“ظلال عابرة”… إنكليزي بنكهة عراقية

308

بغداد / خالد قاسم – تصوير / علي الغرباوي/

قدمت فرقة المسرح الإنكليزي التابعة لكلية اللغات في جامعة بغداد، بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح عرضاً مسرحياً بعنوان (ظلال عابرة Passing Shadows) على خشبة مسرح الرشيد. وحضر العرض جمهور كبير من محبي الأدب الإنكليزي والمسرح.

المسرحية من تأليف وإخراج الدكتور صباح سالم جبار، وأداء مجموعة من طلبة وخريجي الكلية، قدّم المخرج فيها مواضيع إنسانية بأسلوب سريالي جمع بين التراجيديا والكوميديا، واعتمد على عناصر مسرح العبث. استمد المخرج فكرة المسرحية من نصوص شعرية يدرسها طلبة كلية اللغات، وظفها بصورة درامية على خشبة المسرح، مستعيناً بمسرحية “ماكبث” لويليام شكسبير، التي خدمت المخرج كثيراً في إدانة الأيدي التي تلطخت بالدماء، بغض النظر عن مسمياتها، سواء من قتل طفلاً أو شخصاً كبيراً في السن.
تناولت المسرحية أيضاً موضوع الهجرة غير الشرعية، ولاسيما عندما يهاجر الإنسان العراقي بعيداً عن موطنه، لكنه للأسف يغرق في البحر قبل وصوله الى وجهته المنشودة، ويدفن غريباً في مقبرة إنكليزية، ليصحو بعد الموت ويجد نفسه بين أموات أجانب. وهي فكرة كبيرة ومهمة جداً تطرح تساؤلات منها هل أن من يدفن في بلاد الغربة سيحشر مع بني بلده؟ وهو سؤال سريالي يحمل معاني كثيرة. كما عرض الدكتور صباح رؤيته الخاصة عن الآخرة، يشاطره فيها العديد من المؤلفين والنقاد، عندما يصحو البشر بعضهم مع بعض، حين يتحدث كل منهم بلغته الخاصة، لكنهم يفهمون كلام الآخرين بقدرة الله سبحانه وتعالى، وهذا مفهوم أدبي وفني لا يتعارض مع الدين، بل يحترمه ويؤكد مضامينه، لذلك حصل تناسق وتماهٍ بين النص العراقي والنص الإنكليزي في العمل.
الفكرة المهمة الأخرى في المسرحية هي آفة المخدرات التي تفتك بالشباب، إذ جسد الطالب (مسلم نبيل) دور شاب في مطلع الثلاثينيات من عمره يموت بسبب الإدمان على المخدرات، ويبحث في عالم البرزخ عمن قتله، ليس بدافع الانتقام وإنما ليطرح عليه سؤالاً: لماذا جعلتني أدمن وتسببت بموتي؟
يرى الدكتور صباح أنه ابن المسرح، فهو يواكب الأعمال الفنية منذ 1993، وهناك درس عن المسرحيات في كلية اللغات/ قسم اللغة الإنكليزية حيث يحضر الطلبة وهم يرتدون ملابس العمل الفني ويحضرون أدواتهم المسرحية ويحفظون المشهد، ويساعدهم هذا الحفظ في تعلم اللغة والقدرة على التعبير عن النفس، كما يؤكد على أهمية التمثيل بموازاة التعليم ليتخرج الطالب وهو يحمل بناء فكرياً سليماً يخرجه من الطاقة السلبية، لأن جو المسرح يختلف عن المقاهي والإنترنت والأماكن العامة بسبب التفاعل مع الجمهور.
أما الشخصية الرئيسة في المسرحية، فهي تمثل إنساناً عراقياً يموت غرقاً أثناء الهجرة عامي 2015 – 2016 ويدفن في الغربة بمقبرة تجمعه مع الأموات من شخصيات مسرحية ماكبث، جسدها خريج كلية اللغات وطالب ماجستير أدب إنكليزي الملقب (شانيبو) وهو مساعد المخرج في الوقت نفسه، الذي يذكر أنه اكتسب القدرة على التمثيل من التمرين ولم يصل الى مستواه الحالي إلا بسبب حبه للمسرح.