قصّهــــــا عبــــــــــــر 80 لوحــــــــــــة فنيــــــة حكايات عراقية للفنان ناجي حسين

202

زياد جسام/
افتتح قبل أيام على قاعة كولبنكيان في بغداد معرض شخصي للفنان ناجي حسين حمل عنوان “(حكايات عراقية)”، برعاية وزير الثقافة والسياحة والآثار د. أحمد فكّاك البدراني وبحضور مدير دائرة الفنون العامة د. علي عويد ونخبة من الفنانين والإعلاميين والمهتمين بالفن، يعد هذا أول معرض له في العراق، قدّم فيه الفنان أكثر من 80 عملاً مختلفة الاحجام والخامات.
الفنان ناجي حسين مواليد ميسان 1943 ربما لم يحصل على فرصته في الشهرة كباقي جيله من الفنانين، ذلك لكونه بعيداً عن الاضواء ولا يحب الظهور الاعلامي، فهو يعمل بصمت وينجز أعماله ويقدمها للجمهور، أما عن طريق المعارض المشتركة او الشخصية، لديه تجارب عديدة على الخامات، منها الرسم بالطريقة الواقعية وأخرى محاولات وبحث في مدارس الفن التشكيلي والتقنيات المختلفة، الـ 80 عملاً التي قدّمها في هذا المعرض تحمل حكايات جميلة سرد بعضها للحضور أثناء تجوالهم في أروقة المعرض، استمد هذه الحكايات من الأسواق الشعبية، او الريف ، النساء، الاعياد وغيرها من الأمور الحياتية.. تنوّعت أعمال المعرض بين الرسم بالزيت او ألوان الاكرلك او التخطيطات بالأقلام على الورق.. أعمال أثارت إعجاب الجمهور لسببين؛ الاول العدد الكبير الذي قدمه، وثانيا التنوع الموجود فيها من ناحية الموضوعات وأحجام اللوحات التي يصل بعضها الى أكثر من متر.. والمفارقة أن هذه الاعمال أنجزت بفترات قريبة وهي تعرض لأول مرة.. مع كل هذا التنوع وذاك بقي الفنان ناجي متمسكاً بالمدرسة البغدادية التي أسّسها من سبقوه من الفنانين أمثال الفنان جواد سليم والفنان فائق حسن.
فنان منتج
تحدث مدير قاعة كولبنكيان شبير البلداوي عن أهمية هذا المعرض وقال: الفنان ناجي حسين فنان منتج من جيل ما بعد الرواد، وبالتحديد كان أحد زملاء الفنانين فيصل لعيبي وصلاح جياد ووليد شيت، أخذته الغربة لسنوات طويلة استقر فيها في المملكة المغربية، والان عاد الى الوطن وهذا المعرض هو الاول بالنسبة له في بلده العراق، علما أنّه أقام معرضين قبله خارج العراق.. واسترسل في حديثه مستعرضا بعض أنشطة القاعة التي أدارها البلداوي منذ أكثر من 23 سنة، إذ قال: المعرض الحالي هو رابع أنشطتنا لهذا الموسم، وما زالت هناك معارض أخرى ستليه، ونحن فاتحون أبوابنا لجميع المبدعين العراقيين ولجميع المؤسسات التي تعنى بالفن والابداع، لإقامة مهرجاناتهم او معارضهم، علما أن بناية كولبنكيان تحوي ثلاث قاعات كبيرة، مؤهلة لاستقبال المهرجانات والمعارض الفنية، لدينا لجنة متخصّصة لفحص الاعمال قبل عرضها، باعتبار هذه القاعة العريقة لا تستقبل الاعمال الهابطة التي قد تسيء للفن العراقي.
علاقة متينة
وثّق المعرض بفولدر مطبوع بحجم كبير ضمّ بعض صور اللوحات وسيرة الفنان، وكتبت فيه كلمة مهمة؛ كتبها الفنان الكبير فيصل لعيبي، باعتباره صديق الفنان ناجي حسين، جاء فيها: ” تربطني بالفنان والصديق العزيز المبدع ناجي حسين علاقة متينة تمتد من 1964 حتى اليوم، دخلنا معهد الفنون الجميلة معاً وعشنا في قسم داخلي واحد وتخرّجنا معاً ثم استأنفنا الدراسة مباشرة في اكاديمية الفنون الجميلة وتخرجنا عام 1971، ومن مرسم الكبير فائق حسن الى الحياة مباشرة، كان الفنان فائق حسن أودع فينا أسرار الرسم والفن التي سحرتنا وجعلتنا مبهورين بذلك العالم العجيب”.. وعن تميّز الفنان ناجي قال: “كان مولعاً بالألوان، وكان هذا الولع ينسيه أحياناً بعض التفاصيل، فيعوض عنها بضربات فرشاته التي لا تهدأ، فهو يستعيض عنها ببقعة لونية قد يراها البعض غير ضرورية ولكنّها عند ناجي واحدة من تلك التي تراود وتفرض نفسها عليه ، لم لا ؟ وقد تخرج من مرسم الملوّن الأول في الفن العراقي المعاصر”.
طاقة إبداعية
تنتمي موضوعات الفنان ناجي الى عالم خاص صنعه لنفسه، فقد فتح عينه على أخيه الفنان محمود حسين هادي حسب قوله، واستمد طاقته الابداعية منه، علما أن إنتاج الاعمال لديه مرتبط بمسألة المتعة الذاتية، ولا علاقة له في مسألة تسويق الاعمال وعرضها او عدمه، اللوحة بالنسبة له نافذة يطل من خلالها على عالم خيالي يشبه الحلم، يربط فيه الماضي بالحاضر والمستقبل..
قال عنه أيضاً الفنان والناقد علي الدليمي: “ناجي زميل متواصل للجيل الذهبي ما بعد الرواد، الذي يضم كلاً من الرموز فيصل لعيبي وصلاح جياد ووليد شيت، وآخرين.. منذ أن بدأ خطواته ومسيرته في عالم الرسم، حتى هذه اللحظة، فالرسم يظل هاجسه الظاهر والباطن، في كل لحظة يعيشها، فهو من جيل لا يكل ولا يمل من التعمق والبحث ليخرج لنا ببصريات لونية من عمق تراثنا وفلكلورنا وجغرافيتنا الزاخرة بكل صور الانسانية والجمالية التي لا تنضب أبدا.. أقام معرضا خاصّا وهو في المرحلة المتوسطة، وتم تكريمه بجائزة عبد الكريم قاسم عن أفضل عمل زيت على خشب عام 1959”.