نجاة عبد الله:ليس هناك شِعر نسوي وآخر ذكوري

668

رجاء الشجيري/

من زقزقة العصافير تترنم كلماتها، ومن تراتيل الليلك نسجت كالحرير فرادة أفكارها، لتحمل بين أناملها أينما حلقت مدناً من الأحلام والرؤى، لها بصمة حبّ وحياة في كلّ مكان، وهي نافذة بحد ذاتها، شفافيتها تجعلنا نطلّ معها إلى الـ(هناك) وهو يسمو بالجمال والأمنيات المترفة.

شاعرتنا المرهفة نجاة عبد الله حلت ضيفة على “الشبكة” فكان معها هذا الحوار:

إيقاع الحياة

الشاعرة نجاة عبدالله تموسقت بين إيقاعي الحياة والقصيدة ولكنها تعلن “أن إيقاع الحياة أدمى وأوجع لأنه خارج نطاق إرادتي وطوعي وأنا مسيّرة فيه، أما إيقاع القصيدة فهو طوع تشكيلي وخلقي وإنفعالي معه، أترجمه بمنتهى السلاسة، لذلك هو لا يخونني أويوجعني أبداً”.

وقد كانت بالضدّ تماماً جملة وتفصيلا من تسمية وتصنيف (شعر نسوي)، لأنها ترى الشعر وحي إبداع مطلق يسمو على هذه التقسيمات، لتؤكد إذا كان هناك إصرار على تسمية شعر نسوي فأنا أطالب بتسمية الشعر الذي يكتبه الرجال بالشعر الذكوري.

تبتسم براءتها وهي ترى أن الشاعرة تبقى طفلة مهما كبرت تقول “لا يمكن ولا أستطيع أن أكبر أبداً، للآن إذا فقدت أي شيء خاص بي أبكي بشدة كالأطفال وأغضب بسرعة مثلهم وأفرح وأضحك لأبسط الأشياء كعفويتهم، لذلك أنا طفلة إلى ما لا نهاية”.

تجليات وصوفية

كان لمجموعتها (هناك بين أصابعي) وهج تجليات وصوفية عالية تغلغلتها عند سؤالنا عنها أكدت بقولها “ولدت مجموعتي هذه في أجواء صوفية مع الذات ومع من حولي حينما كنت في مصر، فكتبت أول قصيدة فيها كانت (كلمات عاجلة إلى الله) ففي هذه الفترة في مصر كانت كل الأجواء تتوهج صوفية، وكان لدي حب إطلاع على كبار المتصوفة أمثال (ابن عربي والحلاج والرومي) ومصر بحضارتها وناسها ومزاراتها وقلاعها التاريخية ساعدت كثيراً في ولادة مجموعتي هذه بنفس صوفي.

مصر ونيوزلندا

وعن تجربتيها في مصر ونيوزلندا وعما أضافتا لها تخبرنا أنهما تجربتان متناقضتان بالأجواء والمناخ الإنساني والوجودي، حيث مصر الصخب وكثرة الزحام البشري والفكري والحياة التي تخلو من الهدوء والعزلة، ونيوزلندا على العكس من ذلك في هدوئها وعزلتها المتجولة في كل مكان.. إلا أنه بالمحصلة كلتاهما أضافتا لها الشعور القاتل والمرير بالغربة في كل شيء على الإطلاق.

الشعر والفلسفة

يقول مكسيم غوركي “جئت إلى العالم لكي أحتج” فما الذي تحتج عليه نجاة؟ وعن الشعر والفلسفة كيف تراهما متقاطعين أم متفقين؟ يتنهد احتجاجها على فقدان إنسانية بعضهم، خصوصاً من الطبقة المثقفة ومن الفنانين (الفئة الراقية) كما هو متعارف بين بسطاء الناس.. ينبغي أن يكونوا منبعاً للصدق والإنسانية.. وأحتج جداً على الفوضى العارمة والكذب والزيف في كل مفاصل الحياة.. نكتب لنرتقي ولنصنع السلام والمحبة وننشد الحياة التي تليق بنا.. أما عن الشعر والفلسفة فأراهما متفقين جداً ففي الشعر لا يوجد جنون مطلق ولا عقل مطلق، كلاهما يغذيان بعضهما ويكملان بعضهما.. الفلسفة تحتاج إلى شيء من الخيال والشعر يحتاج إلى شيء من العقل.

رحلة

وعند سؤالها فيما لو صحبتها معي في رحلة فوق غيمة ولزم أن تأخذ معها ثلاثة أشياء فقط فماذا ستكون؟ كانت اجابتها أنها ستأخذ: القرآن الكريم، كتاب نهج البلاغة، أبي.

القران الكريم بسبب عشقي للغته وفلسفته العميقة والراحة النفسية التي تتملكني حينما أكون هناك.
وكتاب نهج البلاغة لأنه كتاب خطر على مستوى عالمي، ولما يملكه من تحصين فكري وحكم ومواعظ أحتاج اليها دوماً في التحليق، فضلاً عن أنه يمثل شخصية الإمام علي عليه السلام.

وأبي لأني أحبه ومتعلقة به جداً وهو رجل مسن، فخوفي عليه وخوفي من فقده يلازمني دوماً، وأتمنى أن يكون معي أينما ذهبت.

هواجس وأحلام

– المجهول والموت هاجسي دوماً، لأني أرى الموت خيانة لأحبابي وللذي لم أنجزه بعد وأحققه، أما عن الحلم فالحياة عندي حلم مستمر ولا يمكن أن تستمر إلا هكذا مع واقعي المرير، كما أني أحلم لغيري أيضاً وأتمنى أن تعود الحياة لقلب بغداد وأن يرد اعتبار ناسها وأشجارها وشوارعها ومعالمها وهواها. وحلمي الأكبر أن أقيم المدينة الفاضلة وأعيد لها الشعراء الذين طردوا منها.
الصدق الفني في الصدق النفسي

– أنا مع هذه المقولة جداً لأن المبدع إنعكاس لمحتواه النفسي والفكري، وبالتالي كلما كان اتزان مخيلته وهي في أجواء نفسية صادقة مع نفسه قبل أن يكون مع غيره، انعكس صدق ذلك على منجزه الإبداعي وطغى عليه، وبالذات الأدب لأنه منطقة شفافة جداً ومفضوحة المشاعر بصدقها أو بزيفها.

عصا سحرية

فيما لو أعطيناها عصا سحرية فماذا ستغير في نفسها وفيمن حولها أجابت بقولها: سأحول نفسي إلى كائن سعيد، كائن أبدل كل أفكاره السلبية التي لم أستطع التخلص منها وأحولها إلى أفكار إيجابية منتجة، ولكن مع هذا التحول أظل محتفظة بجذوة الشعر، لأني مؤمنة أن الشعر العظيم ممكن أن ينتج فرحاً عظيماً.
أما فيما حولي، فأني سأستخدم هذه العصا في أن أعيد العراق إلى فترة السبعينات، إلى الفترة التي كانت ترتدي فيها النساء الملابس الكلاسيكية الجميلة، وأعيد الكافتريات والحياة في الشوارع والساحات في تلك الفترة الذهبية.

سيرة شعرية

نجاة عبدالله شاعرة و إعلامية في مجلس أمناء شبكة الأعلام العراقي
بكالوريوس علوم كيمياء 1990 الجامعة المستنصرية، بكالوريوس لغة اسبانية عام 2000 كلية اللغات – جامعة بغداد
صدرت لها ست مجاميع شعرية، الأولى بعنوان (قيامة استفهام) طبعت بطريقة الاستنساخ في سني الحصارفي العراق عام 1996. . وطبعت للمرة الثانية في القاهرة عن دار الحضارة للنشرعام 2010

الثانية بعنوان ( نعاس الليلك ) عام 2000 في العراق وصدرت عن دار الحضارة في القاهرة عام 2010
الثالثة بعنوان ( مناجم الأرق ) صدرت بطريقة الاستنساخ عام 1999 في العراق وصدرت عن دار الساقي بيروت عام 2007

الرابعة بعنوان ( حين عبث الطيف بالطين ) والتي صدرت عن دار الشؤون الثقافية في العراق عام 2008 وعن قصور الثقافة في القاهرة عام 2014

مجموعة خامسة بعنوان ( ذات وطن ) صدرت عن دار محروسة في القاهرة عام 2010
مجموعة سادسة بعنوان ( هناك بين أصابعي ) صدرت باللغتين العربية والإنجليزية عن دار أروقة في القاهرة عام 2014

ولها مجموعة سابعة ستصدر قريبا في القاهرة بعنوان ( عيد على الزجاج)
كما أن لها مجموعة قصصية بعنوان ( أصابع جدي) .. صدرت عن دارالحضارة في القاهرة عام 2010
ولها مخطوطة رواية بعنوان ( قرية في منفى).