الذكاء الاصطناعي في ملعب الأزياء الرياضية
إعداد وترجمة: أحمد الهاشم
بعد الانتقادات التي وجهت إلى أزياء بعض الفرق الرياضية في أولمبياد باريس الأخيرة، ازدادت الدعوات إلى الاستعانة أكثر بالذكاء الاصطناعي في تصميم الأزياء الرياضية، خصوصاً أن الذكاء الاصطناعي أحدث تغييرات مهمة في صناعة أزياء الموضة. ولكن ماذا عن أزياء الرياضة؟
انتقادات لأزياء فرق أولمبية
في أولمبياد باريس2024، حظيت بعض البلدان بالثناء على اختياراتها في الأزياء، في حين كانت بلدان أخرى عرضة للانتقادات، وكانت تستحق النقد. إذ وُجِهت انتقادات مثلاً لزي المنتخب الألماني النسائي لكرة القدم، بسبب تصميمه الضيق جداً، وعدّه البعض غير مريح للاعبات. أما الزي الرسمي للمنتخب الأميركي، فتعرض لانتقادات بسبب سعره المرتفع، ولكونه لا يعكس الهوية الأميركية بصورة وافية، نظراً إلى أن الملابس الأولمبية هي مظهر من مظاهر تمثيل البلدان ثقافياً.
وبخصوص ملابس السباحة، عبّرت بعض اللاعبات عن عدم ارتياحهن لارتداء ملابس السباحة التقليدية الضيقة، إضافة إلى الضغط النفسي المرتبط بالظهور العلني بهذه الملابس. وصدرت عن بعض الفرق الرياضية المشاركة دعوات إلى ملابس رياضية للسباحة تجمع بين الاحتشام والكفاءة الرياضية.
وتعرضت أزياء وضعها المصمم الهندي الشهير (تارون تاهيلياني) في أولمبياد باريس إلى انتقادات من قبل اللاعبين والجمهور أيضاً، لأنها لم توازن بين المظهرين الرياضي والرمزي، لأن على الأزياء الرياضية أن تعكس ثقافة ذلك البلد ورموزه وقيمه، مع محافظتها على المواصفات المطلوبة في الزي الرياضي، أي أن يكون مرناً خفيف الوزن ومريحاً يسهّل الحركة، وهو أمر ضروري للأداء الرياضي الأمثل. وهو ما أخفق فيه المصمم الهندي.
مساهمة الذكاء الاصطناعي
من المتوقع أن يعمل الذكاء الاصطناعي في تصميم الأزياء على إحداث تغيير كبير في كيفية تفكيرنا في الأزياء الأولمبية. ففي مقدور المصممين إعادة ابتكار الإطلالات الأولمبية الكلاسيكية وتحسينها، والجمع بين ضرورة أن تتطابق ملابس الرياضة مع وظيفتها، وبين الأناقة والابتكار.
وإذا نظرنا إلى صناعة الأزياء من منظور عام لا يخص الرياضة فقط، يمكن القول إن هذه الصناعة تعرضت سابقاً وحالياً إلى انتقادات، لأنها تقتصر على فئات محدودة اجتماعياً، مثل الشباب والنساء حصراً، وعلى الاجسام الرشيقة فقط، وعلى أعراق محددة مثل العرق الأبيض. لكن نماذج الأزياء المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تُعدّ تحسيناً لمفاصل هذه الصناعة بما يُعزّز التنوع ولا يستثني بعض الشرائح والفئات الاجتماعية.
وبالاستناد إلى تحليل المعطيات التاريخية والاتجاهات الحالية، يمكن لتصميم الأزياء بالذكاء الاصطناعي توليد أفكار تصميم جديدة تحترم إرث الألعاب الأولمبية الماضية، مع دمج العناصر المعاصرة. ولا تغفل أزياء الألعاب الأولمبية عن ضرورة التعبير عن الميزات الثقافية لكل بلد وقيمه، ما يضفي بعداً رمزياً على الملبس الرياضي.
المواد والتقنيات
أحد أهم التغييرات التي يمكن أن يجلبها تصميم الأزياء بالذكاء الاصطناعي إلى أزياء الألعاب الأولمبية هو اختيار المواد والأقمشة، عن طريق تحليل خصائصها المختلفة، مثل قابلية التنفس، والقدرة على امتصاص الرطوبة، والمتانة.
ستسهل صور التصميم المعززة بالذكاء الاصطناعي على المصممين التعبير عن أفكارهم بتفاصيل دقيقة، وستكون التصاميم الناتجة غير قابلة للتفريق عن الصور الحقيقية. أمّا دمج الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا الفيديو، فسوف يتيح نماذج ثلاثية الأبعاد، ما يسهل إنشاء التصميم ويقلل التكاليف المتعلقة بالعينات المادية، ويبسط التسويق للعلامات التجارية، ما يسمح بإعلانات أسرع وأكثر إبداعاً. كما ستتيح الصور والفيديوهات التي يستحدثها الذكاء الاصطناعي للعلامات التجارية إنشاء مروجين افتراضيين، ما يوازن بين العلامات التجارية (الماركات) الصغيرة والكبيرة عبر توفير تمثيل بصري عالي الجودة.
وفي مجال إنتاج الألبسة، سيسهم تطبيق الذكاء الاصطناعي في تبسيط التواصل مع المصانع، ما يقلل الأخطاء ويسرع في عملية الإنتاج. ومن المتوقع أن تحدث روبوتات الدردشة والمساعدون الافتراضيون المدعومون بالذكاء الاصطناعي ثورة في خدمة الزبائن، إذ ستتعامل مع الاستفسارات والتوصيات بكفاءة متزايدة. في حين سيقدم ظهور الأقمشة الذكية نسيجاً يتمتع بخصائص أكثر مرونة وتكيفاً، مثل تنظيم درجة الحرارة، ومراقبة الصحة، وتعديلات الحجم، ما يجعلها تناسب كل شخص بحسب مواصفات بدنه.
وفي مقدور الذكاء الاصطناعي تحديد الأقمشة المبتكرة التي تتضمن الاستدامة، وهو اعتبار متزايد الأهمية في مجال الأزياء. وعن طريق الإرشاد إلى مواد صديقة للبيئة لا تتنازل عن الأداء، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في إنشاء ملابس عالية الأداء ومسؤولة بيئياً.