تجارة الأرواح الجديدة.. بيع الدواء عن طر يق الإنترنت!

439

آية منصور /

لا تزال قضيّة المتاجرة بالأرواح الساذجة لكِبار السن وشباب الغفلة والنساء البسيطات تأخذ منافذ موت متعددة، كانت آخرها تجارة بيع الأدوية الطبية بالترويج المبطن في العوالم الافتراضية والسوشيال ميديا من خلال الترغيب والغش الوارد بـ (الختلة) بحجة تدنيّ الأسعار و(تساهيل) الوفرة مقارنة بأسعار الصيدليات، إضافة الى ذلك تمرير كارثة بيع الأدوية التي تحمل (أكسباير) شبه منته وصلاحية استعماله لا تتعدى الأسبوع الذي يصل فيه العلاج الى صاحبه!
إذ من الممكن أن تطلب مستحضراً تجميلياً، او قطعة ثياب أحببتها من الإنترنت، لكن أن يكون الترويج لأدوية! في السوشيال ميديا، فإن هذه كارثة لا نعلم من يستطيع رؤيتها وتحملها او تمريرها حتى؟
تبدو (زهراء الكعبي)، وهي صيدلانية تملك صيدليتها الخاصة، مستاءة من فكرة ترويج الأدوية في الفيسبوك والأنستغرام، وعرض الوصفات الطبية في السوشيال ميديا كنوع من الخدمات الجديدة الاستهلاكية للمواطنين. “نعم، نحتاج الى الأدوية في أوقات طارئة، لكن ما الغاية من عمل الصيدليات الخافرة، وهل يستطيع الإنسان التهاون في صحته بسبب تكاسله، على سبيل المثال، وعدم رغبته بالتوجه الى الصيدلية لجلب حبة وجع الرأس؟”
موضة
تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي صفحات لصيدليات، أو مذاخر ومخازن أدوية، وحتى مندوبي طب، إذ تقوم هذه الصفحات بعرض وترويج وبيع الأدوية بمختلف مناشئها وصلاحياتها وأنواعها على المواطنين، مع خصم في أسعارها بالطبع، لكن هل يمكن أن نتخيل أن الدواء يمكن خصم سعره إذا ما تم طلبه في الإنترنت؟ كيف يحدث هذا؟
توضح الكعبي أن “فكرة عرض وبيع الأدوية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أمر غير قانوني، ولا يمكن أبداً للصيدلاني تعريض نفسه وهويته وشهادته الى خطر العقوبة، لكن من الممكن أن يعرض في صيدليته بعض المكملات الغذائية أو الفيتامنيات أو مستحضرات العناية بالبشرة والجسم، لكن تبقى الأدوية خطاً أحمر!”
يعتقد البعض أنهم يمكنهم الربح مادياً في السوشيال ميديا ولو على حساب المواطن وصحته، هذا أمر لا يمكن التهاون فيه، بعض الأفراد لا يمكنك معرفة هوياتهم أو أعمارهم، وما سيطلبون من أدوية قد تحتاج الى وصفات من طبيب مختص، يبيعها المندوب بخدمة توصيل، دون ضمير او رقابة.
حينما يصبح الدواء متاحاً في مواقع التواصل “من الطبيعي جداً بيع أدوية غير مطابقة حتى لما يطلبه المواطن في الإنترنت، فالثوب الذي تريده بحجم (ميديام)، يأتيك بحجم (سمول) او (لارج)، وهو ثوب، فكيف لو بدواء سبق أن صنعته عشرات الشركات، وبالتأكيد فإن الصيدلاني سيفضل أن يبيع لك ما موجود عنده وحسب.” تستغرب المواطنة (سناء أحمد)، وتؤكد أن تجارة الأرواح والتلاعب بصحتنا وصلت حداً لا يطاق.
“اخبرتني ابنتي حينما شارف دواء الضغط على الانتهاء أن بإمكاني التواصل مع إحدى الصفحات الطبية في السوشيال ميديا، ولعجزي –واعترف بخطئي- طلبته منهم، بخدمة توصيل 5 آلاف دينار، وصلني العلاج، لأكتشف أنه غير ما طلبت تماماً، وحينما أخبرتهم بذلك قالوا إن له نفس المفعول لكنه من تصنيع شركة أخرى، لكني كنت أعرف قراءة دوائي جيداً، لذا تداركت الأمر. بعض المواطنين سيثقون بالبائع ويأخذون ما يبُاع لهم ببساطة، لذا سيتعرض الكثيرون للخطر دون أن يعلموا لماذا.”
القانون يرفض هذه الممارسات
من جهته، يوضح، س،ع، وهو عضو في نقابة الأطباء العراقية، أن “قانون مزاولة مهنة الصيدلة ينص على أن يكون الإعلان والترويج للمنتجات الطبية (حصراً) من خلال المجلات العلمية المتخصصة، إذ يجري تدقيق المعلومات حول المنتج المعلن عنه وآثاره الجانبية والفئة المستهدفة لتناول هذا العلاج دون غيره، لكن غياب الرقابة وانعدام مسؤولية بعض المشرفين على الصيدليات والمذاخر وتفكيرهم المادي سمح بتحويل كل شيء -حتى المهنة الإنسانية- الى جزء من الإجرام غير المباشر.”
ويوضح ع أيضاً أن “الكثير من الأدوية المعروضة في السوشيال ميديا تكون غير مطابقة لشروط الصحة، وأن من يمسك إدارة هذه الصفحات هم اشخاص لا يعلمون شيئاً عن هذه الأدوية، إنهم يبحثون عن اسم الدواء كما هو مكتوب لديهم في الرسائل، لأنهم ليسوا صيادلة أصلاً.”
تصريح رسمي
عن ذلك.. أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني عن تشكيل فريق تقصٍّ في وزارة الصحة، فيما وجه بضرورة تطوير عمل العيادات الطبية الشعبية والمراكز الصحية في عموم العراق.
وقال مكتب السوداني، في بيان له، إن رئيس الوزراء قد زار مقر وزارة الصحة وترأس اجتماعاً ضمّ وزير الصحة والكوادر الإدارية والفنية المتقدمة في الوزارة، وأكد على ضرورة النهوض بالقطاع الصحي الذي يمثل أولوية للحكومة الجديدة ومنهاجها الوزاري.