معرض جمعية التشكيليين العراقيين السنوي رسائل للحياة والجمال من بغداد

365

زياد جسام

عاد معرض جمعية التشكيليين العراقيين السنوي بنسخته الجديدة للعام 2022، الذي ينتظره الفنانون والنقاد والمتذوقون للفن في الأيام الأولى من كل عام، أتى هذا المعرض متحدثاً عن مسيرة طويلة لمبدعين تشكيليين عراقيين من مختلف المحافظات والأجيال لعرض إبداعاتهم الفنية وإثراء الحراك التشكيلي العراقي بلغة الجمال.
معرض جمعية التشكيليين العراقيين السنوي، الذي افتتح قبل أيام، لم يكن كسابقيه، لكونه خصص هذه المرة للرسم فقط، بينما كان المعرض السنوي يضم أعمالاً تشكيلية متنوعة بين الرسم والخزف والنحت، وهنا أصبحت الفرصة للرسامين أكبر في التركيز على أعمالهم والاستمتاع بمشاهدتها بشكل مريح. وكالعادة اختارت اللجنة التحضيرية لهذا المعرض مجموعة من الأعمال المهمة التي ترتقي لأن تمثل الفن العراقي المعاصر، كما امتازت الأعمال بتنوع الخامات والأساليب المستخدمة في التنفيذ.. والشيء اللافت الآخر لهذا المعرض هو نوعية الحضور الذين تمت دعوتهم من قبل رئيس جمعية التشكيليين الفنان قاسم سبتي، فقد حضرت الافتتاح شخصيات دبلوماسية عديدة منها السفير البريطاني لدى العراق والسفير السويدي والسفير السويسري والسفيرة الأسترالية والملحق الثقافي الأميركي، بالإضافة الى شخصيات سياسية عراقية مهمة وفنانين ونقاد ومتذوقين.
حضور نوعي
لا شك في أن هذا الحضور الكبير والمهم سوف يسهم في دعم الحركة التشكيلية بشكل عام، أما الحضور الدبلوماسي فقد يسهم في فتح نوافذ مشرعة على الفن العراقي ومنح فرصة للفنانين ومعروضاتهم بأن تشاهدها، او تقتنيها، شخصيات من جنسيات مختلفة، من منطلق أن الفن هو اللغة المشتركة بين شعوب العالم، وعن طريقه تستطيع الشعوب مد جسور التواصل للحوار الحسي بينها، فمن خلاله يستطيع الفرد إيصال رسالته إلى كل البشرية، متجاوزاً حدود اللغات، بمعنى أن كل فنان هو سفير لبلده.
لا شك في أن انشطة جمعية التشكيليين العراقيين التي تقام على مدرار السنة هي الأهم بالنسبة لجميع المؤسسات المعنية بالفنون التشكيلية في العراق، ولكل نشاط أهميته وخصوصيته، كالمعارض المتنوعة والجلسات الاحتفائية والاستنكارية لبعض فنانينا الرواد وغيرهم، إلا أن المعرض السنوي الذي نحن بصدده، الذي يقام في بداية كل عام، يعد أكبر وأهم تجمع تشكيلي بصفته علامة فارقة تؤكد أن الفن هو الحياة، ويأتي هذا الحرص تماشياً مع دور جمعية التشكيليين العراقيين الذي تأُسست من أجله، ومع حرصها الدائم على تقديم نماذج ترقى بمستوى الذائقة البصرية وتضيف الجديد في قاموس التجارب المحلية لإيصال رسائل بصرية تهدف إلى تثقيف المجتمع.
أجيال مختلفة
استقطبت المعارض عبر السنوات أبرز وجوه الحركة التشكيلية العراقية، لتعكس بجدارة شمولية التجربة التي تشكل جزءاً هاماً من الحراك الثقافي الفني، كما أنه بمثابة حدث فني ثقافي تشارك فيه نخبة من أعضاء الجمعية العاملين تحديداً، كأجيال مختلفة من جميع محافظات العراق، باعتباره معرضاً تنافسياً بين الفنانين يطرحون من خلاله تجاربهم وتقنياتهم وأفكارهم لتكون مادة للنقاد والمتخصصين، تحرك الساكن وتتصدر صفحات الكتب والصحف المحلية، باعتباره يُمثل ذروة اللقاء الإنساني بين فناني العراق، والوسيلة المثلى للتعبير عن التنوع الأسلوبي ومحطة استرخاء لتأمل الحاضر والمستقبل، ووضع الفن في محله الصحيح، وتفاعله مع مدارات متجددة كتأكيد على أن أهل التشكيل عملوا واجتهدوا فوجدوا حيزهم الروحي والجمالي الفلسفي.
يذكر أن نشاطات جمعية التشكيليين العراقيين تأتي متتالية في خدمة الفنان بصورة خاصة والتشكيل العراقي بصورة عامة وفتح الباب على مصراعيه لاحتضان العديد من الفعاليات وإيجاد نقاط وصل بين الفن والمجتمع من ناحية، والتأسيس لمفاهيم راسخة في تطور الفنون التشكيلية وربطها بأفقها العالمي من ناحية أخرى، وهذا ما يرفع من واقع التشكيل المحلي وسمعته الجيدة التي يشهد لها العالم.