زينب العاني تدعم رحلتها العلاجية بالتشكيل .. الفن ينقذ الحياة

85

زياد جسام/

تقول الدراسات إن الفنون تعد طرقاً علاجية قوية للصحة النفسية، لذا يتبنى الأطباء برامج علاجية مهمة تندرج تحت عنوان (العلاج بالفن)، لما له من دور فعال وتأثير إيجابي نفسي على صحة الإنسان.

 

المتخصصون في هذا الشأن أشاروا إلى وجود علاقة واضحة بين ما يعانيه الإنسان من آلام نفسية، وإتقانه الفن أو امتلاكه الموهبة لممارسة الفن، كالرسم أو النحت أو التصميم أو أي تخصص آخر، فالمعالج النفسي، المسؤول عن هذه الحالات النفسية المضطربة، له القدرة على رؤية مشاعر الأشخاص المعنيين من رسوماتهم وطريقة تنفيذها ليستطيع معالجة مشكلاتهم النفسية، فقد يساعد تأثير اللون والملمس والجو العام للوحة، أو المنحوتة، أو ما شابه ذلك، في العملية العلاجية، من خلال الكشف عن أفكار الفرد ونواياه، ومشاعره، وميوله النفسية.

طاقة إيجابية

لا شك في أن الأعمال الفنية تمنح صانعها طاقة إيجابية ودفقة حب وتعبير عن الشخصية، لأن الفن يساعد الأشخاص على التعبير عما في دواخلهم، واكتشاف حالاتهم النفسية بأسلوب غير لفظي، فالكثير من الأشخاص المعنيين بهذا الحالات، لم يستطيعوا التحدث عن مشاعرهم إلى الآخرين، ولربما يكون الفن سبيلهم الوحيد لفهم ما يعانونه من مشكلات واضطرابات نفسية عميقة أثرت على حياتهم.

على سبيل المثال، احتفلت قاعة (ذا جاليري) قبل أيام في بغداد، بافتتاح معرض شخصي للشابة (زينب العاني)، حمل عنوان (الفن ينقذ الحياة)، التي حضرت معرضها على الرغم من التحديات الصحية التي تواجهها، وكان لوجودها في هذه الفعالية أثر نفسي إيجابي كبير عليها وعلى كل من حضر المعرض.

رسالة إنسانية

شهدت الفعالية إقبالاً كبيراً من الجمهور الذين حضروا خصيصاً لدعم المعرض ورسالته الإنسانية، ومساندة (زينب) التي اتخذت من الفن التشكيلي علاجاً فعالاً لحالتها. يذكر أن قاعة (ذا جاليري) لها فضل كبير في إقامة هذه الفعالية، إذ سبق أن أعلنت في دعوتها للمهتمين بالفن، قبيل افتتاح المعرض، أن “هدف المعرض، هو دعم الشابة زينب العاني في رحلتها العلاجية من خلال بيع لوحاتها.” سواء أكان هذا الدعم مادياً أو معنوياً، فهو بالتأكيد سيكون له أثر ايجابي على الفنانة التي اشتغلت على تجربتها الخاصة بشكل فردي وفطري، حتى باتت أعمالها ممثلة لهويتها الخاصة من خلال تنفيذها للوحاتها بطريقة حديثة، ليس بالألوان الزيتية وحدها، إنما بطريقة دمج الخيوط الملونة، بطريقة أشبه ما تكون بالتطريز على القماش.

وعلى الرغم من أن أعمال (زينب) تأخذ وقتاً طويلاً في إنتاجها، إلا أنها غزيرة الإنتاج بشكل لافت ومبالغ به، ربما يعود السبب إلى أنها وجدت في اللوحة والجلوس أمامها لساعات، المكان الوحيد الذي يريح أعصابها، وفيه تستطيع البوح بأسرارها وما يجول في خاطرها، لتترجمه على سطح هذه الأعمال، وهذا هو بيت القصيد، إذ يكون التأكيد هنا على أن الفن علاج حقيقي للنفس.

عنوانات لافتة

كل من أعمال زينب كان يحمل عنواناً، والغريب أن هذا العنوانات تكون أحياناً بجملة طويلة، مثل: “كل الديون قد تقضى إلا دين الأم، حياتي عبارة عن لعبة شطرنج، صعوبة الشرح تجبرنا على الصمت، أمنيتي ان أكون في مكان مع الناس الذين أحبهم، عقلي تائه ولا أستطيع أن أتحمل أكثر، أحاول الابتعاد عن الواقع، أنا لوحه غير مفهومه كلها ألغاز، في داخلي اثنتان: طفلة ترغب بامتلاك كل شيء، وعجوز ملّت من كل شيء، عقلي يرهقني ولا يستطيع التحمل أكثر، عقلي سوف ينهار من كثر الصدمات.. إلى آخره.”  من المؤكد أن هذه العنوانات تعد مفتاحاً للشفرات المعقدة في الرسم، التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة دون هذه العبارات، علما بأنها طويلة تفصح عن نفسية زينب وما تحمله من حكايات مؤثرة.