تخليداً لإنجازاته.. معرض استعادي لمحمد غني حكمت أول من أدخل صب البرونز إلى العراق
بغداد / زياد جسام/
نظمت قاعة “ذا غاليري”، بالتعاون مع أولاده، معرضاً استعادياً لأعمال شيخ النحاتين العراقيين الفنان محمد غني حكمت، الذي تسيدت أعماله الغزيرة الساحة الفنية العربية في مجال النحت. وتضمن المعرض أهم الأعمال التي أنجزها، فضلاً عن أخرى متنوعة لم تعرض سابقاً في العراق.
تأتي هذه الفعالية إحياء لذكرى هذا الفنان الكبير، وتخليداً لإبداعاته وتجربته الغنية في الذاكرة البصرية، وتكريس أعماله للأجيال الجديدة التي لم تتح لها الفرص سابقاً لمشاهدة هذه المجموعة من الأعمال والتخطيطات وغيرها من التجارب، فقد كانت تجربته مهمة، استطاع من خلالها أن يطوع الخامات الصلبة ويحولها إلى مجسمات ذات قيم إبداعية جمالية. وتباينت المجسمات المعروضة، وتعددت آفاق التعبير في المنحوتات، وأبرزها لم يرَ النور سابقاً، باعتبارها من ممتلكات عائلة الراحل، وهي عبارة عن قطع برونزية وأخرى ورقية (سكيجات).
إن تجربة الفنان الراحل محمد غني حكمت تمثل هوية الإنسان ودلالات المكان الذي يعيشه، التي جسّدها عبر شخوص أو حروف أو بوابات تنفتح على الفضاء الرحب بكل ما يحيط بنا، متخذاً من الفضاء شكلاً من أشكال الماضي.
كهرمانة
تنوعت منحوتاته بين الخشب والبرونز والحجر والطرق على النحاس، وغيرها من الخامات، وهو مساهم كبير في إثراء الحركة الفنية التشكيلية بكثافة أعماله من التماثيل والجداريات والنصب التي تتألق في مختلف أنحاء بغداد، أو بمشاركاته الفاعلة في جماعات الفن التشكيلي العراقي التي تكونت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. كما ازدانت أهم ساحات بغداد بنصب كبيرة من أعماله، ومنها تمثال شهريار وشهرزاد، ونصب كهرمانة والأربعين حرامي في ساحة كهرمانة وسط بغداد، وتمثال عشتار، وتمثال حمورابي، وجدارية مدينة الطب، ونصب إنقاذ الثقافة، ونصب الفانوس السحري، ونصب البساط الطائر وغيرها. كما كانت له منجزات أخرى خارج البلاد، منها إحدى بوابات منظمة اليونيسيف في باريس، وثلاث بوابات خشبية لكنيسة تيستا دي ليبرا في روما، ليكون بذلك أول نحات عربي مسلم ينحت أبواب كنائس في العالم، فضلاً عن إنجازه جدارية الثورة العربية الكبرى في عمان، وأعمالاً مختلفة ومتنوعة في البحرين، منها خمسة أبواب لمسجد قديم وتماثيل كبيرة ونوافير.
أعمال البرونز
ومحمد غني حكمت يعد أول من أدخل عملية صب البرونز ونحته إلى العراق، الذي صار درساً أكاديمياً ضمن مناهج كليات ومعاهد الفنون الجميلة في العراق، كما أنه أدخل تدريس النحت على الخشب والحجر والمرمر والطرق على النحاس، وهي تخصصات لا تزال معتمدة في المعاهد العراقية، مستفيداً من تجربته الدراسية الغزيرة التي أمضاها في إيطاليا.
ولد محمد غني حكمت في بغداد عام 1929 وتخرج في معهد الفنون الجميلة، ثم حصل على دبلوم النحت من أكاديمية الفنون الجميلة في روما عام 1959، وعلى دبلوم الميداليات من مدرسة (ألزكا) في روما عام 1957، وعلى الاختصاص في صب البرونز من فلورنسا عام 1961. وكان عضواً مؤسساً في “جماعة الزاوية” و”تجمع البعد الواحد”، كذلك في “جماعة بغداد للفن الحديث “، وأسهم في معارضها، كما شارك في الكثير من المعارض داخل العراق وخارجه، ورحل الى مثواه الأخير في عام 2011.