المخدرات آفة تفتك بجسد المجتمع

1٬043

جمانة علي/

الانفتاح المفاجئ , وشيوع الفوضى, الاضطراب الأمني, وكثرة الحروب، فضلا عن تفشي البطالة وانعدام الاحساس بأهمية المستقبل، كلها عوامل أساسية التي أسهمت بتفشي ظاهرة تعاطي المخدرات وترويجها.
ظاهرة يستهجنها الجميع لكنهم ينظرون الى ضحاياها بمناظير مختلفة، ومع أن الحلول الجدية لمكافحة ظاهرة المخدرات تبدو شبه غائبة، فالضحايا تنحسر الحلول أمامهم، وتضيق فرص عودتهم لممارسة حياتهم الطبيعية.
من”الأركيلة ” إلى الرذيلة
(س.ر) روت لنا كيف جُرت قدماها من شرب الاركيلة في مكان عملها الى إدمانها على المخدرات.
تقول أن صاحب الكوفي شوب الذي أعمل فيه جاءني في يوم من الأيام ليعلمني كيفية تدخين الاركيلة واجبرني أن أدخن معه. لم تكن (س.ر) تعلم ماذا يضع بداخلها، لكنها اكتشفت بمرور الأيام أن هذا الرجل يضع حبوبا يقوم بطحنها ووضعها داخل الاركيله، مايجعلها تشعر براحة البال وهدوء الأعصاب.
تقول أنني تعلمت تدخين الاركيلة الممزوجة بالحبوب المخدرة، ولم أستطع الابتعاد عنها، واذا لم اتناولها أصاب بالدوار وفقدان الأعصاب.
تضيف (س،ر) أن الحشيشة التي توضع بالاركيلة أصبحت جزءا من حياتي.
لكن الأهم هنا هو الغاية من اجبار صاحب الكوفي شوب على ادماني عليها كانت لسبب واحد هو أن يأخذني لأماكن الدعارة وأعمل فيها.
وبالفعل عملت معهم، وتعرفت على أشخاصٍ يمارسون الرذيلة.
لم تكن (س،ر) بحسب قولها راضية عما فعلته، لكن الموقف الذي وضعها فيه صاحب الكوفي شوب أجبرها على فعل هذا الشيء.
من “بندرجي” إلى مدمن
هذا هو حال أبو محمد..تحدث لنا وهو في حالة إدمان
كيف أصبح مدمنا على المخدرات بعد أن كان(بندرجي) مصطلح يطلق على مروجي المخدرات
كان أبو محمد يعمل بالخفاء وكان يتاجر بالحبوب المخدرة،
يقول أنني كنت ابيع المخدرات(بس حرامات جنت ابيع وما اشرب)
لكنني بمرور الأيام وبسبب الظروف الاجتماعية الصعبة أصبحت مدمنا.
يقول محمد “عند تناولي لها أشعر بنشوة ولذة فظيعة ،فالأنواع كثيرة ومتعتها كبيرة.
اما أبو أحمد فيجد أن الحبة الواحدة تساوي عنده كل شيء،أمه،وأبوه،وزوجته وأطفاله فالمهم لديه راحته، وليذهب العالم الى الجحيم لكن أبو أحمد لايدري متى ينام ومتى يستيقظ.
المهم راحة باله ونسيانه لهمومه، وأن يكون منفصلا عن العالم الخارجي.
يوم لاينفع الندم
قلة فرص العمل ورفقة السوء ورطت خالد بالادمان على المخدرات.
يروي خالد بندم كيف أدمن على المخدرات، فيقول كنت عاطلا عن العمل وارتاد بعض المقاهي، فتعرفت على أحد الأشخاص الذي سألني لماذا لاتعمل؟،فأجبته وأين أعمل ولاتوجد فرص عمل بهذا البلد، فعرض علي أن أعمل معه.
في بادئ الأمر كان موضوع العمل اعتياديا، بعدها تغيرت الأمور، وأصبحت مدمنا لمجرد تناولي الاركيلة، فلقد كان صديقي يضع لي الحبوب المخدرة داخل الاركيلة، ومن وضعها داخل الاركيلة أصبحت أتعاطى الحبوب مباشرة ويوميا.
لكن بقدرة الله الذي انقذني استطعت أن اتركها، بعد أن علمت مدى تأثيرها علي وعلى صحتي وعلاقتي بالناس وتأثيرها على حياتي الزوجية، فلم أستطع الانجاب إلا بعد أربع سنوات لما لها من تأثير على قدرتي الجنسية.
خالد الذي ترك تعاطي المخدرات يقول: لم يكن تركها سهلا اذ مررت بحالة عصيبة جدا ولفترة طويلة من الزمن، ولكن بالمحصلة استطعت أن أتخلص منها وللأبد.
خسر زوجته وأولاده
لم يكن أبو شهد يعلم أن الادمان سُيخسره كل شيء حتى زوجته, وأولاده وعمله.
كان أبو شهد يعمل سائق تكسي وأثناء عمله تعرف على أحد الأشخاص.
تحدث لنا أبو شهد كيف اعطاه صديقه سيجارة ليدخنها وأثناء تدخينها احس بالانتعاش وبعد مرور اسبوع احس بالحاجة اليها فاتصل بصديقهِ ليحضر له سيجارة من نفس النوع التي اعطاه اياه، وفعلا احضر له سيجارة من نفس النوع
يقول أبو شهد بعد أيام حدثت مشكلة بيني وبين زوجتي فاضطررت لأن اتصل بصديقي لاطلب منه السيجارة، فاذا بصديقي يعطيني رقم الشخص الذي يبيع السجائر وبعد أن سألته ماذا بداخل هذه السيجاره ليجعلها منعشة بهذه الصورة اتضح أن بداخلها حشيشة.
تعودت عليها وأصبحت مدمنا وعلمِت زوجتي انني اتناول الحشيشة فطلبت مني الطلاق وانفصلنا عن بعض واخذت أطفالي ولم استطع رؤيتهم، مازاد الطين بله، خسرت كل شيء زوجتي وأطفالي وعملي وثقة الناس بي، ماحصل لي ” جعلني اصحى على نفسي واذهب للمصحة كي اتعالج، وفعلا تعالجت بعد أن رقدت سنتين في المشفى وأنا الآن أحمد الله واشكره الذي انعم علي وابعدني عن هذه الآفة الخطيرة.
رفقاء السوء
رجال دين ارجعوا ظاهرة تفشي تعاطي المخدرات الى انتشار البطالة، ورفقة السوء، وضعف الوازع الديني، حيث يرون أن اعداد المتعاطين للمخدرات مرعبة لدرجة كبيرة خاصة بين الشباب.
ولهذا على الجهات كافة التكاتف من أجل تخليص المجتمع من هذه الكارثة الخطيرة.
الباحث بالشأن الستراتيجي رحيم الشمري يقول:
تكاد تكون الدول الإقليمية خاصة المحيطة بالعراق المصدر الرئيس لدخول المخدرات، سواء عن طريق المنافذ الحدودية الرسمية وبطرق احتيالية او عن طريق التهريب.
خاصة وأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية تمثل العامل الأبرز في المساعدة على ترويجها وبسط الأرضية للاستهلاك.
وتصنف تجارة المخدرات، ضمن الجرائم المنظمة في العالم وتكافح من الدول المتقدمة.
ويمثل رواجها في العراق من قبل حاملي رؤوس الأموال مشكلة كبيرة وقد تقف وراءها دوافع سياسية واقليمية لتدمير البلاد.
لهذا دعت لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب الى ضرورة الاسراع باقرار قانون المخدرات والمؤثرات العقلية, في حين اعتبر خبير في هذا المجال أن مشكلة الادمان كبيرة في البلد لكنها لا ترقى الى ما موجود في عدد من دول الجوار والعالم
وعدت عضو اللجنة, منال وهاب المسلماوي, في تصريح صحفي أن «المخدرات في العراق باتت تهدد القيم والثوابت والأمن»، واصفةً انتشارها بـ «الآفة» التي تفتك بالشعوب، معربةً عن خشيتها من ازدياد ظاهرة تعاطي المخدرات