دمر محله أثناء الحرب مع “داعش”.. رياض الموصلي.. أقدم صنّاع السيوف والخناجر والسكاكين

179

خالد إبراهيم – أربيل/
اشتهر رياض نعمة الله الموصلي بصناعة السكاكين والخناجر والسيوف القديمة، وهي مهنة تراثية قديمة يطلق على الذين يعملون بها اسم “السوفارجي”.
في مدينة الموصل، بسوق الحدادين قرب باب الجسر القديم في المنطقة القديمة، يعمل الموصلي بهذه المهنة التي ورثها عن والده (رحمه الله)، فقد عمل معه قرابة 15 سنة، وكان يمارس هذه المهنة عندما كان طالباً في المرحلتين المتوسطة والإعدادية في فترات العطل الصيفية وعطل الأعياد والمناسبات.
السوفاجية
يقول رياض نعمة الله الموصلي: “كنت أساعد والدي واكتسب الخبرة منه، بعدها تحولت الى مرحلة أخرى عندها تسلمت العمل منه في الشهر الأول من عام 1997 بعد وفاته. والدي كان معلماً بالأصل، وهذه المهنة تعلمها من إخوته، الذين كانوا مشهورين، كان اسم أحدهم (رحمة الله)، ووالدي (نعمة الله)، عمي كان مشهوراً على مستوى الموصل والعراق، لأن الصناعة حينذاك تختلف عنها في يومنا هذا، فالظروف تتغير والمدن في تغير وتطور، في ذلك الزمان كان من أرقى السوفارجية في الموصل والعراق، وعلمت أولادي العمل بهذه المهنة لكي تفيدهم في المستقبل، اذا لم يتمكنوا في الدراسة والتعيين، فممكن أن يكون لديهم سلاح كما يقال، وهو المطرقة والقلم، المهنة تعلمتها وطورتها وغيرت الكثير من الأشياء، والمدينة أيضاً تغيرت وتطورت، وخلال تحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي دمر محلي، لكني أعدت بناءه.
أنواع السكاكين
وبين رياض الموصلي أن المهنة تشمل صناعة السكاكين بأنواعها، مثل سكين القصاب، وسكين السمك، وسكين الكص، في المطاعم، وسكين المقبلات بأنواعها، وسكين الخضار وسكين (الزو) التي تستخدم في حلق الغنم، وعند صناعتها فاني أكتب اسمي على السكاكين لكي يبقى، كما أكتب (صنع في العراق) و(صنع في نينوى)، ولله الحمد نجحت الطريقة، وأيضا عملت في صناعة المقصات بأنواعها، مثل مقصات الحلاقين، ومقص الخياط، والمقص الطبي كمقص المضمد، ومقص (الصاية) الخاص بالذهب، والمقصات الزراعية التي تستخدم في الحدائق وتقليم الأشجار.
تراث موصلي
وتابع رياض الموصلي أن “مهنة السوفارجي تحتاج الى الدقة والخبرة والحرفنة، ولله الحمد أنا صدقت في عملي، وهذا هو سبب نجاحي، وهذه المهنة صعبة ونحن معروفون بها، وهناك مهن أبدع فيها أهل الموصل، مثل السراج والخياط والنقاش والنجار والحداد منذ مئات السنين، لأنهم حريصون ودقيقون بعملهم، ونوعية العمل لكي تؤثر على سمعة المدينة، وأنا لله الحمد من الذين مثلت تراث الموصل.”
المهرجانات المحلية
وعن مشاركاته في المهرجانات سألناه فأجاب قائلاً:-
“شاركت في الكثير من المهرجات في الموصل، منها المهرجان الذي أقيم بالقرب من الجامع النوري الكبير، ومهرجان بيت التراث، ولدي بصمة في المدينة من بين المهن، وأفكر بصناعة الخناجر والسيوف، لكن هذه تأخذ الكثير من الوقت، وكلمة (السوفارجي) هي عثمانية بالأصل ومعناها صانع السيوف، ولدي العديد من السيوف، وهي للزينة فقط كما تعلمون، وهي مكلفة في الحقيقة، وكذلك الخناجر الذي يقتنيها الناس للزينة والهدايا، وأيضاً تلك التي يستخدمها الشخص الذي يقدم القهوة العربية.
كما أنني دعيت -بشكل خاص- الى بغداد للمشاركة في أحد المهرجانات، لكني لم أتمكن من الذهاب بسبب اشغالي وظروف خاصة حينها، لكن في الموصل شاركت في مهرجان السلام الذي أقيم في ملعب الجامعة، والمهرجان الثالث في الغابات، والمهرجان الرابع خلف منارة الحدباء ومتحف الموصل، وحصلت على شهادات خاصة، ومهرجانات أخرى عن عودة الأسواق القديمة التراثية، وكنت أشارك مع عدتي الخاصة بعملي.”
صناعة السيوف
يضيف نعمة الله عن صناعة السيوف قائلاً:-
“صناعة السيوف ضعيفة لأنها لا تستعمل، لذا فليس عليها إقبال، كما أنها تحتاج الى وقت كبير، واليوم نحن في زمن السرعة، لكني أشجع أولادي، ولديهم نماذج جميلة جداً، وهم فنانون أبدعوا في هذا المجال، وهناك احتمال كبير في أن نصنع بعضاً منها للزينة. والدي صنع عدداً من السيوف وأهداها الى شيوخ العشائر، وكذلك للجوامع، فيما أنا مهتم في الحقيقة كثيراً بسكين القصاب وسكين السمك والحلاق، وأكثر وقتي هو للحدادة، أي شحذ السكين، والناس وأصحاب المطاعم يقبلون علينا من أجل شحذ السكاكين، فصناعة السيف تحتاج ورشة خاصة وأن يتفرغ الشخص لها في منزله، كما أنها تحتاج الى أجواء خاصة، لأنها فن بحد ذاتها.”
تأثير الاستيراد
وذكر الموصلي أن الاستيراد يؤثر على المهنة، فكما تعلمون أن المستورد يصنع في معامل، لذا يكون أرخص، وجودته بسيطة، فأنا أصنع خمس سكاكين في اليوم الواحد، فيما المصنع ممكن أن ينتج 500 سكين، فيؤثر علينا، والناس تبحث عن الأنسب سعراً بسبب الظروف المادية. لكن مع هذا فإن بعض الناس يأتون من بقية المدن والمحافظات، من إقليم كردستان ومن بغداد ومن كل الأقضية والنواحي لشراء منتجاتنا، لأننا نمتاز بجودة المصنوع المحلي، وأيضاً بعت سكاكين لمواطن إماراتي وآخر باكستاني، ولشخص بلجيكي ولإحدى السيدات من ألمانيا، مع صعوبة نقلها في الطائرة.
ومع قلة إمكانيات السوفارجي رياض الموصلي، فإنه يحلم بمصنع لصناعة السكاكين والسيوف، التي أصبحت صناعتها للزينة، لكنها صناعة مدهشة، وهناك العديد من الشخصيات التي تطلبها.