المصور صادق جعفر الطبيب الذي طلّق الطب واقترن بالكاميرا
محسن إبراهيم /
كل شخص يولد بموهبة معينة، تحركه وترسم ملامح خطواته الأولى في عالم متعدد الفنون، ليس المهم ما نوع تلك الموهبة، لكن الأهم هو كيفية صقلها وتوظيفها وإظهارها بحلّة تختلف عن المألوف. التصوير الفوتوغرافي هو أحد تلك المواهب التي تتكلم بلغة العيون ولها لغتها الخاصة التي تترجم بصمت من خلال زر آلة التصوير ربما استطاع بعض المصورين أن يحوّلوا الصمت إلى لغة تشير إلى مغزى ورسالة.
المشاعر الكامنة في أعماق نفس المصور وتضمينها في لقطة ما يستطيع بها أن ينقل ويدمج المشاعر التي أحس بها أثناء مشاهدته للمنظر المراد تصويره, كل هذه الأمور تتطلب من المصور أن يكون ملماً بمصطلحات وفهم عمل الآلة، التكوين وقراءة المشهد والدمج ما بين الواقع والخيال، ليكون إحساساً يترجم إلى صورة نابضة تشتمل على عوامل الجذب، والتلاعب بمشاعرالمتلقي.
المصور العراقي صادق جعفر قرر أن يدخل هذا المجال وأن يخرج عن المألوف في فن الفوتوغراف.
من الطب إلى التصوير
صادق جعفر، مصور عراقي شاب، عاش وترعرع في بغداد. دخل جامعة (ترنوبل) الطبية في أوكرانيا لدراسة الطب، وقرر فيما بعد أن يسبر أغوار عالم التصوير ويطور موهبته بشكل شخصي. بعد إتقانه لفن التصوير، دأب جعفر على تطوير نفسه أكثر لتقديم شيء فريد مختلف وغير مألوف في عالم التصوير فيه الكثير من الجرأة والمزج بين المكياج والتشكيل والتصوير. بدأ خطواته الأولى في تعلم فن المكياج من الإنترنت، فضلاً عن تعلم صناعة الأكسسوارات والخياطة وتصميم الأزياء كي يستخدمها في جلسات التصوير، وما بين الواقع والخيال وما يعانيه محيطه ظهرت صور جعفر لتعلن موهبته في خلق عالمه الخاص، فقد استخدم خياله لتحويل صور فوتوغرافية إلى صور سوريالية بطريقة احترافية مميزة. معظم صوره تندرج تحت تصنيف التصوير السوريالي من حيث الشكل والمضمون، فهو يؤمن بأن كل صورة تحكي قصة خاصة، أو تحمل مغزى معيناً يوصله إلى المشاهد. تركيب وانسجام يميزان تلك الصور بحلّة جميلة، حين تتداخل ويعضد بعضُها بعضاً، أو حتى حين تتعارض وتتناقض، فهي تنبعث من أعماق الاختلاف عمّا هو سائد ليصبح فناً آخر، يختط موضعاً متميزاً في فضائه ويعيش في ثناياه.
شغف الفن
نشأ جعفر في بيئة محبة للعلم من أم طبيبة وأب طيار، وعلى الرغم من قلة الأشياء المشتركة بين الطب والفن، لجأ إلى الفن لأنه استمع إلى ذلك الصوت الذي في داخله ولم يستطع كتمان هذا الشغف بالفن. وبعدما تطورت هوايته وترك الطب أحس أن موهبته قد طغت على كونه طبيباً وأحس أن تلك الموهبة ربما تكون أكثر فائدة من الناحية الفنية والثقافية. الأعمال التي يقدمها جعفر تعكس الواقع الحياتي المُعاش في العراق، “العراق هو أساس الحضارة والعلم والفن،” كما يقول، وإن الحروب وضعته في ذيل ركب التطور في مجالات شتى. وبخصوص عمله، يضيف جعفر، أن العمل الواحد يحتاج من أسبوع إلى شهر لكي ينجز بشكل كامل ويظهر في الصورة التي رسمت له مسبقاً، ويتم اختيارالموديل حسب ستايل الصورة والرسالة التي يريد توصيلها من العمل. النقطة الأهم في كل الأعمال هي الكاريزما التي يتمتع بها الشخص وتظهر بوضوح عبر العدسة. يضيف: من تجربتي واختياري اتباع حلمي وليس ما يفرض عَلي، أحب أن أقول أن على الشباب أن يحاربوا من أجل حُلمهم وطموحهم مهما يواجههم من صعوبات ومشاكل. أنا بدأت من لا شيء وأصبحت ما أنا عليه اليوم، وعلى كل فنان في بداية طريقه ألا يستسلم وأن لا يترك أحلامه وأن يتغلب على كل الصعاب التي يمكن أن تواجهه في بداية مشواره.