كلمات سومرية ما زالت متداولة في اللهجة العراقية
هناء العبودي /
يعد العراق من أغنى البلدان ثقافياً وحضارياً، ليس عربياً فحسب، بل على مستوى العالم أيضاً. فقد سكنت العراق منذ القدم أقوام كثيرة، كان أقدمَهم السومريون، الذين اخترعوا الكتابة المسمارية. لكن الأقوام التي تلَتهم كانت هي السبب في انتشار أغرب الكلمات في اللهجة العراقية، وتداخلها ما بين اللغات الخاصة بكل شعب من الشعوب التي سكنت في العراق، تدل على عراقيتهم وعلى أنهم السكان الأصليون للعراق.
هذه مجموعة من الكلمات التي ما زلنا نستخدمها كثيراً في حياتنا مقرونة بمرجعياتها التاريخية:
1-(مو): هي في الحقيقة من بقايا التراث اللغوي السومري، وهي أداة الجملة الفعلية السومرية التي تبتدئ بها أية جملة، إذ لا يمكن لجملة سومرية أن تتكون وفيها فعل إلا باستخدام بادئة هيMU . اختفت السومرية وبقيت منها (مو) فقط، ويستعمل العراقيون كلمة (مو) في لهجتهم الشعبية، وهناك ستة استخدامات مختلفة لها لحد الآن؛ وهي: (مو) النافية، بمعنى ليس (أنت كسرت الاستكان ؟ والله مو آني)، و(مو) الناهية بمعنى لا تفعل (مو تشغّل المبردة بلا ميّ)، و(مو) الاستفهامية بمعنى أليس كذلك؟ (عمرنا راح يخلص مولدة لو وطنية…مو بالله؟)، و(مو) السببية بمعنى لأن (الأب: ابني ليش ليهسه مجايب صمون؟ الابن: يابه مو المخبز معزّل اليوم)، و(مو) الظرفية بمعنى عندما (مو تنزل للسوك… اشتريها بدربك وفضنه)، و(مو) التوبيخية (مو كِتلك جم مرة لا تروح يمهم؟)، وأخيراً (مو) التحذيرية (مو كتلك نزيزة الكاع … بردي الزرع مو عنبر).
2-إشروكي: كلمة سومرية ليست في حقيقتها انتقاصاً من القادمين من الشرق، فالشروكي هو السومري المستوطن، أنا شروكي إذن أنا سومري وعراقي أصيل.
3-كا: وهي كلمة مرادفة لـ (لعد) في بغداد، يستخدمها أهل الجنوب بكثرة، فيقولون: (كا شلون؟) بمعنى كيف إذن، وهذه الكلمة مقتصرة على العراقيين الجنوبيين فقط وأصلها من (كا) أو (قا) الآرامية.
4- كش: تقول النساء العراقيات (كش بُرد حيلك) أو (كش برّه وبعيد) لطرد الشر أو للتخلص من الشؤم, وكش فعل أمر بمعنى ابتعد أو انصرف بعيداً, وأصلها في السومرية (كاش) وتعني اهرب أو انصرف، وهي المفردة المستعملة في لعبة الشطرنج ذاتها.
5-(ماشة) و(مشط) وهي من الأكسسوارات النسائية التي تربط بها خصل الشعر، والكلمة سومرية الأصل وتعني الرأس (ماش) أو ما يرتبط به، أما (مَشط) فهي في الأكدية (مُشطو), ومشط محققة في الأكدية عن الحقبة الآشورية والبابلية القديمة.
6-بلابوش: قليل الحياء، الذي لا يستحي، بلا تعنى بدون و(بوش) كلمة آرامية قديمة تعني الخفر أو الحياء. وبلابوش تقال للشخص القبيح أي (بلا حياء)، وبوشي أو بوشية: النقاب.
7-طركاعة: هيجان عظيم، واضطراب شديد، أو أمر جلل, وهي مشتقة من الجذر الثلاثي الآرامي (ط ر ق) بمعنى: يخفق، يخلط، يقلق (الهدوء والسكينة). فنقول (طرك البيض) أو(طرك اللبن) بمعنى خفقه وحركه، و(طركا أو طركاءة) اصبحت بعدئذ طركـاعة ـ هي بمعنى : تشويش، اضطراب، إقلاق، إزعاج أو فوضى.
8-يدك حدادي: يقولها العراقي عندما يقع في ورطة لا يعرف لها منفذاً ومعناها بالآرامية : يضرب كفاً بكف.
9-اسليمة: تعبير (اسليمة كرْفـَتـَـه) يطلقه العراقي من باب الدعاء بالشر على من لا يطيقه. و(سليمة أو سليموت) بالبابلية والآرامية تعني الموت أو شبح الموت والفعل (كرف) يعني جرف اي أخذ، وعبارة (اسليمة كرفته) عبارة تمني بمعنى ليت الموت يأخذه.
10-تمريخ: من (تمروخ) الآرامية بمعنى الدعك أو المساج، يقول العراقيون: مرّخوله رجله وفاخ من الوجع، أي دعكوا قدمه وارتاح من الألم، أما كلمة (يفوخ) فهي من الجذر الآرامي (فوخ) بمعنى يرتاح، يقول العراقي : أفوّخ الجمجمة بمعنى أريح الرأس.
11-سكّان: دفة السفينة أو مقود السيارة وتلفظ في الأكدية (سكانّو) وفي السومرية (زي – كَان).
12-طرئوزي: خيار القثّاء، ترع أوزي، (ترع عوز) قرية قرب حرّان وتعني باب الزهرة، وكان صابئة حران يزرعون هذا النبات الحلو في أطرافها، وهو من عائلة الخيار والبطيخ، لفوائده الطبية، وبعض العراقيين الجنوبيين يسمونه (طرح)، ولاسيما في الناصرية. أما في محافظات الوسط فيسمونه عطروزي أو تعروزي.
13-بوري: يستخدم العراقيون كلمة (بوري) للدلالة على الأنبوب، وكلمة (بوري) هي كلمة عراقية أكدية قديمة تعني قصبة البردي المجوفة وهو النبات المشهور الذي ينبت في أهوار العراق، ومنها جاءت كلمة (بارية) وجمعها (بواري) أي حصيرة القصب، وقد ابتكر العراقيون معنى آخر للبوري فيقولون اليوم: فلان انضرب بوري، بمعنى نـُصـب عليه، احتالوا عليه واستغفلوه, أو قد تعني من يفشل في عمل أو يخسر في صفقة.
14-عزا: تقول النساء العراقيات عزا بمعنى ـ المصيبة ـ والعزا (أزا) وهي كلمة آرامية وتعني النار المتقدة ـ الحريق أو الكارثة التي تنجم عنه- ومنه أيضاً التعزية والعزاء.
15-كَباب: لحم مشوِي, وفي الأكدية (كبابو).
16-كـرخ: وتعني أسطوانة أو عجلة أو شكل مدوّر, وهي سومرية الأصل, ومنها اشتقت كلمة الكرخ للتعبير عن بغداد المدورة.