مهرجان قرطاج السينمائي.. جوائز وعروض وأفلام تستحق المشاهدة

918

 خولة الفرشيشي/

احتفلت تونس بالدورة الثامنة والعشرين لمهرجان أيام قرطاج السينمائية ( 4 نوفمبر إلى 11 نوفمبر). وتعتبر هذه التظاهرة السينمائية من أعرق التظاهرات الفنيّة بتونس وهي فرصة للقاء النجوم ومواكبة آخر الأفلام السينمائية والوثائقية. وقد وصل عدد المتابعين لهذه الفعاليات إلى 145 ألف متفرج حسب إحصائيات السنة الماضية، فيما تشير إحصائيات هذه السنة إلى مئتي ألف متابع.

وسبق وأن أطلق على مهرجان أيّام قرطاج السينمائية “عميد سينما الجنوب” لما يحمله من نفس نضالي على امتداد تاريخه، كما مرّ بدوراته أشهر نجوم العرب والعالم. ففي سنة 1970 أحرز المخرج المصري الراحل على التانيت الذهبي بفيلمه “الاختيار”، كما نال المخرج السوري ملص نفس الجائزة سنة 1984 بفيلمه “ريح المدينة” وكان التانيت الذهبي لسنة2016 من نصيب الفيلم التونسي “زينب تكره الثلج” للمخرجة كوثر بن هنيّة. يعود تأسيس هذا المهرجان إلى 1966 بمبادرة من السينمائي التونسي الطاهر شريعة تحت إشراف وزارة الثقافة التونسية وكان ينتظم كل عامين في شهر أكتوبر إلى أن أصبح يقام سنوياً منذ سنة 2015 ليتغير موعده انعقاده في شهر نوفمبر من كلّ سنة.

السنما الجزائرية

السينما الجزائرية كانت ضيف الشرف الرئيس، كما ضمت هذه الدورة كلاً من كوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا والأرجنتين للصحافة. وجرى عرض 12 فيلماً جزائرياً خارج المسابقة بين أفلام جديدة وقديمة وأفلام كورية وأرجنتينية وجنوب إفريقية. فيلم “غروب الظلال”حضر ضمن فعاليات تكريم السينما الجزائرية للمخرج الجزائري محمد الأخضر حمينة، وهو أوّل مخرج عربي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان سنة 1975 بفيلمه “وقائع سنوات الجمر”، وقد سبق وأن خرج فيلم “غروب الظلال” في قاعات السينما سنة 2014 والذي تناول فيه جزءاً من تاريخ الثورة الجزائرية “اغتيال وتعذيب الأسرى” من خلال رحلة تيه في الصحراء الجزائرية. أدار هذه الدورة المنتج التونسي نجيب عيّاد، الذي يخلف المخرج إبراهيم اللطيف، مدير الدورة السابقة والتي سبق لها وأن كرّمت المخرج المصري يوسف شاهين والمخرج السينغالي جبريل ديوب مع ثلة من نجوم الفنّ السابع الذي غيبهم الموت في السنة الماضية.

مهرجان عربي أفريقي

في أوّل تصريح له خلال الندوة الصحفية التي انتظمت في 19 أكتوبر بنزل أفريكا بالعاصمة، أشار المنتج نجيب عيّاد إلى عودة المهرجان إلى حاضنته الأولى وهو الانتماء إلى المحيط العربي والإفريقي، وقال إنّ المهرجان عربي إفريقي نشأ كذلك ويتواصل اليوم محافظاً على البعدين الإفريقي والعربي. ويواصل: “ما من شكّ في أنّ النفس النضالي للمهرجان قد اهترأ شيئاً ما نظراً لخيبة الأمل السائدة والتي مردّها التقصير الواضح لأغلب الحكومات في مجال السّياسات السينمائية. ولكن تبقى أيام قرطاج السيّنمائية.

صنّاع السينما

سجلت الدورة الثامنة والعشرون حضوراً أقل لنجوم عرب وعالميين على غرار السنوات الماضية، ويعود هذا إلى تركيز هذه الدورة على صنّاع السينما، وكان الحضور الأبرز من نصيب المخرجين رشيد مشهراوي من فلسطين وشوقي الماجري من تونس وألان غوميس من السينغال. بينما اقتصر حضور الممثلين المشهورين على درّة زروق النجمة التونسية المقيمة بمصر والتي خطفت الأضواء بأناقتها الفائقة، وكانت حديث الصحافة التونسية حول آخر طلة لها، والنجم المصري عمرو واكد، بحضور نجوم ونجمات الفنّ بتونس الذين تهافت عليهم الجمهور والمصورون لالتقاط صور لهم على السجادّ الأحمر. وتهتم الصحافة والجمهور التونسي بأزياء النجمات، وقد سبق وأن تمّ توجيه انتقادات لاذعة لهن السنة الماضية على ملابسهن الفاضحة والتي لا تتماشى مع مهرجان في دولة مازالت رغم حداثتها تحافظ على الأخلاق العامة. كما سجل حفل الافتتاح حضوراً لشخصيات سياسية رسمية كوزير الثقافة وبعض قيادات الأحزاب إضافة إلى حضور السفير الفرنسي. تمّ افتتاح المهرجان بفيلم “كتابة على الثلج” للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي ومن بطولة النجم المصري عمرو واكد والنجم السوري غسان مسعود، وهو من إنتاج تونسي مصري فلسطيني، ويروي الفيلم قصّة خمسة فلسطينيين محاصرين شقة أثناء الحرب على غزة، ليظهر فيما بعد انقساماتهم السياسية والآيديولوجية والدينية ممّا حال دون تضامنهم والتصدّي للاحتلال الصهيوني وقد تمّ تصوير بعض مشاهد الفيلم بطبرق من الشمال الغربي لتونس.

ضدّ التطبيع مع الكيان الصهيوني

نظم مجموعة من النشطاء وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 8 نوفمبر أمام قاعة الكوليزي بشارع الحبيب يورقيبة احتجاجاً على عرض فيلم “قضية رقم 23” لمخرجه اللبناني زياد الدويري والمتهم بالتطبيع مع إسرائيل كما توجهت منظمة “مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني” بتونس برسالة إلى إدارة المهرجان قالت فيها إنّ عرض الفيلم يتعارض مع ثوابت الشعب التونسي، علماً وأنّ الفيلم اللبناني مدرج في قائمة مسابقة الأفلام الطويلة.

عرضت بمناسبة الدورة الثامنة عشرة أفلام من تونس و8 أفلام من الأرجنتين وإفريقيا الجنوبية و6 أفلام من كوريا الجنوبية، بحصيلة 180 فيلماً من عشرين بلداً مختلفاً “لبنان وسوريا والموزمبيق والسينغال والكامرون وغيرها” بحضور مئتي ألف مشاهد حسب بعض الاحصائيات التي تمّ تداولها. تنافس 14 فيلماً على جائزة التانيت الذهبي للأفلام الطويلة من بينها ثلاثة أفلام تونسية وفيلمان من المغرب وفيلم واحد من الجزائر إضافة إلى أفلام من الكاميرون ومصر ولبنان وسوريا وجنوب إفريقيا.

يشهد المهرجان عدة مسابقات، بينها المخصصة للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة، سيشارك فيها 15 فيلماً قصيراً و14 فيلماً طويلاً من أبرز الأفلام المشاركة في هذه الدورة وأهمّ جوائز المهرجان التانيت الذهبي للأفلام الطويلة والتي يتنافس عليه مخرجون من تونس وإفريقيا ومن دول عربية.

ختام الفعاليات

اختتمت فعاليات المهرجان يوم السبت 11 نوفمبر على المسرح البلدي بالعاصمة وتمّ توزيع جوائز التانيت وتصدّرت السينما التونسية الفائزين بحصد عشر جوائز، فيما نالت السينما المصرية جائزتين هما جائزة الصورة للمركز الوطني للسينما والصورة (جائزة علي بن عبد الله) للفيلم التسجيلي “بلد مين؟” للمخرج محمد صيام، والتانيت البرونزي للأفلام القصيرة لفيلم “ونس” للمخرج أحمد نادر.