وَفَينا وفي بعض الوفاء سعادةٌ؟
جواد غلوم/
النبات مخلوق وصديق حميم للإنسان وُجد ليشاركنا العيش في هذه الأرض، فهو لايكتفي بأن يغذي اجسامنا ويبعث النشاط والطاقة فيها فحسب لنكدح ونعمل ونبتكر ونبدع أدبا وفنّا وعلما، انما يغذي عقولنا بالمعرفة؛ فالكتاب الذي نقرأه مصنوع مما تدرّه الغابات من أخشاب ليتحوّل هذا الخشب ورقا بيد دفّتي كتاب وحضنا كريما للأفكار ولوحات باهرة للفن.
وكم أحسنَ اليابانيون صنعا حينما ردُّوا بعض الجميل للطبيعة وأثنوا على عطائها ووفرتها، فأنشأوا صحيفة ورقية واسعة الانتشار سموها “Mainichi “ ويقول مالك الصحيفة ومحرروها انهم يقدمون للنبات شيئا ولو يسيرا من الاحترام والتقدير والاعتزاز لهذه الأشجار والنباتات التي وهبتهم الكتاب والورق لنشر الفكر الانساني.
أما كيف يحصل هذا فأقول ان هذه الصحيفة مصنوعة من ورق الغابات؛ أضافت عليه المصانع بذوراً منوّعة للورود الجميلة غاية في الصغر بحيث لا تؤثر أو تزعج القارئ عند المطالعة، أما حبرُها الذي طُبعت الصحيفة به فهو ايضا مزيج من سماد كيمياوي فعّال ومنشط للنمو وما عليك صديقنا القارئ حالما تنتهي من القراءة الاّ ان تمزّق أوراقها وتطمرها في تراب الحدائق لتنمو البذور العالقة في الورق وبنفس الوقت تعمل هذه الأحبار على تغذية التربة وإعادة تنشيطها لما فيها من أسمدة تعزّز قدرة النبات على انبعاث الحياة الجميلة فيه.
أيّ وفاءٍ سامٍ يقدمه هؤلاء القائمون على إصدار تلك الصحيفة الورقيّة الى شريكتنا في الحياة، تلك النباتات والأشجار التي وفّرت لنا الغذاء والدواء والجمال وكل مانحتاجه لأجسامنا وعقولنا وأرواحنا من خلال زهورها وثمارها وخشبها.
فما جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ولو كان يسيرا أمام هذا العطاء الوفير الذي تهبه الطبيعة لنا.