مرقد ذي الكفل معلَم ديني شيده السلطان الإيلخاني

22

الشبكة / عامر جليل إبراهيم

تصوير/ إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية

تعد ناحية الكفل، الواقعة في منتصف الطريق بين الكوفة والحلة على الضفة الشرقية من نهر الفرات، واحدة من أكثر الأماكن التي مرّ بها من اصطفاه الله، ليكون نبياً ورسولاً، إذ تضم قرابة 38 موقعاً أثرياً، منها 16 موقعاً مثبتاً بصورة رسمية. ومن بين أبرز معالم هذه المدينة التاريخية مرقد نبي الله ذي الكفل، ومسجد النخيلة التاريخي، ومقام الإمام علي (ع).
مجلة «الشبكة العراقية» زارت المرقد الشريف، حيث التقت أمينه الخاص، السيد وسام الصافي، الذي حدثنا قائلاً:
“تعد ناحية الكفل مركزاً لتلاقي الأديان، إذ إنها تضم معالم ومزارات عدة، أهمها مرقد النبي ذي الكفل (ع) ومقام الإمام علي بن أبي طالب (ع)، ومقام العبد الصالح الخضر (ع)، فضلاً عن مسجد النخيلة التاريخي ومنارته المميزة.”
يضيف قائلاً إن “نبي الله، ذا الكفل، من الأنبياء الذين ذكروا في القرآن مرتين، الأولى في سورة (ص)، والثانية في سورة (الأنبياء). وقد اختلف المفسرون في اسمه، فقيل هو زكريا النبي، لكفالته السيدة مريم العذراء. وقيل إلياس، وقيل إليسع، وقيل بشر بن أيوب، وهناك من قال إنه عويديا بن أدريم، وهناك رواية قوية السند تقول إنه يهوذا، بن يعقوب النبي.”
يؤكد الصافي أن هذا المكان يعد من الأماكن المهمة، فهو مزار ومعلم ديني وحضاري وتاريخي، بناه السلطان الإيلخاني (محمد خدابنداه أولجياتو)، وهو محمد بن جنكيز خان، الذي بنى هذا المرقد بكل ملحقاته، ومن ضمنها المنارة التي بنيت في زمن السلاجقة قبل 750 عاماً. يضم المزار، فضلاً عن مرقد ذي الكفل، مراقد خمسة من أصحابه وحوارييه، وأسماؤهم معلمة ومثبتة على قبورهم. كما يضم المكان مقام أمير المؤمنين علي بن بي طالب (ع)، ومقام الخضر(ع). والمساحة الكلية للمرقد هي 4000 متر مربع وارتفاع المنارة 25 متراً مربعاً.
مزار مختلف
يلفت الصافي إلى أن ضريح نبي الله ذي الكفل (عليه السلام) يختلف عن الأضرحة التي تحفل بها المراقد الدينية الأخرى المنتشرة في أرجاء المعمورة، فبعدما كان يغطي القبر الشريف صندوق خشبي من الصاج الخالص الجميل، أصبح الآن شباكاً كبقية الأضرحة، مصنوعاً من أجود أنواع خشب الصاج البورمي، وضع في قاعة ترتفع إلى الأعلى على شكل قبة مخروطية مبنية على الطراز السلجوقي. أما القبة التي تضم الجسد الطاهر فلها بابان خشبيان، منقوشة في أعلى كل منهما عبارات باللغة العبرية، وهما يطلان من جهة الشمال على بناء متداخل بعضه ببعض وبدعائم ضخمة جداً على شكل أقواس.
إعمار المزار
تبلغ مساحة المزار الشريف 4000 متر مربع، متكونة من القبر وحرم الصلاة القديم، وتجري التوسعة لحرم الصلاة. يذكر أن الإعمار بدأ في المزار الشريف عام 2012، إذ جرى إنشاء مجمع غدير خم، الذي تبلغ مساحته 50000 متر، ويحتوي على متحف، وجامعة، ومدرسة دينية، ومكتبة، وقاعة ومعهد لتعليم القرآن، ومركز رعاية الشباب، ومركز تعليم الأيتام، ودار الإرشاد الأسري، الذي من المؤمل تنفيذه بعد استكمال عملية استملاك قطع الأراضي التي سينفذ المشروع عليها.
زخارف هندسية
عند الخروج من الباحة الأمامية للمرقد، هناك صحن كبير آخر يتصل بمرقد النبي ذي الكفل، هو صحن مسجد النخيلة ومنارته المشهورة، وفيه المحراب المعروف الذي صلى فيه أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) عند خروجه إلى صفين، وإلى حرب الخوارج في النهروان ماراً بالحلة.
أما في جهته الشمالية، فتشمخ مئذنة عملاقة في علوها، وضخامتها، وبنائها الأسطواني الأسطوري، فيها من الكتابات الجميلة التي لا تقل روعة عن المقرنصات التي تزين حوضها من الخارج، وهي في غاية الإبداع والإتقان من الجمال، والسحر المعماري، إذ يعتقد أنها بنيت في زمن البويهيين.
إحياء المناسبات
عن أبرز النشاطات الثقافية والقرآنية التي تقام في المزار، حدثنا المعاون الثقافي، السيد مكي عبد الزهرة الجبوري، قائلاً: “تقام في المرقد نشاطات دينية وثقافية وقرآنية على مدى العام الكامل، ومنها إحياء مناسبات ولادات ووفيات أهل البيت عليهم السلام، وإقامة دورات فقهية وثقافية ودينية ودروس في علوم القرآن للرجال والنساء، إضافة إلى إحياء شعائر شهر رمضان المبارك، وعقد الجلسات القرآنية، وإحياء ليالي القدر بالصلاة والعبادات.”