لطفية الدليمي.. سيدة الحرية

65

نرمين المفتي/

هي سيدة بيت رائعة تفرح بضيوفها وتسقيهم شاي الياسمين الذي شربتُه للمرة الأولى في صالونها الأنيق بألوان جدرانه وأثاثه، فهي تعرف كيف تمنح الراحة من خلال الألوان إلى أفراد عائلتها وضيوفها.
لا أتذكر متى قرأت لطفية الدليمي للمرة الأولى، طبعاً كان ذلك قبل أن أتعرف إليها بسنوات، لكنني أعرف أن لغتها جذبتني بشدة، بقراءة بعد أخرى. هنا لا أدعي بأنني قرأت كل منجزها، سواء في التأليف أو الترجمة أو دراساتها، لكني اكتشفت أن اللغة التي تستخدمها لغة عربية خاصة بها، فهي تعرف كيف تجعل هذه اللغة الصعبة طوع يديها، لتخرج إلينا بروايات نرى شخصياتها، الرئيسة والثانوية، ونتفاعل معها إلى درجة أننا نحاول أن نتحاور معها، ولاسيما شخصياتها النسائية القادمة من بيننا، وفي كل واحدة منها شيء منها ومني ومن أية امرأة عراقية أخرى، ومن أية شريحة كانت.
أما ترجماتها، فأهميتها توازي عندي أهمية رواياتها وقصصها، فهي دقيقة في اختيار العناوين، مهما كانت صعبة، لتمنح القارئ كتاباً وكأنه كتب أصلاً باللغة العربية. هي ليست كاتبة ومترجمة وباحثة من طراز خاص، إنما امرأة من طراز خاص جداً، فهي سيدة بيت رائعة تفرح بضيوفها وتسقيهم شاي الياسمين الذي شربتُه للمرة الأولى في صالونها الأنيق بألوان جدرانه وأثاثه، فهي تعرف كيف تمنح الراحة من خلال الألوان إلى أفراد عائلتها وضيوفها. كما أنها سيدة متصالحة مع نفسها جداً، وتقول كلمتها، خاصة إذا كانت عن حقوق المرأة، بقوة، وتعرف مسبقاً كيف ترد على من يناقضها أو يرفضها. وبالرغم من قوة كلمتها، فهي قريبة من قرائها، ولا تتأخر في الرد على المعلقين على منشوراتها على منصة الفيسبوك بكلمات قريبة من القلب.
هي امرأة تعشق الحرية وتحترم الآخر وتتقبله، وقد تكون الكتابة بعض حريتها التي حققتها، وهنا أقصد حرية التقدم والتطور ومواجهة التخلف، إذ إن غالبية منشوراتها في صفحتها علامات طريق لهذه الحرية التي ننشدها جميعاً. لذلك أطلقت عليها لقب (سيدة الحرية). غادرت لطفية الدليمي بغدادها مع العنف الطائفي البغيض، لكن العراق استمر، تاريخاً وجغرافية وأحداثاً، يسكنها، فتسكت حنينها بروايات ومنشورات عنه تكشف الكثير، ليس من الحب والشوق فقط، إنما الحقائق أيضاً. في منشور لها كتبت أن “خفقة شمعة تحدث فرقاً بين الظلام والنور”.. وأكاد أجزم بأننا، في الظروف التي نمر بها، بحاجة إلى خفقة الشمعة هذه لتتفتح محبة وفكراً، كما تقول لطفية، وأن نعرف كيف نبذر بذور أحلام تتحول إلى مشاريع أمل للغد الذي نتمناه قريباً أبداً.