دردمة
خضير الحميري /
الدردمة.. مصطلح عراقي قح، يعبّر بشكله السائد عن الرفض والمعارضة والانزعاج، الانزعاج من سلوك معين أو وضع معيشي أو ظرف شخصي أو موقف تعيس، فنحن ندردم حين لا يعجبنا شيء، وندردم حين نتعثّر بشيء، وندردم أحيانا للا شيء!
ومن أجل أن لا تختلط عليكم الأمور، فإنَّ للدردمة أصولها، فهي تنطلق من (ضوجة) عميقة يضاف اليها موقف بايخ، كأن تراجع دائرة لتتابع معاملتك التي مضى عليها أكثر من شهر.. فيقال لك إنَّها عند محمود، فتستبشر خيراً وتسألهم أين محمود، فيجيبونك بأنَّه مجاز لمدة شهر.. فلا يمكنك أن تكبت رغبتك الدفينة بالدردمة التي قد تستمر في هذه الحالة لمدة شهر.
أو إنك تعمل وتكدّ وحين تذهب لتسلم أجرك يقول لك المحاسب (ماكو) تخصيص، فليس أمامك سوى أن ترفع عقيرتك بالدردمة، أو تذهب لشراء دوائك المعتاد من الصيدلية وتجد أن سعره قد قفز بشكل مفاجئ وكأنه كنغر، فتمدّ يدك وتدفع صاغرا، وأنت تدندن بمقطع مناسب من .. مقام الدردمة..
ومن خلال متابعتي للمدردمين عموما، فهم يبدون بوجوه غاضبة وجباه معنكشة وقلوب بيضاء، يصدر عنهم كلام أقرب الى التمتمة أو الدمدمة أو الشتممة (من الشتيمة)، كأنهم يكلّمون أنفسهم ويكلّمون الناس أجمعين في الوقت ذاته. وهم بذلك يؤدون ما تؤديه السلسلة المعدنية التي تتدلى من نهاية شاحنات الوقود لتسريب الطاقة الفائضة إلى الشارع منعا لاشتعال الشاحنة .. وانفجارها مع حمولتها!