بتقنيـــــــات الري.. نقتل العطش الصحراوي

138

المثنى – يوسف المحسن/
موسم صيفي هو الأكثر نجاحاً في البادية الجنوبية العراقية، أنماط زراعية وأنواع من المحاصيل والخضراوات: زهرة الشمس والذرة الصفراء والدخن والبطيخ والطماطم وغيرها.

نجاحات اخترقت الغطاء الصحراوي القاسي وأسبغت على الأرض خضرة غير معهودة، هي تجارب فلّاحينا وأكثر… في بادية يصعب امتطاؤها.
في واحدة من خطوات الانتقال إلى التنمية المستدامة والترشيد في استخدام المياه، سجّل الموسم الزراعي الصيفي في البادية الجنوبية حضوراً لافتاً للأساليب والتقنيات العلمية في الزراعة، إذ إن الجهات الزراعية أعلنت أنها سوّقت أكثر من مئة وثلاثين ألف طن من الحبوب إلى مخازن وزارة التجارة خلال الأشهر الماضية. الجهات أكدت أن الخطة الزراعيّة شملت محاصيل متنوعة أيضاً، وبمساحات كبيرة عبرت الناتج والغلّة الزراعية للأعوام السابقة.
مدير زراعة المثنى المهندس (واثق منصور حمود) قال إن “الموسم الصيفي الفائت شهد إنتاج محاصيل علفية وصناعية مثل الذرة الصفراء والدخن والخضراوات، إضافة إلى المحاصيل الستراتيجية التي توزعت على أربعمئة وثلاثين ألف دونم.” مشيراً إلى أن “نجاحاً كبيراً قد تحقق في التنوع النباتي لسد حاجة السوق المحلية ومتطلبات السلة الغذائية.”
زهرة الشمس تتحدى الشمس!
على مبعدة مئة كيلو متر إلى الغرب من مدينة السماوة، بدأ الشاب (حسين كريم فليح) قصته مع ترويض الصحراء، حيث الشمس اللاهبة والريح القاسية والافتقار إلى المياه الكافية، تحديات واجهت الأحلام والطموح وحب الزراعة، لكنه بكثير من العمل وقليل من الركون للخيبات والخسارات، نجح في زراعة ستين دونماً بمحصول زهرة الشمس، بالاعتماد على المياه الجوفية، باستخدام طرق حديثة ومبتكرة في السقي.
يقول حسين عن تجربته الناجحة:
“قمت بزراعة أكثر من محصول، وجربت لأكثر من مرة، والحمد لله كانت النتائج طيبة تكلّلت بزراعة ستين دونماً هذا العام بزهرة الشمس، مع ستين دونماً لمحاصيل أخرى.” مضيفاً أن “اختيار البذور والسماد وإيلاء الاهتمام بالمحصول والتسويات الترابية الأولية أسهمت في استصلاح الأرض.” مشيراً إلى أن “تحدي قساوة الطبيعة بزراعة البطيخ والذرة والرقي والماش وزهرة الشمس والخضراوات، يعتمد على انخراط الفلاح باستخدام الأساليب العلمية والطرق الحديثة في الزراعة.
الرش بالتنقيط والمكننة
مثّل التوجّه الحكومي بحصر الخطة الزراعيّة في المناطق الصحراوية بالأراضي التي تسقى على وفق الطرق الحديثة ومنع الري السيحي، مثّل الحافز الأساسي لعدد كبير من المزارعين والفلاحين لجلب منظومات الري الحديثة. يقول مدير زراعة المثنى إن “دائرته نفذت العشرات من جولات التثقيف والترويج للتقنيات الإروائية، مثل منظومات الرش أو شبكات التنقيط، وحثت المزارعين على الاستعانة بها من أجل الترشيد في استخدام المياه والوقود والحد من التلوّث، والكفّ عن الهدر غير المبرَّر للثروة المائية، وحماية التربة، مع ضمان التوسع الأفقي في المساحات المزروعة.” المهندس واثق منصور أضاف إن “عدد المزارعين والفلاحين المستجيبين لهذه الدعوات في ازدياد، ومن الممكن أن تتحول البادية الجنوبية الى سلة الغذاء العراقية في حال تنفيذ الخطط التي أعلنت عنها وزارتا الزراعة والموارد المائية.”
منصور ألمحَ إلى أن “المشاريع الزراعية المحالة إلى شركات متخصصة ومستثمرين في البادية الجنوبية قادرة -في حال إنجازها ودخولها حيز العمل- على تلبية حاجات السوق المحلية والأسواق المجاورة، وصولاً للتصدير إلى دول الجوار.”
مشاريع زراعية كبرى
المساحات الشاسعة، ومخزون المياه الجوفية، والتسهيلات التي منحتها هيأة الاستثمار، كلها وقفت وراء عمليات الاستقطاب التي تشهدها البادية الجنوبية، فثمة حضور للمحاصيل الستراتيجية والمحاصيل الأخرى ومشاريع الإنتاج الحيواني، مثل بيض المائدة وحقول التسمين، بالإضافة إلى الصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعي، مثل الأعلاف والصناعات الغذائية. الهيأة أعلنت في خطتها الشتوية عن إضافة مساحات زراعية أخرى، من بينها 5000 دونم لزراعة الفول السوداني والفستق الحلبي، فيما تستمر (شركة المهندس العامة) بأعمال استزراع مليون نخلة في البادية الجنوبية، حيث تم تحديد شهر آذار المقبل موعداً لإكمال عمليات غرس الفسائل.
يقول الخبير الزراعي (علي حسين فرحان) إن “استخدام التقنيات الحديثة في السقي أو الزراعة هو الطريق الأمثل للإفادة القصوى من ثروات البادية، وصولاً الى الرفاه الاقتصادي المنشود، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الحد من التلوث وحماية الغطاء الصحراوي ومنع العواصف الغبارية.” فرحان أضاف أن “المزارع اليوم يختلف عن مثيله في عقود ماضية، فالحاجة والتحديات والصعوبات أجبرته على التكيّف معها ومع الطبيعة، من خلال الاستعانة بنظم الري الحديثة، ولاسيما أن هذه التقنيات تمثل الحل الأمثل لحل لغز العطش الصحراوي.”