كلمة أولى

680

رئيس التحرير/

أوهام العراقي عن نفسه

يعتز العراقي بشخصيته ويفتخر بها ويعتقد أنه الأكثر تفوقا بين شعوب العالم، فهو أفضل من الايراني وأذكى من التركي وأكثر وطنية من الأميركي وأشجع من الياباني وأشطر من الهندي طبعاً.

ويقول العراقي أنه ابن حضارة تمتد سبعة آلاف سنة وبأنه علم البشرية الكتابة. وبأنه أول من وضع القوانين في زمن حمورابي. ويناقش العراقي في السياسة والدين والفلسفة والرياضيات والأدب وعلم النفس وكل العلوم الأخرى بوصفه استاذاً فيها.

وإذا كان هذا هو العراقي البسيط، فالسياسي.. تهـي بهـي. فهو نابغة عصره في السياسة والقانون لا يتنازل عن رأيه لو انطبقت السماء على الأرض. تصوراته حجة لا يدانيها الخطأ. تصريحاته على التلفزيون نظريات علمية لا تطولها الشوائب. سكوته عن الفساد حماية لسمعة الطائفة والعشيرة. ارتكابه الجرائم بحق أبناء جلدته مقاومة للاحتلال. ومعارك السياسيين التي نتفرج عليها هذه الأيام تقدم لنا أفضل مثال على حرصهم ووطنيتهم. وتهديدات بعضهم باشعال الحرب الأهلية أو التقسيم خير دليل على شعورهم بالغيرة والحمية على شعبهم وبلادهم.

ولكن تعالوا نرى معاً ماذا يفعل العراقي في واقع الحال.. ماذا يصنع وماذا ينتج: الألبان والأجبان نستوردها من ايران. زيت الزيتون وزيت القلي والأطعمة المعلبة من تركيا. الملابس والعطور من سوريا. الطماطة والخيار والخضراوات من الأردن. مساحيق الغسيل والصابون وورق الكلينكس من الامارات. معلبات اللحوم والأسماك من روسيا. السيارات والدراجات والماطورات من كوريا. البهارات والتوابل من الهند. الصوبات والبريمزات من مصر. أجهزة التبريد والمولدات من ماليزيا. الأحذية وغرف النوم الجاهزة من الصين. أجهزة الحاسوب والتلفزيونات والمسجلات من اليابان. السجائر والمشروبات الروحية والغازية من فرنسا واسكوتلندا. الرز والشكر والقهوة ومعجون الطماطة من كوبا وايطاليا وفرنسا. خدمات الهاتف النقال وخطوط الانترنت من الكويت ومصر والامارات. الأشجار والزهور والورود من البحرين ودبي. الطائرات والدبابات والرشاشات من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا. البسامير والبراغي والجواكيج من الصين. الأدوية والعلاجات من ايطاليا وسوريا والهند. حبوب الفياغرا من بريطانيا. أقلام الرصاص والمحايات من السودان. أكياس النفايات وبراميل القمامة من تركيا. عملتنا العراقية نطبعها في سويسرا. علاجنا من الأمراض في ايران والهند.

إذن على ماذا وبماذا يفتخر العراقي؟.. أريد حجة أكتبها في المقال القادم!