الأسواق الشعبية في السويد مصدر رزق للعراقيين
سمير ناصر/
في السويد التي تعج (مولاتها) بأفضل الموديلات وآخر الصيحات للسلع المعمرة والبضائع الأكثر أهمية في حياتنا اليومية، لكن أمواجا من الناس مازالت تغزو وتقتحم الأسواق الشعبية المنتشرة في عموم المناطق السويدية، حيث يستمتعون بالبضائع التي تمثل التراث الجميل والسلع القديمة والنادرة والماركات العالمية المعروفة والتحف الأثرية وغيرها من البضائع التي تحمل نكهة خاصة وتلعب دورا في انتعاش الاقتصاد.
تشكل المقتنيات النادرة والثمينة حضورا إستثنائيا لدى المتسوقين والمهتمين بها، والتي تكون وسيلة جذب للأغنياء والميسورين، من أجل شراء هذه البضائع ودعم ومساندة الفقراء والمحتاجين في جميع بلدان المعمورة.
وتنتشر في دولة السويد الأسواق الشعبية المكتظة بالمتسوقين في العاصمة ستوكهولم من خلال المحال التي تفتح أبوابها يوميا، ومنها أسواق (البرغوث) التي تزدهر بالمواد والسلع القديمة والمستعملة وكذلك الجديدة التي تباع بأسعار زهيدة وتكاد تكون رمزية، كلعب الأطفال والملابس والتحفيات والزجاجيات النادرة والأفرشة والأخشاب وغيرها، اذ أن هذه البضائع المطروحة للبيع تلائم مختلف الأذواق للمتسوقين، والغريب هنا أن البعض من هذه البضائع لم تجدها في الأسواق الكبيرة والرئيسة كونها نادرة وقديمة وترسل مباشرة الى الأسواق الشعبية.
أسواق
فيما تنتشر في مناطق أخرى من السويد كمدينة غوتنبيرغ القريبة من العاصمة النرويجية (أسلو) وكذلك في مدينة مالمو المحادية للعاصمة الدانماركية (كوبنهاكن)، أنوع مختلفة من الأسواق ومنها أسواق (الاكشن) و (السكند هاند) و (المزاد) و( ساحة البيع المباشر) وغيرها من التسميات الشعبية، اذ توفر هذه الأسواق أنوعا مختلفة من البضائع التي تباع أيضا بأسعار زهيدة جدا، حيث يتواجد العراقيون والدنماركيون يوميا للتسوق من هذه الأسواق في مدينة مالمو، كما يتواجد النرويجيون والجاليات الأخرى في مدينة غوتنبيرغ للتسوق أيضا، خصوصا المواد الغذائية التي تأتي أحيانا من مصادر قريبة من السويد، كما تتوفر في الأسواق العربية اللحوم (الحلال) كون أغلب المتبضعين من العراقيين ومن أصول عربية ومسلمة، فيما توفر هذه الأسواق أنوعا مختلفة من الفواكه والخضراوات على مدار الاسبوع، وفي أماكن أخرى تجد (طرشي النجف) و (الكبة الموصلية) و (الحلاوة الشكرية) و (البهارات البغدادية) وكأنك في أسواق الشورجة.
محطة للاندماج
العراقيون المتواجدون في هذه الأسواق من باعة أو من المتبضعين يتمتعون بفوائد جمة خلال زيارتهم الى هذه الأسواق، ومنها الاندماج مع المجتمع السويدي ومع أقرانهم من العرب من جنسيات أخرى لتقوية لغتهم السويدية وتبادل الاحاديث والآراء والمقترحات فيما بينهم، كما يتطلعون أكثر على الانظمة والقوانين السويدية السائدة، ومن جانب آخر تتكون هنا علاقات وطيدة واواصر محبة وبناء علاقات انسانية متينة بين العراقيين والجنسيات الأخرى من خلال البيع والشراء وتكون فرصة لتعريف هذه المجتمعات بالعادات والتقاليد العراقية، ونقل طيبة وكرم وانسانية العراقيين الى هذه الشعوب.
تعلم اللغة
العراقيون أصحاب المحال الصغيرة في هذه الاسواق تحدثوا لـ (الشبكة) عن طبيعة عملهم ومدى الاستفادة من هذه الأسواق، حيث قال علي جاسم من مدينة النجف الأشرف وصاحب محل لتصليح وبيع الكمبيوترات والموبايلات: في بادىء الأمر وقبل سبع سنوات بدأت اعمل في هذا المحل ببيع كارتات الشحن للموبايل فضلا عن الكارتات التي يمكن للشخص الاتصال بها خارج السويد وباسعار مخفضة، بعدها تمكنت من تطوير نفسي من خلال شراء الهواتف المستعملة من الزبائن ثم بيعها بعد التعديل عليها، وهنا واجهتني مشكلة وهي أن جميع الهواتف تكون مقفلة على خط واحد لذا يستوجب أن تكسر شفرتها من أجل أن استطيع بيعها، ما جعلني افكر في استعانة بعض الاجهزة والبرامج ومن خلالها يتم فك الشفرة للموبايلات، وبذلت جهودا كبيرة من أجل أن اتعلم،واوضح أن هذا السوق يزوره أكثر من 20 ألف شخص خلال الشهر الواحد، ولهذا فانه يمثل مكانا تجاريا متميزا، ويقول أن اجمل ما في السوق هو لو انك افتقدت شخصا لفترة طويلة ولم تره أو تسمع عن أخباره فانك لابد ان تلتقي به في هذا السوق. كما انك لو افتقدت حاجة لم تجدها في الأسواق الأخرى ستجدها مليون بالمائة في هذا السوق، حيث تأتي بهذه البضاعة العوائل السويدية مصادفة ومن ثم تباع بسعر مخفض جدا، مشيرا الى ان السوق يمنحك فرصة تعلم اللغة السويدية وذلك من خلال الاختلاط مع الآخرين حيث هناك أكثر من (50) جنسية تأتي الى هذا السوق.
محطة استراحة
أما يوسف سرمد (عراقي كردي) من محافظة أربيل صاحب محل لبيع المواد الكهربائية قال: منذ فترة طويلة وأنا اتواجد في السوق ويؤكد هاشم حسين سلمان (عراقي) من منطقة الكفاح ببغداد ومتخصص في بيع المواد التجميلة والعطور والمكياج: أنا سعيد جدا بعملي في هذا السوق الذي يعد من أكبر الأسواق الشعبية في المنطقة، ويكون مزدحما دائما وعلى مدار الساعة، وهذا الشيء يفرحني كوني اقوم بعملية البيع من دون توقف، كما ان الاقبال على الشراء يكون من قبل النساء والرجال برغم تخصصي في بيع المواد التجميلية والعطور، وقد أكون أنا الوحيد من أصحاب المحال الذين تحتوي محالهم جميع ما يحتاج اليه الزبون. واجمع كل من المواطنين العراقيين فاضل الجبلاوي وعلي عباس وكفاح جليل وحسين سلمان على ان الأسواق الشعبية في السويد هي محطة استراحة وملتقى لكل العراقيين، حيث نتواجد باستمرار هنا لقضاء أوقات تكاد تكون فريدة من نوعها، نتبادل فيها الأحاديث الشيقة عن أحوال بلدنا وأهلنا في العراق، كما هي فرصة للتبضع بأسعار زهيدة قياسا ببقية الأسواق التي تبيع المواد بأسعار عالية الثمن.