من مراقد الهاشميين في الحلة مزار أبناء مسلم (ع).. عبق الإيمان وعطر الشهادة

130

عامر جليل إبراهيم/
تصوير: إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية/

برغم ما شهده من جريمة يندى لها الجبين، إلا أنك عندما تصل إليه فسوف ترى مكاناً يفوح منه عبق الإيمان وعطر الشهادة، فهذا المكان شهد ذبح اثنين من أصغر أطفال بيت النبوة بعد استشهاد الإمام الحسين (ع) في العاشر من محرم، وهو يبعد عن واقعة الطف بنحو 37 كيلو متراً في قرية تشرّفت وحملت اسم شهيديها الصغيرين عمراً والكبيرين إيماناً “أولاد مسلم”.

مجلة (الشبكة العراقية) زارت هذا المزار الشريف والتقت السيد (علي عبد الرسول كريم)، الأمين الخاص للمزار، الذي حدثنا قائلاً:
سميت قرية أولاد مسلم تيمناً بالذبيحين الشهيدين، وهي تبعد عن قضاء المسيب بحدود كيلو متر ونصف، وعن مركز مدينة كربلاء المقدسة بنحو 37 كيلو متراً. وهذا المكان منسوب إلى ولدي مسلم، اللذين استشهدا فيه، وأغلب الظن أنه موضع دفنهما أيضاً، حيث فُصل رأساهما عن الجسدين الطاهرين. محمد وإبراهيم، ابنا مسلم بن عقيل كانا قد فرّا بعد واقعة عاشوراء بطف كربلاء، لكنهما أضاعا طريقهما حتى أُسرا وأودعا السجن، ثم هربهما السجان ليلجآ عند امرأة، وتكررت معهما قصة أبيهما فقبض عليهما، وقطع رأساهما على شط الفرات وحمل الرأسان إلى اللعين عبيد الله بن زياد.
تفاصيل المزار
تبلغ مساحة المرقد الكلية 7 دونمات غير متساوية الأضلاع، مثبتة في التسجيل العقاري وديوان الوقف الشيعي، ويتكون المرقد من أجزاء عدة: الأول عند الدخول من الباب الرئيس من جهة اليسار هناك مسقف بمساحة 28متراً، أما في الواجهة فتوجد (كرفانات) لخدمة الزائرين وإدارة المرقد لتنظيم انسيابية دخول الزائرين، وعند دخولك الباب الرئيس يكون أمامك صحن المرقد وهو بأبعاد 30 ×30 متراً، من الجهة اليمنى، هناك أواوين بمساحة 28 متراً مخصصة لاستراحة الزائرين عند وصولهم إلى المرقد الشريف، وفي الجهة اليسرى للمرقد هنالك قاعة لإحياء المناسبات الدينية للمنطقة وللمزار الشريف بمساحة 20 × 10 أمتار ، ومن الجهة الأمامية هنالك مقدمة للحضرة تسمى الطارمة المغلفة بالكاشي الكربلائي.
الحضرة المقدسة
عند دخولك الحضرة المقدسة يظهر أمامك شباكان مصنوعان من الذهب بطول مترين وبعرض متر وارتفاع مترين وربع المتر لكلا القبرين الشريفين، من جهة اليسار هنالك حضرة داخلية للصلاة بطول 30 متراً وبعرض 5 أمتار لأداء مراسم الزيارة، وعند الخروج من الحضرة وخلف الحرم باتجاه اليسار هنالك غرف الهدايا والنذور وغرف الحسابات وغرف الاجتماعات، وهنالك من جهة اليسار أيضاً مجمع للصحيات، وباتجاه الجهة الشمالية اليمنى هنالك مخزن داخلي للمرقد يضم المقتنيات الخاصة بالمرقد.
للمزار بابان: الباب الرئيس هو باب القبلة، وباب ثانٍ جانبي باتجاه الغرب سمي بباب الفرات، أما أبواب الحضرة فهما اثنان أيضاً، معمولان من الذهب، وتعلو المزار قبتان مذهبتان مساحة القبة الواحدة 160 متراً مربعاً وبارتفاع 25 متراً، وللمزار مئذنتان بارتفاع 30 متراً، وساعة بنيت في سنة 2007م.
التوسعة
أما عن التوسعة الجديدة، فيحدثنا المهندس المقيم (أحمد علاء حسين): التوسعة من الجهة الشرقية سوف تكون بمساحة 2650متراً مربعاً، عبارة عن أواوين ومصلى يلحق بجهة النساء يتكون من طابقين، حيث يحتوي على غرف الإدارة وخدمات المزار الشريف، ونحن الآن بصدد إكمال معاملات استملاك الأراضي من الجهة الغربية بمساحة 5250 متراً مربعاً، إذ إن المعاملات قيد الإنجاز لتكون هذه الأراضي صحناً وأواوين توسعة للمزار على غرار الجهة الشرقية، ولدينا الآن مشروع قائم قيد الإنجاز هو إنشاء قاعة ومجموعة صحيات خارج المزار الشريف، وهو قيد العمل ونسب التقدم جيدة فيه، كذلك لدينا مشروع أكبر هو هدم وإعادة بناء الحضرة الداخلية ومرفقاتها لكي تستوعب الزيادة الحاصلة في أعداد الزوار الوافدين إلى المزار.
مراحل البناء
مرّ المرقد بمراحل إعمار منذ مئات السنين، إذ ينسب بناء حرم أولاد مسلم، على ما ذكر، إلى الحاج محمد حسين الصدر، وذلك في عام 1220هـ، وكان في وسط الصحن جدار يقسم المكان إلى نصفين: الأول مدخل خصص ليكون مربطاً لدواب الزائرين، والثاني لراحة الزائرين. وفي عام 1355هـ قامت جماعة من التجار بالاستئذان من المرجع السيد أبي الحسن الأصفهاني لرفع الجدار الفاصل، فأذن لهم، فرفعوه وشيدوا غرفاً لاستراحة الزائرين. بعدها أزيلت الغرف وجرى توسيع الصحن الشريف وبناء مئذنتين، إضافة إلى فتح باب ثانٍ، كما ذكر السيد الأمين الخاص، سمي باب الفرات. وبدأ العمل بالتوسعة منذ سنة 1995م، وكان الإشراف عليه من قبل لجنة منتخبة من الخدام عشيرة السادة البكارة (البكيرات). كما ذكر ذلك الشيخ علي القسام نقلاً عن سادن الروضة الحاج علي الهلال أنه قام ببناء البهو (الطارمة) من جمع التبرعات عن طريق المؤمنين في العراق، وذلك عام 1352هـ، وقد أشرف على بنائه المعمار حمودي البغدادي وسادن الروضة الأقدم شيخ عشيرة السادة البكارة الحاج علي الحاج حسين هلال عند توليته من قبل المرجع الديني السيد محسن الحكيم (قدس)، وفي عام 1381هـ قامت تلك الجماعة من التجار بتزويد مبنى الروضة بإسالة الماء الصافي لراحة الزائرين، كما جرى ايصال التيار الكهربائي للمبنى عام 1384هـ، وفي عام 1394هـ جدد بناء المرقد، وأقيمت فيه أقواس على الطراز الإسلامي، كما حولت المقبرة الملحقة بالمرقد بعد اندراس معالمها إلى ساحة لوقوف السيارات.
نشاطات المرقد
تقام في المزار الشريف نشاطات قرآنية وثقافية على مدار السنة، ولاسيما في العطلة الصيفية، فهناك دورات في الفقه وعلوم القرآن وأحكام التلاوة، وهذه الدورات مخصصة للأطفال لاستقطاب هذه الفئة وتعليمها وتثقيفها دينياً لكي تكون بذرة صالحة في المجتمع، تفقه أصول دينها.