“مستحضرات التجميل” وقمة المناخ

23

 

حليم سلمان

تَسخر الصحافة العالمية الغربية من نتائج اجتماعات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29)، الذي عقد مؤخراً في العاصمة الأذربيجانية باكو. ويأتي موضوع التهكم من أن الدول الأعضاء، وبعد جهد جهيد، وعمل مضن، تمكنت من جمع مبلغ قدره 300 مليار دولار، وهو في الحقيقة أقل من إجمالي الإنفاق العالمي على (مستحضرات التجميل) سنويا! صحيح “شر البلية ما يضحك”..
التعهدات التي قطعتها دول العالم لاتزال متأخرة عن المستوى المطلوب لتحقيق أهداف المناخ وتوفير التمويل اللازم لدعم الدول النامية في جهودها للتخفيف من آثار التغيرات المناخية والتكيف معها، بينما نصدم عندما نتعرف على حقيقة جزء بسيط من تباين الإنفاق المالي العالمي في مجالات معروفة. فحسب تقارير صحفية مثلاً: قُدرت مشتريات مستحضرات التجميل والسلع الفاخرة بنحو 378 مليار دولار في العام 2024، فيما يذكر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلم أن إنفاق الحكومات على القطاع العسكري في عام 2023 بلغ 6.7 مليار دولار في اليوم الواحد، ناهيك عن استهلاك النفط بنحو 100 مليون برميل يومياً، أي مايعادل ترليونات من الدولارات.
وإذا أخذنا في الحسبان ثروات رجال الأعمال، ولاسيما الأميركي إيلون ماسك، بثروة مقدارها 321.7 مليار دولار، وخسائر الأعاصير التي زادت حدتها بسبب التغيرات المناخية، فإنها تقدر بمليارات الدولارات في أميركا والعالم.
على الرغم من كل هذه التحديات، وانشغال العالم برأسمالية الدولار، إلا أن مؤتمر (كوب 29) يعد خطوة عملية نحو المشاركة الجماعية في مكافحة (الاحترار المناخي)، وتوفير قوة دافعة للجهود الدولية الرامية للحد من ظاهرة (الاحتباس الحراري).
الوثيقة التي وقعت في المؤتمر، يرى الكثيرون أنها ليست أكثر من خداع بصري، وأنها لن تعالج ضخامة التحديات المناخية في منع الكوارث البيئية، مثل ذوبان الجليد، وارتفاع مستويات البحار، وحماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، وتحسين جودة الحياة، والحد من الكوارث الصحية المرتبطة بتلوث الهواء.
ماذا لو تقرر النساء التخلي عن مستحضرات التجميل، ويتبرع ماسك وآخرون بنصف ثروتهم، ويخصص دولار من كل برميل نفط، وتقلل الصناعة الحربية، لدعم التمويل المناخي، وتتم مساعدة الدول النامية في تعزيز استخدام مصادر الطاقة النظيفة مثل الشمس، والرياح، والمياه، والطاقة النووية، وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، مثل النفط والفحم، وزيادة الاستثمار في تقنيات كفاءة الطاقة والتوسع في استخدام المركبات الكهربائية ؟
ماذا لو.. ؟