جرى تسكين درجاتهم الوظيفية عند الرابعة متى ينصف ذوو المهن الصحية ؟

191

هند الصفار
بصداريهم البيضاء اصطفوا أمام مبنى وزارة الصحة للتعبير عما لحق بهم من ظلم، ولاسيما أنهم يعملون في مؤسسات تعمل ليل نهار وحتى في العطل الرسمية بمواجهة مخاطر الأمراض المعدية والحالات الحرجة، لكنهم لا يعرفون لماذا تسكّن درجاتهم الوظيفية وتنتهي خدمتهم ليحصلوا على راتب تقاعدي لا يتجاوز ثلث ما كان يتقاضاه أقرانهم من التوصيفات الوظيفية الأخرى، وهو أمر غير قانوني ومجحف بالمقارنة مع مخاطر العمل والجهد
أصل الحكاية
“تبدأ القضية من كتاب تسكين رواتب حاملي شهادات الدبلوم من المهن الصحية عند الدرجة الرابعة ولا يسمح لهم بالترقية بعدها، وكانت الحجة انه لا يوجد توصيف وظيفي لهم. ومع رفع التسكين عن بقية الشرائح الوظيفية بقي ذوو المهن على حالهم. حتى صدر قرار برفع التسكين منذ عام 2013 لكنه لم يطبق بحجة التوصيف، لكن الحقيقة ان التوصيف قد أرسل الى وزارة المالية. تقول رئيس معاون طبي ابتسام: بقي الأمر يتدحرج كالكرة بين وزارتي الصحة والمالية والبرلمان ومجلس الوزراء. وأحيل العديد من الموظفين ظلماً الى التقاعد لبلوغهم السن القانونية وحدد لهم راتب تقاعدي لا يوازي الخدمة ولا يتساوى مع اقرانهم من الإداريين وغيرهم.”
سعاد خلف أيضاً رئيس معاون طبي لها خدمة تجاوزت الـ30 عاماً تقول: “لا أعلم لماذا هذا التسويف والمماطلة في إعطاء الحقوق، نحن نستحق الترقية وتحديد العناوين ليس من شأننا ويجب ألا ندفع ثمن التقصير الحكومي من حقنا في الراتب المناسب سواء أثناء الخدمة او عند التقاعد.”
أما عيد البديري من ذي قار فقد أكد أن “مسالة التسكين باختصار هي حجب درجتين وظيفيتين عن حاملي الدبلوم من المهن الصحية ودرجة عن خريجي الإعدادية.”
ما علاقة قانون الملاك؟
ويقول ستار جابر: “بعد سنوات وصلنا الى حل للمشكلة وهو طلب (حجة طبعاً) أن يقر قانون الملاك، وبالفعل تمت القراءة الأولى وأجريت التعديلات عليه، فلماذا يطلب مجلس الوزراء سحبه عند القراءة الثانية لإقراره من البرلمان؟ ونحن نعلم أن وزير الصحة هو من طلب ذلك.”
يشاطره الرأي أحمد نعمان الذي أكد أن “خروجنا في المظاهرات هو احتجاج واضح وصريح ورفض قاطع لسلب حقوقنا. نحن نقوم بعملنا حتى في العطل الرسمية ونعمل ليل نهار. لانعرف عيداً ولا عطلة ولا راحة وبدون أية امتيازات تمنح لذلك، نتعرض للعدوى ونتعامل مع الموت، أعطينا تضحيات وشهداء في زمن الوباء وفي حروب البلد، ولاسيما في حربنا الوطنية ضد الإرهاب، والنتيجة.. يحرموننا من حقنا في الترفيع لنتقاعد بثلث الراتب فقط.”
مها صافي تقول: “إنهم يعقابوننا لأننا خريجو معاهد! طيب لماذا لم يفتحوا لنا فرص اكمال الدراسة الجامعية؟ فم يحددونها بقنوات المتميزين وبعدد ضئيل جدا، والذي يدفع الملايين ليكمل دراسته لا يمنحونه عدم ممانعة ولا يعترفون بشهادته بل يقومون بإرجاع درجاته ضمن السلم الوظيفي. يعني أننا نكمل دراستنا ونتعب وندفع أموالاً ولا يقبلوننا ومن ثم يعاقوبننا بالتسكين لأننا خريجو معاهد!”
مظاهرات واعتداءات واعتقالات
آخر مظاهرة خرج فيها ذوو المهن الصحية كانت يوم 18/9/2023 للمطالبة بحقوقهم والاحتجاج على سحب قانون الملاك من البرلمان، إلا أن بعض افراد قوات حفظ النظام اعتدوا على بعض المتظاهرين ما أدى الى إصابة أحد منسقي محافظة بابل برأسه وتم نقله فوراً الى طوارئ مدينة الطب وإصابة آخر في يده، واعتقال عدد آخر وجرى سحب موبايلاتهم.
عن هذا الحادث يتحدث حسين، المصاب اثناء المظاهرات، وهو مسؤول تنسيقية بابل الذي قال: “الاعتداء حدث بعد سماع صافرة من قوات حفظ النظام، الذين تقدموا علينا وهم يركضون باتجاهنا وقاموا بضربنا بالمباشر ما تسبب بإصابات وسال الدم من رأسي والصور كفيلة بشرح المشهد.”
والد شهيد يشارك
لكن أبرز ما حصل في المظاهرات هو مشاركة والد أحد منتسبي وزارة الصحة الذين استشهدوا بسبب وباء كورونا، وهو والد الشهيد سعد الموسوي الذي جاء مطالباً بحقوق زملاء ولده الشهيد.
الرأي البرلماني
النائب كريم السراي، عضو لجنة الصحة والبيئة، شرح لنا هذا الموضوع، مؤكداً أنه يعرف القصة تماماً وعانى منها، لأنه ممرض ومنتسب في وزارة الصحة قبل ترشحه الى البرلمان، ويمثل شريحة المهن الصحية في لجنة الصحة والبيئة النيابية، وأكد أن وقوفه مع المتظاهرين هو واجب عليه وضمن مسؤولياته الوطنية تجاه زملائه من الشريحة المظلومة.
وأضاف ان “موضوع التسكين هو مشكلة مستمرة منذ 13 عاماً وقد قمت بزيارة الوزارة للتفاوض، وبسبب سفر وزير الصحة فقد تحدثنا مع الدكتور هاني موسى وكيل الوزارة الذي لديه دراية تامة بموضوع التسكين، وجرى الاتفاق على ثلاث خطوات للحل وأن تتابع الوزارة ذلك بجدية، أولاها عودة قانون هيئة النزاهة متضمناً عناوين ملاكات الصحة. والمقترح الثاني هو طرح جزئية من القانون كما طرح جزء قانون موظفي النزاهة من قانون الملاك، وفي حال تأخير القانون بشكل كامل نطرحه بشكل جزئي باعتبار أن الملاكات الصحية لديها قرارات سابقة لم تنفذ لحد الآن. والثالث استحصال قرار من مجلس الوزراء باستثناء مستحقي التقاعد القريب بترفيعهم الى الدرجة الثانية لحين تعديل قانون الملاك.
أما رأي لجنة الصحة والبيئة فقد باشرت كنائب بديل عن إخوتي المستقيلين، ومنذ العام الماضي جمعت تواقيع لتعديل قانون الملاك، وأعضاء لجنة الصحة والبيئة كانوا داعمين لرفع التسكين، علما بأن الموضوع يخص اللجنة المالية، لكن يمكن أن نكون حلقة وصل لتسريع الموضوع خدمة لهذه الشريحة المظلومة.”
وعن سحب القانون فقد فوجئ الجميع، حسب قول النائب السراي، وحسب ما وصلهم إنه اعتراض لبعض الجهات التي تطالب بشمولها بالقانون، لهذا جرى سحبه لتعديله بشكل عام للتعديل الكامل.
أما الإجراءات فيما يخص الاعتداءات على المتظاهرين فقد جرى نقل كل ما وصلنا من صور وأحداث، ولاسيما تلك التي لم تكن أمامنا، وقد أوصلنا كل ذلك الى الجهات المعنية لفتح تحقيق في الموضوع ومعاقبة المتسببين بذلك. ونحن نتأمل خيراً في الأيام القليلة المقبلة، وجرى إكمال إجراءات قانون الملاك من قبل مجلس الدولة وإرساله الى مجلس الوزراء للاطلاع عليه وإرساله الى مجلس النواب لإقراره.