الفن يخلد رموزه
أحمد سميسم _ تصوير: صباح الربيعي /
استذكر عدد من الفنانين الرواد والمثقفين في أجواء مليئة بالحزن سيرة حياة المبدعَين الفنان الراحل الدكتور بدري حسون فريد والفنان الدكتور فاضل خليل في جلسة حوارية فنية أقامتها (جمعية بغداد أستاذ البلاد) التي كان يرأسها العلامة الدكتور حسين علي محفوظ في مبنى منتدى الثقافة والفنون الكائن في الكاظمية المقدسة.
وقال رئيس الجمعية الأستاذ باسل الخزرجي “إننا اليوم نستذكر قامتين باسقتين في عطائهما الزاخر بالإبداع، اللذين تركا إرثاً نعتدّ به، فقد قدّما لنا أجمل الأعمال الفنية المسرحية والتلفزيونية التي ما زالت راسخة في ذاكرة المشاهد العراقي، منها: النسر وعيون المدينة، وخيط البرسيم، وكثير من الأعمال الفنية الرائعة، رحلا بصمت، لكن أعمالهما تتكلم على مر الأجيال، وأقول بكل صراحة: لم تكترث الحكومة أو الجهات الرسمية بوضع الفنان الذي يعتصرة الألم والمرض لاسيما الرواد منهم الذين يتساقطون واحداً تلو الآخر نتيجة الإهمال والعوز المادي، رحم الله فقيدينا الخالدين.”
مبدع مسرحي
فيما قدم الفنان الرائد سامي عبد الحميد استذكاراً للراحلَين الفقيدين فقال: فقدتُ صديقاً ورفيق درب هو الأخ بدري حسون فريد وخسرناه مبدعاً مسرحياً وأكاديمياً حريصاً كل الحرص في عمله، التقيته عام 1950 في معهد الفنون الجميلة وكنا من البارزين بين الطلبلة آنذاك، لم نفترق في علاقتنا الاجتماعية بل افترقنا في التوجه وهذا حق مشروع، فقد انحاز بدري إلى أستاذنا الفنان الراحل المسرحي حقي الشبلي وتوجهاته التقليدية الرصينة، واتجهت أنا إلى الأستاذ إبراهيم جلال وتطلعاته نحو التجديد، كنا نتعاون في تلقي المعرفة ونتنافس في المعرفة نظرياً وعملياً، اشتركنا معاً في مسرحية (تضحية معلم) عندما كنا طلبة في معهد الفنون الجميلة، كما التقينا أيضاً في فيلم (نبوخذ نصر) حين جسّدت دور الملك وجسد بدري دور خصم الملك وعملنا في مجلة السينما، وبعد تخرجنا افترقنا فعمل الراحل مع أستاذنا الراحل جعفر السعدي ورحت أنا أعمل في فرقة المسرح الحديث، كما كانت لنا مشاركة في اختيار المسرحيات الأجنبية لاعتقادنا بأن النص المحلي لا يلبي طموحاتنا، فضلاً عن هذا كان بدري حريصاً على أن يقدم عملاً مسرحياً متكاملاً ليس كما هو مسرح اليوم يفتقر إلى التكامل.
قيَم الحياة
وكانت للفنانة الرائدة سليمة خضير كلمتها في الجلسة الحوارية برغم ما بدا عليها من تعب وإعياء شديدين حين قالت: تجاوز عمري الثمانين عاماً وقد داهمني داء النسيان “هم السابقون ونحن اللاحقون” رحم الله استاذي بدري حسون فريد الذي عملت معه كثيراً وكان مؤدباً مع الآخرين، عملاقاً في ميدان العمل الفني والمسرح النظيف ومعه أيضاً يوسف العاني وفاضل خليل وجعفر السعدي، فكلهم مبدعون لكن الزمن يأخذ منا من نجلّهم وعلّمونا قيمة الحياة من خلال مدرسة الحياة الفنية، وها أنا برغم تواضعي أخذت جائزة أفضل ممثلة لعام 1977 في مسرحية (الأشجار تموت واقفة)، وافتخر بهذه الجائزة لآخر يوم من عمري، كما أعتز أيضاً بعمل (الطوفان) الذي جمعني مع الأستاذ بدري حسون فريد الذي تعلمت منه أصول التمثيل الهادف، أقول وداعاً مثواك الجنّة وداعاً يا عزيز.
وتخللت الجلسة قراءات شعرية ونقدية فنية وعزف موسيقي وغناء للمقام العراقي.