مهرجان شهاب الدولي لمسرح الطفل…رسالة تربوية لمواجهة تفاهة خطاب السوشيل ميديا

236

محسن إبراهيم
تصوير: علي الغرباوي/
عبارة طالما رددها المهتمون بالمسرح تقول “”إذا أردت ان تقدم مسرحاً للطفل، أيقظ الطفل الذي في داخلك”” جملة تحمل الكثير من المعاني والدلالات الفكرية لصناعة مسرح للطفل الذي يعاني الكثير من التهميش والتغييب وسط زحام الفضائيات والتشويه الفكري.
من هذا المنطلق، وبرعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، نظمت (مؤسسة الهدى لثقافة الطفل والناشئين) بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح (مهرجان شهاب الدولي) على خشبة مسرح الرشيد في بغداد. في كلمته خلال افتتاح المهرجان، أكد وزير الشباب والرياضة أحمد المبرقع أن الطفل يتعرض لهجمة شرسة من قبل مواقع السوشيل ميديا وما ينشر فيها من تفاهات، داعياً بوجوب أن يعود المسرح ليكون المثاب الرئيس لدحض كل هذه التفاهات.
وقال المبرقع إن “مسؤوليتنا في وزارة الشباب والرياضة لابد من أن تكون مضاعفة لتتحمل هذا العبء الذي يجب أن تضطلع به.”
من جهته، قال الشيخ محمد البيضاني، رئيس مؤسسة الهدى إن “المهرجان يهدف بالدرجة الأساس الى توعية وتثقيف أبنائنا من الأطفال والناشئين، والمسرح -كما يعبر عنه- أنه أبو الفنون، وهذه الفعالية إن شاء الله ستخدم تلك الشريحة، شريحة الأطفال والناشئين.”
الحلم مستمر
أضاف البيضاني: “لقد طال الانتظار كثيراً وبقي الحلم مستمراً، ومنذ أن تأسس مسرح الطفل في العراق في سبعينيات القرن الماضي لم يقَم أي مهرجان دولي لمسرح الطفل في بغداد.”
وتابع: “لقد طرقنا أبواباً عديدة، وحاولت أن أقيم هذا المهرجان مع جهات حكومية ومؤسسات أهلية، ولكن للأسف لم تكن هناك آذان صاغية. وما إن طرقت باب مؤسسة الهدى حتى رحبوا بالأمر، وها نحن اليوم نصل الى هذا الكرنفال الجميل.”
تشارك في المهرجان العديد من الفرق تمثل سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية في إيران وعدد من فرق المحافظات.
إشعاع ثقافي
وصف الفنان محمود أبو العباس مهرجان شهاب الدولي لمسرح الطفل بأنه “مبادرة خيرة وطيبة من المخرج المسرحي حسين علي صالح ومؤسسة الهدى التي تعتني بالطفولة والناشئة.”
وأكد أن “مسرح الطفل هو الذي يؤسس لقاعدة مهمة للجمهور المسرحي أولاً، إذا ما تعافى جمهور المسرح بعروض مسرحية ترفع من ذائقته أمام هذه الهجمة الكبيرة بالتقنيات. أتمنى أن يكون هناك انتباه لوجود مجموعة عروض يجب أن تقدم في الفصل الدراسي لطلبة المدارس الابتدائية والمتوسطة، وان تكون هذه المبادرة منسجمة مع ما خصصته رئاسة الوزراء من اهتمام بالطفولة.”
رسائل تربوية
من جهته، قال الدكتور حسين علي هارف: “من الجميل أن يضاف مهرجان مسرح الطفل الى النشاط الفني والثقافي الذي يتعلق بالطفولة. نعم، لدينا العديد من مهرجانات مسرح الطفل، لكن أن يضاف مهرجان وبدورته الأولى وبهذه الانطلاقة الجيدة وبمشاركة عربية وعالمية، أعتقد أن هذا شيء مشجع جداً.”
أما الفنان إحسان دعدوش، فقد أكد أن “مسرح الطفل هو نافذة مهمة غيبت في الفترة الأخيرة، وتعثرت بسب الظروف التي مرت بالبلد وبسبب عدم وجود رغبة في الإنتاج من قبل الجهات المعنية. نتمنى أن يفعل دور المسرح بشكل مستمر على مدار السنة، وأن يكون هناك توجه بالتعاون مع وزارة التربية لتفعيل مسرح الطفل وفرصة المشاهدة من قبل الطلبة، إذ إنه يحمل رسالة كبيرة ودروساً تربوية مهمة جداً، وصفات حميدة نتعلمها من هذا المسرح، فضلاً عن المتعة والجمال. نتمنى لهذا المهرجان الاستمرار والإبداع في هذا المضمار.”
التراث الإيراني
الى ذلك، قال المخرج الإيراني (مهدي صفي) إنه “لشرف لنا المشاركة في هذا المهرجان المهم الذي يؤسس لمبدأ ثقافة الطفل، لما يواجهه من هجمة شرسة تستهدف الأخلاق والمبادئ التي يمكن أن ينشأ عليها الأطفال.”
ووصف المهرجان بأنه مساحة طيبة لعروض مسرحيات متعددة، وفرصة لتلاقح الأفكار بين الشعوب مشيراً الى أن إيران ستقدم مسرحية (اليقطينة المتدحرجة)، وهي قصة من الفلكلور الإيراني. شكراً لكم مرة أخرى، وشكراً لكل القائمين على هذا المهرجان.”
كرنفال رائع
فيما أعرب (محمد الإسماعيلي) من الوفد العماني المشارك عن سروره لحضور هذا الكرنفال الرائع الذي إن دل على شيء فإنه يدل على عمق حضارة العراق ورقي شعبه، وليس غريباً على المسرح العراقي أن يقيم مثل هذه المهرجانات، لأن للعراق السبق الأول في مجال المسرح، كما أن له صولات وجولات في المهرجانات العربية.
وقال: “سنقدم في هذا المهرجان مسرحية (زهرة الظلام)، وهي قصة تتحدث عن عائلة يصاب والدها بمرض خطير، فتلجأ تلك العائلة الى حكيم لا يقدم لهم علاجاً، لتبدأ رحلة البحث عن هذا العلاج.”
مخاطبة عقلية الطفل
أما رئيس لجنة الحكام مقداد مسلم، فقد أوضح أن مخاطبة الطفل صعبة جداً، ومن يعمل في مجال المسرح يجب أن يعرف أن لكل فئة مستوى تفكير وإدراك مختلف.
وأضاف: “كان المفروض أن مثل هذه المهرجانات تقيمها الدولة بكل ثقلها، لتشجيع ودعم المسرح الموجّه الى الأطفال، لأنهم قادة المستقبل، والمسرح ينمي الذوق ويكشف الموهبة، ويعمل على الروح الجماعية ويساعد الطفل على المواجهة.”
مشاركة من الموصل
ومن الموصل قالت (تمارا منظر ذو النون): “نشارك بفريق من كلية الفنون الجميلة جامعة الموصل بمسرحية (مصنع الدمى)، وهي من تأليف علي جبار الطائي، وإخراج مؤيد محمد. المسرحية تهدف الى نبذ البخل وتحث على مساعدة الآخرين وحب الخير. هناك اهتمام جيد بمسرح الطفل وجانب الطفولة، وكما تعلمون أنه في السنوات الماضية كان هناك تهميش لمسرح الطفل، وعدم اهتمام بهذا الجانب، لكن نلاحظ في هذه الفترة الدعم والاهتمام من قبل الجمهور بهذا الجانب لأنه مهم جداً للأطفال الذين هم الجيل الواعد.”