حلم ابن فرناس

21

جمعة اللامي

“سنتمكن بواسطة النظر إلى الوراء، عبر 90 بالمئة من تاريخ الكون، من إلقاء نظرة على حقبة، كان فيها تشكل النجوم أمراً يتكرر حدوثه.”
(مايكل روبنسون )

لا شك في أن روح العالم العربي الأندلسي عباس بن فرناس، الذي عاش في القرن التاسع الميلادي، ستكون أكثر فرحاً، وهي تتابع رحلة المسبار “بيجل – 2 “، الذي قطع مسافة 400 مليون كيلومتر ليصل إلى المريخ.
وكتب الدكتور “فيليب حتي” في كتابه “تاريخ العرب المطول” أن عباس بن فرناس المتوفى سنة (888) ميلادية “كان أول رجل حاول الطيران بطريقة علمية. وكانت عدته عبارة عن رداء من ريش، كسا نفسه به، وجعل له فيه جناحين. وقد قيل إنه طار في الجو مسافة، لكنه لم يحسن الاحتيال في وقوعه، فتأذى في مؤخرته لأنه لم يعمل ذنَباً.”
وأهمل كُتّاب تاريخ الطيران الأوربيون العربي ابن فرناس. وتحدثوا عن أسطورة “إيكار” الإغريقي، الذي طار من جزيرة “كريت” وحط في إيطاليا، كما يقول “فيرجيل”، وكتبوا حول أشواق أهالي “الأنكا” في البيرو للطيران. ولم يهملوا تلك الرموز الغامضة للأجنحة المنحوتة على الصخور لدى الشعوب البدائية.
لكن هؤلاء الأوربيين لا يستطيعون إهمال تماثيل “الثيران المجنحة” عند أسوار “بابل” العراقية، قبل 3 آلاف سنة على ميلاد المسيح عيسى بن مريم، ولا تلك الحيوانات المجنحة التي تزين جدران مدينة “نينوى” الآشورية، “الموصل” حالياُ، في شمال العراق.
وبلغ حلم الإنسان في الطيران ذروته سنة 1903، بعد اختراع الطائرة، أو “الجسم الأثقل من الهواء” في أعقاب اختراع المنطاد، أو “الجسم الأخف من الهواء”.
لكن الفنان الإيطالي الشهير “ليناردو دافنشي”، كان له الكأس المعلى في “صناعة” الطيران قبل أوانها، فهو الذي وصف، في نهاية القرن السادس عشر الميلادي، طائرة على هيئة “هليكوبتر” حالية بحوالي 35 ألف كلمة، وأكثر من 4 آلاف رسم، كما يذكر ذلك كاتبو سيرته. و”دافنشي” هو أول من رسم رسماً تفصيلياً “الدبابة” الحديثة التي أحدثت تطوراً ثورياً في نتائج الحروب وتاريخها.
لكن لا وكالة (ناسا) الأميركية، ولا غيرها من الوكالات الأوربية واليابانية والروسية والصينية، استطاعت أن تبلغ شأواً يشفي غليل الإنسان لمعرفة أسرار هذا الكون الذي لا نعرف بداياته، ولا نهاياته أيضاً.
وقبل فترة، أطلقت (ناسا) مرصداً يحمل اسماً طويلاً هو “منشأة التلسكوب الفضائية العاملة بواسطة الأشعة ما تحت الحمراء”، بتكلفة بلغت بليوني دولار، لمعرفة أبعد نقطة في كوننا هذا.
لكن غريب المتروك يقاطعني قائلاً: لقد انطلق ذلك المسبار بحثاً عن الحياة في الكوكب الأحمر، لكن ولع الأميركيين بالمراهنات بلغ أوجه حينذاك، واستغلت إحدى وكالات المراهنات هذا الحدث العلمي، لتحصد أرباحاً هائلة، ضحكاً على عقول الأميركيين، وليس على ذقونهم فقط.