المرأة عدو المرأة.. حـقيقة أم دعاية ذكور ية!

381

آمنة عبد النبي /

” يا ويل وسواد ليل من كانت مديرتها في العمل امرأة مأزومة، وشريكتها في البيت حماة مخبولة أو (چنة) مضطربة بلا أطفال، أو قد تكون جارتها السحارة في نفس (الدربونة) خطافة رجال وخرّابة بيوت “..
تخيلوها جيداً تلك الصيحات النسويَّة الهاربة من زومبيات بنات جنسها، تحاول صاحباتها الفرار بعيداً عن أيِ مكان تحكمهُ امرأة من هذا النوع، سواء في البيت أو العمل أو الشارع، مع أن المرأة تولد بالفطرة أمّاً حنوناً، ولا يولد الرجل المعفوّ من كل هذا أباً. تُرى ما سر حلبة الكراهية المبطنة التي تتلاكم في داخلها نساء الصدفة بلا سابق إنذار أو معرفة؟ وهل حقاً أن العداء النسوي الذي تواجهه المرأة الناجحة بالقيادة هو بالحقيقة حسد مؤجل وعقدة نقص؟ ولماذا يقف الرجال المتهمون بتلك الدعاية الإعلامية “البروباغندا” باسترخاءٍ على تلِ الفرجة ويغنون بتشفٍ: فوگ النخل فوگ.. فوگ..؟
گروبات الإفتراس النسوي
“دعكِ من المحدودات، التعنيف الذي تمارسه النساء المثقفات -كما يدعين- في الجلسات الثقافية والكروبات الاجتماعية بحق الأخريات مُقارب لإرهاب التكفيريين في العداوة والإقصاء حينما تطرح إحدانا فكرة أو منجزاً او تباهياً بنتاج”.. فضفضة حادة أكدتها الكاتبة (نور جمال) حينما سألتها عن العداوة وكذبة واقعيتها في نظر البعض، قائلة: “عداوة المرأة للمرأة كارثية، والدخول الى حلبتها يمتص طاقتي وصحتي، لذلك لا يمكنني الاستمرار بأي كروب عراقي نسائي أكثر من يومين، وأيضاً قلصت مساحة الجلسات الثقافية، الكارثة الأكبر هنا أن غالبية النساء (المتبنيات) لهذا الإرهاب النفسي هن إما أمهات أو زوجات أو صديقات، أي أنهن بنات عائلات يتحدثن عن الأخلاق والتربية والشرف، لكن مشكلتهن الوحيدة أن المتصدية لهن امرأة.”
طيب، السؤال هنا: إذا كانت المرأة بهذه الشخصية المضطربة وتقود (كروباً) بكذا مليون مشتركة، فكيف ستكون مسؤولة في المجتمع، وللعلم فإن تلك النماذج الساديّة لها جيش إلكتروني يظهر وقت ممارسة إرهابها وإقصائها للأخريات بداعي إبداء الرأي. هذا الجيش النسوي الأعمى مهمته الهجوم والمساندة والدفاع عن رأيها وإسكات وقبر أي صوت نسوي إيجابي رافض، وهنا نعود الى نفس النقطة، وهي أن هذه المجموعة من المتنمرات مسؤولات في حياتهن عن تربية وتوجيه مصائر أبنائهن وبيوتهن ومؤسساتهن.
مديرات التنمر الوظيفي
” أعان الله من كانت مديرتها امرأة، إذ أن فوبيا الكرسي وعقدة الإدارة لن تفارق ذاكرتها الإقصائية تجاه بنات جنسها، بل تعضد دور الرجال لمعاونتها على إذلالنا وتهميشنا..”، هكذا فتحت الموظفة في وزارة الزراعة (تغريد الحسني) النار على بنات جنسها وأسقطت عنهن حق الإدارة واستبدلتها بقيادة المطبخ قائلة:
“أجزم أنك لو سألتِ أية امرأة موظفة عن رأيها في إدارة الرجل أم المرأة، فإنها سوف تستغيث من النساء، غالبيتنا نُجمع على أن المرأة في القيادة ستعرقل ارتقاءنا الوظيفي، وتزيد من ضغوطات العمل، لأن قيادة المرأة للمرأة أمر غير مرغوب فيه من النساء، لا الرجال، وذلك خاضع لمزاجها وغيرتها، أنا مثلاً مشكلتي مع المديرة هي تمسكها بحالة النسوية المعقدة داخل جلباب وظيفتها التي يُفترض أنها خارج نطاق كل شيء، لذلك فإن الخلط لديها هنا وارد وطبيعي جداً في أن تكون آراؤها نابعة من تركيزها على شكل الموظفة وملبسها وعمرها وهل هي متزوجة أم لا، مثلما تفعل مديرتنا التي أعتقد أن مكانها الطبيعي هو المطبخ، لأنها لا تكف عن نقدنا وتخطئتنا وتحقير إيجابياتنا، في حين أنها تكون (كيوت) ومنحازة، أو بالأحرى ضعيفة، ومجاملة جداً تجاه أخطاء الرجال”.
هجوم نسوي ظالم
“المرأة عدو المرأة، جملة نسمعها ونقرأها كثيراً، نعم، ممكن أن تكون صحيحة الى حد ما وليس بشكل مطلق، لكن جلد الذات من المؤيدات يثير الاشمئزاز..” بهذا الانزعاج اعترضت المحامية (سميرة عباس) قائلة:
“خيانة الرجل لزوجته او شريكته تجري مع امرأة، الزواج الثاني والثالث والرابع أيضاً يكون من امرأة، القصد أن المرأة في كلتا الحالتين ظالمة وضحية، والرجل مرفوع عنه الحساب، إذن ما الداعي لهجوم السيدات اللواتي سبقنني في الحديث، بصراحة فإن تركيزهن على المرأة الظالمة فقط هو ظلم وشيطنة غير عادلة، المذنب في الحقيقة هو المجتمع الذكوري الذي دجّنها قلقاً مُذ كانت طفلة، وأقنعها بانحصار دورها في الحياة ما بين الإنجاب وخدمة الزوج والطاعة العمياء، وإلا ماذا تفعل المرأة الناجحة في مجال حينما تجد أن جميع من حولها من النساء حاسدات ولا يسعدهن نجاحها، يقيناً هنا سوف تثق بالرجل وتعتمد على إسناده”.
ضعف الشخصية مشكلتها
“لا أعرف من التي/ الذي حدد أصل النجاح والعداء بالرجل، إنها كارزما مشروطة بصفات الإنسان، رجلاً كان أم امرأة، المعادل هنا هو قوة الشخصية والمهارة..” الباحث الأنثروبولوجي (خضر المالكي) سجل اعتراضه بشدة على عنصرية توجيه اللوم للمجتمع الذكوري، قائلاً:
“تاريخياً.. بلقيس التي ذُكرت في القرآن الكريم كانت ملكة مُطاعة من الرجال قبل النساء، ولست هنا مثالياً وناكراً للذكورية المهيمنة في حياتنا، لكن هذا لا يُلغي دورها وإثبات جدارتها من عدمها، أي أن القضية مرتبطة بقوة شخصيتها، فإذا كانت قوية وموضوعية فسوف تواجه أكبر الأخطاء والانتقاصات بحقها، بل سوف تُجبر الجميع -والرجال تحديداً- على احترامها إذا كانت مُسندة من القانون، عموماً فإن الكل يعرفون أن علاقة المرأة بالمرأة مأزومة أساساً بحكم عنصري الغيرة والتحسس، فما شأننا نحن، وبصراحة لا أجد فرقاً ما بين الرجل والمرأة في إدارة العمل من ناحية الكفاءة والجهد والتنافس الوظيفي، أما جزئية فرض القرار والشخصية فتبقى خاضعة لطريقة كل منهما.”
مفهوم اجتماعي خاطئ
“عداوة المرأة للمرأة ليست أمراً متأصلاً فيها، وظهور هذا القول وانتشاره كان مرافقاً لمنجز الحريات، وبتزايد دخول المرأة الى سوق العمل”.. تحليل اجتماعي واقعي اعتمدته الباحثة (فريدة الحجاج) قائلة:
“لم يكن لمقولة (المرأة عدو المرأة) أي وجود يُذكر، والأسباب هنا متعلقة بالحيز المسموح للنساء في مجتمعاتنا الشرقية بشغلها المناصب، وهو حيز ضيق للغاية، ما يدفع النساء الطامحات الى محاولة إزاحة نظيراتهن. في المقابل هناك نساء تنقصهن الكفاءة والمهنية، ومع ذلك يصلن لشغل المناصب والوظائف المختلفة باستخدام طرق ملتوية، ما يثير المهانة لدى النساء ذوات الكفاءة، هذا التفاضل يسري على طموح المرأة في البيت والعمل، وهو حق مشروع يتمتع به الرجل منذ الأزل، وبتكرار الحالات المذكورة وغيرها ترسخ مفهوم خاطئ في الذهنية الشعبية بأن المرأة من طبيعتها معاداة المرأة.”