770 إجازة لمشاريع صناعية في “10” أشهر فقط هل يتحوّل العراق إلى بلد صناعي مع هذا الكم من الموافقات؟!
مصطفى الهاشمي/
تصوير / حسين طالب/
يتساءل مختصون بالشأن الاقتصادي والصناعي عن صحة ما يدور على أرض الواقع في أخبارنا الاقتصادية المحلية بشأن وجود مشاريع تنموية وأخرى صناعية في عموم المحافظات، في وقت أعلنت فيه المُديريـة العامـة للتنميـة الصناعيـة منـح (770) إجـازة تأسيـس لمشاريـع صناعيـة خِـلال هـذا العـام لغاية مطلع شهر آب من العام الماضي، ضمن نشاطاتها وخدماتها التخصُّصية المُقدمة لدعم مشاريع القطاع الخاص.
في هذا الشأن بيَّن المختص بالشأن الصناعي باسم جميل انطون أن “إجازة التأسيس عبارة عن رقم على الورق فقط لحين إكمال صاحب المشروع متطلباتها المتضمنة 10 شروط”.
معاملات متشعبة
وأضاف انطون في حديثه لـ”الشبكة العراقية” أن “المشروع الصناعي يبدأ بالعمل بعد الحصول على شهادة إكمال تأسيس، التي يحصل عليها صاحب المشروع أو المستثمر بعد إنجازه معاملات متشعّبة مع أكثر من طرف كأمانة بغداد ووزارات البلديات والصحة والعمل، وغيرها من الجهات الحكومية الرسمية ذات العلاقة”.
وكشف عن وجود تحديات كثيرة تواجه واقع الصناعات العراقية أبرزها وأهمها ملف الكهرباء (الطاقة والمحروقات المدعومة)، الى جانب غياب الحماية الجمركية وحماية المنتج وسط الإغراق السلعي من دول الجوار، بسبب عدم تفعيل قوانين التعرفة الجمركية وحماية المنتج الوطني وحماية المستهلك، الى جانب تفاصيل كثيرة أخرى تتطلب حلولا متكاملة”.
حلول تكاملية
ولفت انطون الى أن “واقع الصناعة في العراق بحاجة الى حلول تكاملية مع جهات قطاعية، كوزارة المالية/ والجمارك، ووزارة التخطيط، والمنافذ الحدودية، لتفعيل القوانين المذكورة، فضلا عن البحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى تراجع او غياب الصناعة الوطنية عن السوق المحلية رغم جودتها ومتانتها ومطابقتها للمواصفات القياسية”.
الإغراق السلعي
ورأى أن “الحد من الإغراق السلعي لدول الجوار، والاستيراد العشوائي، وتوفير الكهرباء للمشاريع الصناعية تعد من الحلول الاولية لمشكلة النهوض بواقع الصناعة العراقية، ومن ثم تليها إجراءات قانونية وإجراءات أخرى لتنفيذ تلك القوانين، وبعدها تدعيم خطط تسويق المنتجات الوطنية المختلفة وتيسير شروط المنافسة مع المستورد على أن تكون الأولوية والأفضلية للمنتج الوطني”.
أهداف تنموية
يقول الباحث الاقتصادي فراس عامر: إن ” إنشاء المشاريع الصناعية أمر ممتاز اذا ما أخذ مداه الحقيقي الهادف الى التنمية، لا مجرد أن يكون غاية للحصول على القرض الصناعي، ومن ثم إغلاق المشروع وسحب إجازة التأسيس”.
وبيَّن أن ” أكثر المتقدمين يحصلون على إجازة تأسيس، لكنهم لا يستطيعون الحصول على إجازة العمل، إلا بعد إكمال جميع الشروط وتحقيق الضوابط المتمثلة بقطعة الأرض المخصّصة للمشروع، والتمويل الكافي، فضلا عن استكمال الأوراق من دوائر البلدية، وبقية الدوائر ذات العلاقة، كأمانة بغداد ووزارة البلديات وغيرها”.
من جهته قال المواطن عباس فالح (صاحب مشروع لمعمل حدادة): إن “عدداً كبيراً من الحاصلين على إجازة التأسيس، لا يكملون متعلقات إقامة المشاريع ويصطدمون بعوائق إدارية او مالية وفنية، أو قد يتعرضون الى الابتزاز أو المساومة، ما يجعلهم يعدلون عن الاستمرار بإقامة مشاريعهم رغم حاجة البلد الى توظيف الأيدي العاملة وتوفير فرص العمل، التي يمكن أن تقدمها تلك المشاريع”.
ولفت الى أن “عدد إجازات تأسيس المشاريع الصناعية لا يعكس بالضرورة وجودها، إذ إن هناك طارئين على القطاع الصناعي أسهموا في تشويه صورته الحقيقية التي تصب في تنمية الواقع الاقتصادي، وحققوا مآرب شخصية على حساب المصلحة العامة للبلد”.
تأسيس المشاريع
وكانت المُديرية العامة للتنمية الصناعية قد منحت (770) إجازة تأسيس لإقامة مشاريع صناعية جديدة في مُختلف المُحافظات، لغاية مطلع شهر آب، وخصصت (330 ) قطعة أرض صناعية لإقامة المشاريع، كما منحت خِلال الفترة المذكورة (40) شهادة إكمال تأسيس للإجازات و(2176) تقدير حاجة، فضلاً عن إجراء الكشوفات الميدانية البالغة (2753) كشفاً وخدمات أخرى كتجديد الهويات ونقل الملكية وغيرهـا.
إنجاز المتعلقات
بدوره يقول المختص بالشأن الاقتصادي خالد حسن التميمي: إن “الإجازات الـ 770 اكتملت منها 40 إجازة فقط لكون أصحابها أنجزوا متعلقات ومعاملات الحصول عليها من بقية القطاعات ذات العلاقة”.
وبيَّن في حديثه لـ”الشبكة العراقية” أن “من يسمع او يشاهد الأخبار المتعلقة بهذا الخصوص سيتصور أن العراق بلد صناعي وجاهز لتصدير منتجاته بعد أن سدّت حاجة السوق المحلية منها، بينما في الواقع الامور على العكس من ذلك كلياً”.
وأشار التميمي الى أن “الاغراق السلعي والاستيراد العشوائي ألحقا ضررا كبيراً بالصناعة الوطنية، ما يدعو النقابات الصناعية الى الاخذ بزمام المبادرة والطلب مباشرة من وزارة الصناعة والجهات الاخرى الحد من هذه السلبيات التي تقتل صناعتنا الوطنية”.