الصناعـــة الدوائيـــــة تحتــــــل الأولويـــة في سياسة الدولة

299

بغداد – سجى عماد/
تصوير – حسين طالب/
تعتمد سياسة الدولة على تشجيع المنتج الدوائي الوطني، فهو صمام أمان في مواجهة مشكلة الأدوية والمستلزمات المغشوشة المعادية لصحة المجتمع الإنساني، والفوضى التي تعم السوق، ومناشئ متعددة بعضها غير معروف، ومغالاة في الأسعار. ويمكن للعراق -بحسب مختصين- أن يوفر نحو أربعين بالمائة من حاجة البلاد،
هذه التجارة تجاوز حجمها الثلاثة مليارات دولار، وهو ما دفع الحكومة إلى الإعداد لمبادرة توطين الصناعة الدوائية.
في هذا الصدد، يقول الطبيب (فراس هاشم البيراوي) إن التعامل مع الأدوية الموجودة في السوق يجري وفق ثلاثة اعتبارات، أولها أن يكون الدواء خاضعاً للفحص والقياس، والثاني أن يكون فاعلاً ومن منشأ رصين وشركة معروفة بالجودة، والنقطة الثالثة أن يكون مناسباً من حيث الفاعلية والسعر.
يضيف الدكتور البيراوي، وهو طبيب مختص بجراحة الأنف والأذن والحنجرة، أنه يعتمد في إعطاء الوصفة، على تحقيق الموازنة بين التأثير المطلوب والناجع وبين التكلفة، مؤكداً أن المسألة المادية أصبح من الضروري أن تؤخذ بالحسبان، فضلاً عن أن تكون لغة الوصفة واضحة للصيدلي. وأشار إلى أنه “في المدة الأخيرة لاحظنا إغراق الأسواق بأنواع من الأدوية لشركات غير معروفة، إذ لا يوجد لمعظمها سجل فحص وقياس، مع غلاء الأسعار.”
مواصفات إنتاجية
أوضح البيرواي أنه “يمكن بسهولة التأكد من مطابقة المنتج للمواصفات بطلب كتاب فحص الدواء من قبل الجهاز المركزي للتقييم والسيطرة النوعية.”
وبشأن ما يمكن أن تحققه مبادرة توطين الصناعة الدوائية، أفاد الطبيب (فراس هاشم) بأن “هناك مشكلات عديدة ممكن حلها من خلال هذا المشروع، أبرزها توفير أدوية رصينة وفاعلة وبسعر معقول ومفحوصة وطنياً، وهذا الموضوع مفيد خاصة لذوي الدخل المحدود وأصحاب الأمراض المزمنة الذين هم في حاجة مستمرة لشراء الأدوية، وكذلك تقليل الاستيراد وتوفير العملة الصعبة للبلد وإيجاد فرص عمل للكفاءات الكثيرة التي يزخر بها العراق.”
وسبق لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أن أعلن عن نية الحكومة إطلاق مبادرة لتوطين الصناعة الدوائية.
في هذا الصدد، عقد السوداني، مؤخراً، اجتماعاً مع كبريات الشركات العالمية لمناقشة الآليات الخاصة بدعم توطين الصناعة الدوائية في العراق، من قبل القطاع الخاص ومصنع الصحة الوطني.
استغلال فوضى الدواء
وتشكل الفوضى في تجارة الأدوية فرصة أمام ضعاف النفوس لاستغلالها من أجل الكسب المادي.
يقول الخبير الاقتصادي (دريد العنزي) إن “زحف الفساد وصل من دون شك إلى الصناعات الدوائية في العراق.” مشيراً إلى أن “معظم الصناعة الدوائية الآن هي في الحقيقة عبارة عن تعبئة وتغليف فقط.”
وأكد العنزي في حديثه لـ (الشبكة العراقية) أن الصناعة الدوائية في العراق لا توفر سوى أقل من 8 بالمئة من الحاجة المحلية، وأن أكثر هذه المنتجات من الأدوية البسيطة من المسكنات والمضادات الحيوية، في حين يجري استيراد بقية الأدوية والمستلزمات الطبية بمبالغ تصل إلى 3.5 مليار دولار سنوياً، بحسب إحصائيات رسمية.
وأشار إلى التأثير السلبي للاستيراد، على الرغم من الحاجة الماسة الى هذه الأدوية، بهدر العملة الصعبة التي يمكن أن توجه إلى الداخل لتسهم في تشغيل الأيدي العاملة، إضافة إلى توفير المنتج وتغطية الحاجة المحلية من هذه المواد، على ألا تقتصر على أنواع معينة من الأدوية، مؤكداً على أهمية توطين الصناعة الدوائية في السيطرة على نوعية وجودة الأدوية المنتجة محليا.
الدواء والبرنامج الحكومي
يحظى مشروع توطين الصناعة الدوائية بدعم مباشر من رئيس مجلس الوزراء، إذ إنه يقع ضمن أولويات البرنامج الحكومي في قطاع الصحة، وفقاً لمستشار رئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح.
ويؤكد صالح في حديثه لـ (الشبكة العراقية) أن قطاع صناعة الدواء في العراق يمتلك قدرات كامنة على إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية. مضيفاً أنه “على سبيل المثال، هناك قرابة 34 معملاً لصناعة الأدوية في القطاع الخاص، وهذه المعامل لديها القدرة على تأمين 40 بالمئة من حاجة البلاد إلى الأدوية الأساسية على وفق المواصفات الدوائية المعتمدة عالميا.”
يتابع صالح أنه “إضافة إلى الامتيازات التي تقدمها مؤسسة التنمية الصناعية وتسهيل مهام الإقراض المصرفي الميسر لتلك المصانع الدوائية، فإن الضمانة الأساسية هي التعاقد المباشر مع السلطات الصحية العراقية بغية استيعاب طاقاتها الإنتاجية من الدواء المنتج على وفق معادلات شراء عادلة ومنصفة تعتمدها مؤسسات وزارة الصحة.”
مشيراً إلى أن “هذه الشريحة الصناعية التي تعمل على توفير الأمن الدوائي، سوف تسهم بلا شك في توفير متطلبات الصحة والسلامة العامة في البلاد، وهي تحظى في الوقت نفسه باهتمام ودعم وحماية دوائية مباشرة من الحكومة ضمن البرنامج الحكومي. إذ إن سياسة الدولة في تشجيع المنتج الدوائي الوطني تعد صمام أمان في مواجهة معضلة الأدوية والمستلزمات المغشوشة المعادية لصحة المجتمع.”