سنلجأ الى التوسط لدى المدير العام للتربية، فاشارت لي وانا جالس بالقرب منها، انظر الى الاعداد الكبيرة التي تأتينا من خارج الرقعة الجغرافية، ان هذا الضغط الكبير علينا، يجبرنا ان نزيد اعداد التلاميذ بالصف الواحد،لاسيما تلاميذ الصفوف الاولى.
فيما عزا مدير مدرسة بلاد العرب حامد عزيز الخفاجي الى انجذاب اولياء الامور الى المدرسة نتيجة التعامل المهذب معهم فضلا عن نظافة المدرسة واعداد التلاميذ بالصف.
واضاف الخفاجي :المدرسة تمتلك تقاليد محببة للطلبة،منها الزي الموحد لكل مرحلة، ووجود المكتبات والحدائق، كما ترتبط الادارةوالمعلمات مع التلاميذ بعلاقات تربوية وانسانية قوية، وكل هذه الامور اسهمت في التفوق والحصول على نسب نجاح عالية في الامتحانات الوزارية ودخول مدارس المتميزين.
مقترح تسمية
مدير الاشراف التربوي فاضل خلف عزيز في تربية بغداد الكرخ الثا نية، اكد لنا ان سبب انجذاب الناس لهذه المدارس، كونها تمتلك سمعة جيدة منذ تأسيسها، وحافظت على سمعتها على الرغم من تعاقب المديرين على ادارتها فضلا عن بعضها تمتلك دواما واحدا لذلك يفضلها اغلب اولياء الامور (الموظفين).
واضاف عزيز: انا اقترح ايجادتسمية لهذه المدارس على غرار مدارس المتميزين او التحدي او المتفوقين، لحث المدارس الاخرى على التنافس،لتصل الى مستواها العلمي والتربوي، ونخلق الاستقرارلجميع المدارس.
في حين راى زميله مدير الاشراف الاختصاص عبود الكعبي: ان الوصول الى التميز في المدارس يتطلب قدرات خاصة لادارات المدارس و الملاكات التدريسية،وهو امر طالما اكدنا عليه في كل الاجتماعات التربوية مع ادارات المدارس، لتوفير بيئة تربوية جاذبة لجميع الطلبة في شتى مستوياتهم،كما نؤكد على اشراك الادارات والمدرسين في جميع الدورات التطويرية.
واوضح المشرف التربوي كاظم شنيشل الفريجي،ان احد الحلول التي نقترحها،هو ارسال لجان خاصة للوقوف على السلبيات التي تعاني منها المدارس غير الجاذبة في رقعتها الجغرافية، وتوجيه الادارات بكيفية التعامل مع الطلبة، وتوفير الملاكات التعليمية الجيدة.
توفير المستلزمات
قلت لربما ان المدارس الجاذبة تتميز بوجود مستلزمات او وسائل ايضاح،أو رحلات او سبورات ذكية او غيرها دون ان تمتلك المدارس الاخرى هذه المميزات، لكن مدير الادارةوالتجهيزات في تربية الكرخ الثانية، رعد شخير، اقسم لي بان جميع المدارس تزود بالمستلزمات التربوية، ونحن حريصون على توفير كل ما هو ينجح العملية التربوية،كما لدى المديرية ورشة لانتاج الاجهزة المختبرية تعد الاولى بين المديريات العامة للتربية في العراق،وحضيت باهتمام وزراء التربية، فتميز بعض المدارس عندنا يعود للادارة الناجعة وانسجام ملاكاتها التربوية.
نحتاج لدعم الوزارة
نقلنا تصورنا للدكتور قيس الكلابي المدير العام لتربية بغداد الكرخ الثانية، المعروف بارائه التربوية الصريحة،فكان جوابه واضحا: حتى نعالج هذه الظاهرة علينا الارتقاء بالمدارس الاخرى،كما ان هذا الموضوع يحتاج الى دعم وزارة التربية والمحافظة لتوفير تخصيصات مناسبة تمكن المديريات العامة للتربية من تطوير مدارسها،لاسيما في مجال الابنية المدرسية، الى جانب الحل الامثل والعادل لتوزير الابنية في المناطق السكانية،علما ان هناك العديد من قطع الاراضي التي تعود ملكيتها للمديرية العامة للتربية.
واوضح الكلابي: بان المديرية لديها خطة لبناءالعديد من المدارس بالامكانات المتيسرة لها، وبالفعل نفذنا العديد منها في منطقتي الدورة والمحمودية،وفق احدث التصاميم الهندسية ستسهم في تفكيك هذه الظاهرة، الى جانب تهيئة الملاكات التعليميةوالتدريسية الجديدة وتطويرها عن طريق الدورات العلمية المدروسة.
وعن سؤلنا بان يسهم أولياء امور التلاميذ ببناء اجنحة خاصة في المدارس الجاذبة مقابل تسجيلهم في تلك المدارس، اجابنا: لدينا في العراق مبدأ اساس هو مجانية التعليم، فاي خطوة جديدة في واقع التربية يجب ان تعدل القوانين في البرلمان.
المشكلة مازالت
بعد هذه الجولة تبين ان أولياء الامور مازالوا يبحثون عن المدارس الجيدة ويفضلوها حتى لو كانت بعيدة عن سكناهم، ونحن بدورنا نناشد وزارة التربية بالاخذ بالاقتراحات التي تناولها أصحاب الاختصاص في هذا التحقيق الصحفي.