حملة مقاطعة طعام العزاء!

530

خضير الحميري/

بدأت هذه الحملة بشكل خجول على مواقع التواصل، تدعو المواطنين الى تنظيم جديد لتقاليد مجالس العزاء، بعدم تكليف أهل المتوفى أكثر مما تكلفوه برحيل عزيزهم، بحيث تقتصر هذه المجالس على تقديم التعازي والمواساة لذوي الفقيد (ولا بأس بالشاي أو القهوة)، من دون ان يضطروا الى مد موائد الطعام والفواكه والحلويات في أحد أو جميع أيام العزاء.
هذه الموائد (التي لا تعبّر بأي شكل من الاشكال عن حجم الحزن أو الاعتزاز بالشخص المتوفى) تطورت أحياناً لتصبح فرصة للتباهي كما يحصل في الأعراس، عزاء بيت فلان كان أكثر بذخاً من عزاء بيت علان، والطعام جلبوه (دليفري) من أفخم المطاعم في المدينة، وفي وسط هذا التباهي يضطر أهل المتوفى (من محدودي الدخل) الى مجاراة العادة وتكبد الخسائر.. ومضاعفة الأحزان!
الحملة بدأت خجولة كما أسلفت، وقد ساندها الكثير من المتضررين و(المجويين)، لكنها سرعان ما اختفت، ولم أعد أتابع منشورات مناصريها، وربما واجه مريدوها معارضة من بعض (المعتاشين) على هذه الظاهرة بحجة التقاليد والأعراف، هذه التقاليد التي شاهدنا تحولاتها تبعاً للوضع الاقتصادي والاجتماعي، فمثلاً كانت مجالس الفاتحة تشهد تقليداً ثابتاً يتمثل بتوزيع السكائر (بالمفرد) على المعزين، وهناك من يجول مجلس (الفاتحة) بين آونة وأخرى حاملاً طبقاً منوعاً من علب السكائر ليقدمها للمدخنين وغير المدخنين.. هذه الظاهرة اختفت تماماً نتيجة الوضع الاقتصادي في فترة الحصار، ولم يعد هناك من يطالب بإعادة إحياء هذا التقليد..
كما تقلصت أيام الفاتحة من سبعة أيام (في قديم الزمان) لتصبح ثلاثة أيام، ثم بالتفاتة ذكية من شخص حكيم جرى تقليصها الى يومين في السنوات العشر الأخيرة، وهذا يعني أن هذا التقليد يستجيب لوعي المجتمع ويتطور بتطوره، وهذه الحملة تتطلع الى انتقالة واعية ترفع كل العبء أو بعضه عن أهل المصاب وتشاركهم أحزانهم بصورة صادقة، فالحزن في القلوب.. وليس في البطون!