فايروس الحقيقة!
محسن إبراهيم /
تمرد على الواقع هكذا توصف الدراما، تلفزيونية كانت ام سينمائية، وليس مثل ما يعتقد البعض انها صدى الواقع ومرآته، ولكل كاتب وجهة نظر يسطرها على الورق معلنا تمرده ورفضه لما هو معيش، وربما يتجه البعض لوضع الحلول الناجعة أو يتصدى لحركة تصحيحية للمجتمع عبر الكتابة، فالدراما كائن لا يستطيع التنفس إلا في بيئة واقعية تكون الأرضية المناسبة التي يستند إليها الكاتب لتقديم فكرته وحالة الرفض إزاء حدث ما، ومسألة الواقعية في الدراما هي مسألة نسبية تختلف فيها الروئ من كاتب الى آخر، فبعض الناس يرون الجانب المشرق من الواقع وبعضهم الآخر يرون الجانب المظلم، واختلاف الروئ سينسحب على المشاهدين تلقائياً فينقسمون إلى فريقين ما بين مؤيد ورافض، وهذا ما حدث حين عرض مسلسل (فايروس) للكاتب أحمد هاتف الذي عُرف عنه الخروج عن المألوف في الدراما، وقدم أعمالاً تتناول الواقع على نحو مغاير مثل مسلسل “هستيريا” و”رجال وقضية” وغيرها من الاعمال. مسلسل فايروس أحدث جدلاً واسعاً في الشارع العراقي واتهم كاتبه انه ادخل ألفاظاً نابية وعزف على وتر حساس في المجتمع العراقي، تلك الألفاظ التي نسمعها دائماً في الأعمال العربية واقسى منها في العالمية ونترجمها بـ(تباً) و(عليك اللعنة) وتناسى بعض النقاد أن أحداث المسلسل هي أحداث واقعية رغم التنويه في بداية كل حلقة على أن الأحداث والشخصيات هي من وحي الخيال، وهنا ارتأت الفضائية التي عرض على شاشتها العمل النأي بنفسها عن أي تشابه في الأسماء تجنباً للملاحقة القانونية، وليس من باب الدفاع عن المسلسل أو الكاتب، ولكن طرق باب الحقيقة ربما يكون صعباً على الآخرين، الحقيقة التي يتغاضى عنها قسم من المتابعين رغم معرفتهم إياها، من كان سيصدق لو عرض على شاشة التلفاز أن امرأة ألقت بطفليها من على أحد جسور بغداد، ومن كان سيصدق أن امرأة قتلت زوجها بالاتفاق مع عشيقها، ومن كان سيصدق ان عصابة ما تدخل الى بيوت المواطنين جهاراً نهاراً لتقتل وتسرق وتغتصب، من كان سيصدق أن مستوى التعليم سينحدر الى هذا المستوى، هذا هو الجانب المظلم الذي يجب ان يسلط الضوء عليه. للمسلسل حسنات كثيرة ابرزها انه فتح الباب للكتاب الآخرين ان يطرقوا باب الواقع بكل تفاصيله فضلاً عن بروز نجوم شباب من كلا الجنسين ما يبشر بجيل جديد سيكون ذا تأثير كبير على الدراما العراقية.