الجنود.. يعيشون فرحة العيد بعيون الناس
آية منصور /
أغلب الناس ينتظرون العيد، حيث اجواء الفرح وطقوسه الجميلة وحيث يمكن ان نبحث عن أجمل الأماكن لتمضية ايام رائعة، لكن ثمة أناس ينحصر تفكيرهم في ان يوفروا لنا الأمن كي نشعر ببهجة العيد، متنازلين، عن طيب خاطر، عن فرحة العيد وعن مشاركة أهلهم وأحبتهم هذه المناسبة، وحتى عوائلهم اعتادت أن يغيب عنها ابناؤها في مناسبات تجمع الأهل..
في المقدمة من هؤلاء هم الجنود العراقيون الذين يسهرون كي ننام ويحرسون الحدود كي نحظى بالأمن، انهم فعلاً رجال الوطن وحماته المضحون دوماً، في العيد كان يجب ان نستذكرهم ونشد على أيديهم ونقول لهم انتم منحتم العيد ألوانه الحلوة.
عيدي في الشارع
العريف عباس محمود (44 عاماً) أب لثلاث فتيات يشتاق لهن، كما يخبرني، لأنه لم يقابلهن منذ شهر ويتمنى تمضية العيد معهن، ورؤيتهن وهن يرتدين ملابسهن الجديدة.
يقول: سلمت “العيديات” لوالدتهن في إجازتي الشهرية هذه الأيام، وأوصيتها أن تضعها لهن تحت وسائدهن، بتأثر يحاول ان يخفيه يؤكد عباس انه مثل اي اب يحرص على إفناء عمره من اجل صغيراته، وانه في الواجب يريد ان تشعر بناته وكل بنات العراق وأهله بالأمن، فهذه هي سعادته.
يضيف عباس حول طرق تهنئته لعائلته اذا ما كان في واجبه العسكري بالقول:
-ابعث بالرسائل صباح العيد لزوجتي وبناتي، ووالدتي ووالدي، ثم اخوتي واصدقائي، اهلي يرسلون صورا جماعية لهم وهم يتناولون الإفطار معا واشعر بقليل من الشوق، اود احيانا لأكون قربهم، اما زملائي في الثكنة فنكتفي بتناول الفطور الصباحي الاول بعد رمضان بالضحكات والأمنيات السعيدة للجميع.
تفاصيل صغيرة
وليد الحاج، ملازم اول (26 عاماً) انجبت زوجته طفلهما الاول في رمضان السابق ولم يستطع رؤيته حتى موعد اجازته في العيد، فتحول العيد الى
“عيدين”، كما يقول.
في هذا العيد سيتمكن ايضا من اخذ اجازته متزامنة مع نهاية شهر رمضان المبارك ليتسنى له شراء ملابس ابنه الجديدة مع زوجته!
هذه التفاصيل الصغيرة نشعر بها حينما نضطر للابتعاد، من اجل واجبنا العسكري، حيث تبدو جميع الاشياء، البسيطة بالنسبة للاخرين، مميزة ومهمة لنا.
ويؤكد ان عيد 2016 كان بالغ السوء بالنسبة له حينما كان يقضي واجبه في الحرب وبعد تحرير الفلوجة حيث بدأت عمليات تحرير الشرقاط:
كنا في الفلوجة حيث احتفلنا بعودتها ثم انتقل فصيلنا الى قضاء الشرقاط، استقبلنا العيد مع الجثث والدمار، ليست هنالك اية ملامح للفرح، اكتفت الجوامع باطلاق تكبيرات العيد، والناس تنتظر التحرير، خسرنا احد جنودنا وارسلناه مع العيد لعائلته.
عيد الغرباء
لا يرى الجندي سلام المشاط (37 عاماً)، ضيرا باحتفال الجنود في العيد مع الناس كافة، او في الشوارع، الجميع عائلته كما يخبرني وهو يبتسم، اذ النساء الكبيرات يذكرنه بوالدته فيما يذكرهن باولادهن! معادلة متوازنة، يحتاجها المشاط لتمضية ايام العيد دون عائلته.
-يوزع السكان علينا الحلوى، والإفطار الصباحي، بعض السيارات التي تمر من السيطرة تقدم لنا الماء والتمر عند الإفطار، اجزم ان الجميع يعيش في عائلة كبيرة والدنيا “ما تكاطعت” وهناك من ينوب عن عائلتك ليحل مكانها في غيابهم عنك.
ويذكر المشاط حادثة حصلت له في منطقة بغداد الجديدة بالقول:
-هناك سيدة كانت تأتي كل يوم قبل الإفطار وتقدم لي صحناً مما طهت، استغربت، تقدمه لي دون كلام وترحل، تأتي في اليوم الثاني لأخذ الصحن وتقديم آخر، اكتفي بشكرها لكنها لا تجيب، تبتسم لي ثم تذهب، في اليوم الاول من العيد لم تأت، لكنها حضرت في اليوم الثالث من العيد، بيدها طعام الغداء، استوقفتها وسألتها لتخبرني: انك تشبه ابني كثيرا، لقد زرته في المقبرة قبل يومين ولم استطع احضار الطعام لك. ثم رحلت.
خدمتهم مهمتنا
الجندي عباس السوداني، (37 سنة)، يؤكد ان الجنود يحرصون وطيلة ايام العيد السعيد على تسهيل الأجواء المناسبة للعوائل، بدءاً من المتنزهات، الشوارع، ومداخل مراكز التسوق.
-نعامل الجميع بلطف بالغ ولا نفسد فرحتهم مطلقا، احيانا اشعر برغبتي لجلب عائلتي لهذه المتنزهات من اجل رؤية السعادة على وجوههم كما ارى عند الاخرين، اتصل بهم واطلب منهم الخروج دوني.
ويؤكد السوداني ان العوائل تبدو سعيدة للغاية ومرنة في التعامل مع الجنود وضوابطهم.
-علينا الالتزام ببعض القوانين، لا نفرضها على المواطنين، بل نطلبها منهم بحب، وهم متعاونون للغاية، ولا يفسدون يومهم ولا يريدون شيئاً سوى تمضية العيد بصورة استثنائية بعيدا عن الايام الرتيبة الاخرى.