خاتونات أنرن لنا الطريق

1٬414

ريا عاصي /

تكشف لنا إحدى الرقم الطينية من مدينة نوفر الأكدية نصاً يُعتقد أنه لشاعر يقول فيه:

أنانا (عشتار) الآلهة الصبية، الجميلة، المدللة، ابنه إله القمر المنير (ننا)

وهي تتنزّه متزيّنة في الساحة العامة لمدينة أوروك بصحبة صديقة لها، تقرر الذهاب إلى حانة أو مطعم، كان يومها سعيداً وهي تكتسي بالحسن وتزخر بفتنة الأنوثة.

من هذه الصورة الشعرية يكتمل لدينا نص صُوَري يبين لنا أن للمدينة ساحة عامة، وفي هذه المدينة حانات ومطاعم، ويحقّ للنساء فيها أن يتزيَّنّ ويتجولن دون أي عائق. كما أنها تشارك قرينها الرجل كافة الأعمال والمهام التي تكون مشهد الحياة اليومي.

مدن النور هذه أضفت على نسائها العديد من صفات القوة والاستقلال واحترام الذات، ونساء سومر وآشور كنّ الرمز والمثل الأعلى الذي احتذت به الأجيال من بعدهن.

يُحتفل باليوم العالمي للمعلمين في الخامس من تشرين الأول سنوياً منذ عام 1994، وهو بمثابة إحياء لذكرى توقيع التوصية المشتركة الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1966 والمتعلقة بأوضاع المعلمين.

في العراق الحديث وعند تأسيس المملكة العراقية، برزت أسماء نسوة عراقيات كان لهن الفضل في إرساء أسس العلم والمعرفة وفتح أبواب النور للأجيال القادمة، وكن بذلك سليلات عشتار وإينانا بحق. عملن مع أقرانهن من الرجال جنباً إلى جنب، في حين كان الشرق الأوسط ذكوري المشهد، أحادي الفكر ولا يتقبل التجديد، فكان لهن الفضل بالتجدد والتنوير للأجيال اللاحقة، ومن هذه الأسماء:

السيدة “أمت السعيد” التي ترأست مديرية التعليم النسوي في وزارة المعارف بعد أن عملت كتدريسية لسنوات عديدة، ومن ثم مديرة الثانوية المركزية للبنات. وختمت مسيرتها العملية بتسنمها عمادة كلية عالية للبنات لمدة ستة أشهر قبل تقاعدها عام 1936 فكانت بذلك أول عميدة كلية في العراق.
مديحة تحسين: في سنة 1936 كانت مديرة دار المعلمات في بغداد وهي من أفاضل المربيات والكاتبات الأديبات.

أديبة ابراهيم رفعت: من مواليد سنة 1925، وهي أول من أسس في العراق حضانة للأطفال سنة 1956. خريجة دار المعلمين العالية، وعملت كمفتشة في وزارة التربية، ولها يد في النهضة النسوية في العراق.

باكزة رفيق حلمي: ( 1924-2003) باحثة وخريجة دار المعلمين العالية ببغداد. نالت الدكتوراه من جامعة القاهرة وأسست قسم اللغة الكردية في كلية الآداب، جامعة بغداد.

بهجة أحمد توحلة: من مواليد عام 1926، كاتبة اجتماعية لها دراسات وكتب، منها كتاب (المدخل إلى الخدمة الاجتماعية). عملت معاونة لعميدة كلية البنات، جامعة بغداد.

رشدية سليم الجلبي: من مواليد الموصل سنة 1915. قاصة وكاتبة رائدة في أدب الأطفال. مربية عملت معلمة في عدد من مدارس البنات في الموصل، من أعمالها (المفتاح الذهبي)، (البنت الصالحة)، و (الخريف)، وكلها مجاميع قصصية مبسطة للأطفال. توفيت سنة 1990 .

رمزية أحمد النجم: من مواليد الموصل 1926، كاتبة وباحثة تربوية، من أعمالها (تقرير عن الإدارية التربوية في العراق)، و (مشروع خطة لمكافحة الأمية في الجمهورية العراقية)، قامت بتأليفه بالاشتراك مع باحثين آخرين .

رني بشير سرسم: من مواليد سنة 1923، وهي أول فتاة عراقية تحصل على شهادة الماجستير في الرياضيات من جامعة مشيغان بالولايات المتحدة الأميركية. عملت مدرّسة في كلية الملكة عالية ببغداد.

سعاد خليل اسماعيل: من مواليد سنة 1928، تحمل شهادة الدكتوراه في التربية من جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الاميركية. وهي أول وزيرة للتعليم شالعالي والبحث العلمي في العراق 1970.

صبيحة الدباغ: طبيبة ، زوجها الدكتور صفاء خلوصي. لها مؤلفات ودراسات ومقالات في مجالات التراث الطبي الاسلامي وتنظيم النسل في العراق.
عاتكة وهبي الخزرجي: 1926 ـ 1997، شاعرة رقيقة، تحمل شهادة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة السوربون 1950. ولها دواوين كثيرة منها: (أنفاس السحر) ، و(قوافي الزهر )، عملتْ أستاذة في كلية التربية، جامعة بغداد في الستينيات .

لميعة البدري: من مواليد 1920، طبيبة مبتكرة في علم الولادة والطب النسائي، لها دور في تأسيس (منظمة نساء الجمهورية). كانت أول امرأة تنال درجة الأستاذية في جامعة بغداد سنة 1962 .

نجيبة صابر: من مواليد سنة 1928، فنانة تشكيلية من مواليد كركوك. وهي خريجة كلية البنات ببغداد. أقامت عدة معارض، أسست معهداً لتنسيق الزهور .كانت أول عراقية تحوز على شهادة الماجستير في فن وجمالية تنسيق الزهور من معهد أوهارا باليابان، ولها كتاب عن تنسيق الزهور .
أليزة سليمان جبري: من مواليد سنة 1900، من النسوة الرائدات في تأسيس رياض الأطفال، وهي خريجة المدرسة الاميركية في الموصل، قسم رياض الاطفال سنة 1928 .

باحثة الجومرد: مربية ومترجمة وكاتبة. رائدة في مجال تدريس اللغة الانكليزية ومن ترجماتها كتاب (صحافة بلا دموع).

ناجية مراني: من مواليد العمارة سنة 1918، أديبة، كاتبة، باحثة، ومترجمة . خريجة دار المعلمات ببغداد سنة 1935. أكملت دراستها في ما بعد، وتحمل شهادة الماجستير في الأدب الإنكليزي المقارن من الجامعة الأميركية ببيروت . لها مؤلفات منشورة . كما أن لها ترجمات أيضاً. من مؤلفاتها (مفاهيم صابئية مندائية)، ومن ترجماتها كتاب صموئيل كريمر

(هنا بدأ التاريخ )، هذا فضلاً عن عشرات المقالات المنشورة .

نحن لم نذكر هنا الجميع، بل الأبرز في الساحة العراقية من اللواتي غيرن وجه العراق وأنرن الطريق وبقين في الذاكرة كأمثلة يحتذى بها .
إن الأوطان تبنيها الشعوب، وهذه الشعوب نصفها نساء، والنساء هن من يؤسس للنور.