أكاديميان من جامعة كربلاء يتوصلان إلى صنع جسيمات تخفف النفط اكتشاف عراقي يسهم برفع جودة النفط الخام وزيادة سعره
كربلاء – علي لفتة سعيد/
تمكن أكاديميان من جامعة كربلاء من الحصول على براءة اختراع هي الأولى من نوعها في العالم، لتمكنهما من تصنيع واستخدام جسيمات نانوية من (سيليكا-أوكسيد المغنسيوم) لخفض لزوجة النفط العراقي الخام باستخدام تقنية النانو، التي ستساعد في تحسين نوعية النفط وتصنيفه وفق المعايير العالمية، وهو ما سوف يؤدي إلى زيادة أسعاره في سلة الأسعار العالمية.
يقول الدكتور (سالم جواد كاظم) من كلية الهندسة – قسم هندسة النفط، إنه تمكن مع زميله الدكتور (فرحان لفته رشيد) في ذات القسم من التوصل إلى اختراع خليط نانوي معقد وطريقة مبتكرة تستخدم على النفط الخام المستخرج من الآبار النفطية العراقية سوف تسهم في تحسين خصائصه الانسيابية من خلال استخدام جسيمات نانوية من (سيليكا-أوكسيد المغنسيوم) لخفض لزوجة النفط الخام العراقي.
حل لمشكلة أزلية
يشرح الدكتور سالم كيف يسهم عملهما بحل واحدة من أهم المشكلات التي تواجه الصناعات النفطية بجميع قطاعاتها، وهي مشكلة نقل النفط الخام، إذ تعتمد طاقة الضخ المطلوبة في النقل بشكل كبير على مواصفات النفط الخام الذي يصنف عالمياً إلى خفيف ومتوسط وثقيل. مشيراً إلى أن عملية ضخ النفط الخام تستهلك طاقة عالية، ولاسيما الأصناف الثقيلة منه بسبب لزوجته العالية، ما يحتاج إلى جهد كبير وتكلفة مرتفعة في محطات الضخ من أجل دفعه في الأنابيب، سواء أكان من رأس البئر إلى الخزانات ومن هناك إلى المصفاة، أو إلى سوق الطاقة، ولاسيما في أنابيب نقل النفط الخام الرئيسة (Crude trunk Pipelines) ذات المسافات البعيدة. وأفاد بأن هناك العديد من الطرق المستخدمة حول العالم لمعالجة هذه الحالة النفطية، تنقسم بين طرقٍ يمكن وصفها بالمبسّطة أو التقليدية، لذا كانت النتائج غير جيدة ولم تكن رائعة، وهي بالتالي غير مفيدة للإنتاج او الاستخراج أو حتى الأسعار، بل (كما يقول الدكتور كاظم) إن البعض الآخر اعتمد على طرق معقدة تعد نتائجها مفيدة بدرجة كبيرة، إلا أنها مكلفة وتتسبب بقلة أرباح الإنتاج النفطي.
الخصائص الانسيابية
ولفت الأكاديمي كاظم إلى أن “ما حققناه يكمن في أننا توصلنا الى إمكانية تحسين الخصائص الانسيابية وقدرة التدفق للنفط الخام، وبالتحديد لزوجته (Viscosity)، من خلال استخدام تقنية النانو (Nanotechnology) التي تعد مستقبل البشرية الواعد، التي أخذت بالانتشار وأحدثت قفزاتٍ نوعية في شتى المجالات والصناعات.” وعن الذي تحقق في هذه البراءة يقول إنه “جرى العمل على تصنيع مركّب نانوي معقد، وبعد إجراء الفحوصات المختبرية الخاصة بكشف الخصائص التركيبية للجسيمات النانوية واجتيازه لها جرى استخدامه على مجموعة عينات من النفط الخام العراقي في ظروف وتراكيز خاصة، وقد استمر الجهد لأكثر من سنة ونصف من الفحص والتحقق التجريبي لنصل في النتيجة إلى القدرة على خفض لزوجة عينات النفط الخام بدرجة كبيرة غير مسبوقة، سواء في العراق أو العالم، وكذلك تقليل كثافته النوعية، ما سوف يرفع قيمة API فيه، التي تعتبر المقياس العالمي لتحديد نوعيته وتصنيفه.” وخلص إلى القول إنه بالنتيجة فإن الخليط النانوي المستخدم يسهم في تحسين نوعيته وقيمته السوقية من جهة، وكذلك تخفيض تكلفة نقله من جهة أخرى. مؤكداً في الوقت نفسه أن هذا الاختراع سوف يسهم في زيادة أسعار النفط للبرميل في الأسواق العالمية بأموالٍ كبيرة تدر في خزينة الدولة العراقية تقدر بملايين الدولارات شهرياً. وأكد بثقة عالية أنه قبل وأثناء الشروع في العمل جرى الاطلاع على جميع الأعمال المشابهة ذات العلاقة، لنجد أن “اختراعنا يعد الأول من نوعه عالمياً من حيث الخليط النانوي المعقّد المستخدم وطريقة تحضيره الخاصة، وكذلك سبل تطبيقه في الوصول إلى النتائج التي حصلنا عليها.”
الاقتصاد العراقي
من جهته.. قال الدكتور فرحان لفته رشيد إن “تطبيق براءة الاختراع هذه وأخذها حيّز التنفيذ سوف يسهم بشكل كبير في رفع مستوى الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بالدرجة الأساس في وارداته على تسويق ومردودات بيع النفط الخام.” وأضاف أن ما جرى إنجازه في هذه البراءة هو تقليل لزوجة وكثافة النفط الخام العراقي ورفع قيمة API فيه بمقدار أربع درجات على أقل تقدير، وبالتالي تغيير تصنيفه ورفع القيمة الشرائية للبرميل الواحد. ولفت إلى أن العراق يصدر أكثر من أربعة ملايين برميل يومياً، وفي الوقت ذاته يصنّف معظم النفط العراقي بأنه من النوعين المتوسط والثقيل وما توصلنا إليه ستكون له فائدة كبيرة لو جرى استخدام هذه البراءة بملايين الدولارات (يومياً) بصرف النظر عن كلف المواد الأولية والمعدات الواجب توفيرها والمستلزمات الأخرى. وأشار إلى أن هذا يضاف إلى الفوائد المالية الكبيرة التي تتحقق من تقليل التكلفة الاقتصادية الباهظة التي تتكبدها محطات ضخ النفط الخام في العراق بسبب لزوجته العالية أثناء جريانه في الأنابيب.