تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

1٬638

إعداد: ثريا جواد – ريا عاصي /

تبادل خاتم الزواج هو تقليد عريق وقديم يعود تأريخه إلى قرون سابقة ليصبح تقليداً متعارف عليه في العديد من ثقافات الشعوب.
فقد عرفت أغلب شعوب العالم أن الحلقة الذهبية في البنصر الأيسر تعني زواج المرء.

تباينت طريقة لبس الخواتم بين شعب وآخر، لكنها اتفقت على أن تضع المخطوبة خاتم الخطوبة في خنصرها الأيمن، ويحتوي هذا الخاتم على حجر واحد من الأحجار الكريمة أو اثنين أو ثلاثة، حسب رغبة ما يريد قوله الخاطب، فالحجر الواحد يعنى: أنت الحبيبة الوحيدة، وحجرين يعني: أنت لي، وثلاثة أحجار: أنا أحبك أنت.

الطقوس العراقية

يقول مثمّن الجواهر نزار الحيدر: «اعتاد المندائيون في طقوس زواجهم أن يرتدوا حلقة من نبات الآس في بنصر اليد الأيمن، وأثناء العماد يقوم الشيخ بحمل الخاتم ووضعه على رأس المعمَّد تحت الربطة. لكنها عادة كل المتعمدين في هذه الديانة». وأضاف أن «المسلمين العراقيين اعتادوا أن يلبس العريسان حلقتين للعروس من الذهب، والعريس من البلاتين أو الفضة، مع خاتم بيد العروس مع الحلقة، ويتم تحويله من اليمين لليسار عند الزواج». وقال أيضاً: «أما المسيحيون واليهود العراقيون فقد اعتادوا أن يلبسوا العروس خاتماً من الماس، وحلقة من الماس كذلك، ثم يتم تحويلها أيضاً إلى اليسار عند الزواج».

عهد الفراعنة

يعود وضع خاتم الزواج الذي يرمز الى (اللانهاية في الحب) إلى عهد الفراعنة، وكأول دليل مسجل في التاريخ عثر في المخطوطات المصرية القديمة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3000 سنة على كتابات تصور عملية تبادل الأزواج خاتم الزواج مع بعضهم البعض، ويكون على شكل حلقات مفرغة مستديرة مصنوعة من القنب أو القصب. ويعتقد المصريون القدماء ومن خلال الترجمة الهيروغليفية أن هذه الحلقات ترمز إلى الحب الأبدي بين الزوجين، لأن الدائرة ليس لها بداية ولا نهاية، لكن استخدام هذه المواد لم يدم طويلاً، فقد أبدل الأزواج في نهاية المطاف تلك المواد المستخدمة في صنع الخواتم بمواد أخرى مصنوعة من العاج أو العظم أو الجلد، فكلما زادت قيمة المادة وتكلفتها زاد (دليل المحبة)، كما أصبحت قيمة الخاتم تدل على مدى ثراء المانح ولا تزال هذه العادة الرمزية سارية حتى يومنا هذا.

روما القديمة

ارتبط خاتم الزواج ببعض الأساطير القديمة في العهد الروماني القديم، حيث كان العريس يقدم إلى عروسه حلقة مصنوعة من الحديد لتلبسها، وترمز إلى (القوة والدوام). ويعتقد الرومان أنهم أول من نحت الخواتم والحلقات التي تقدم خلال الزواج. وكذلك الحال بالنسبة للإغريق، فإنهم يضعون خاتم الزواج في الأصبع الرابع من اليد اليسرى لاعتقادهم الشديد بأن هذا الإصبع يحتوي على الوريد الآموري، أو (وريد الحب) الذي يتصل بالقلب مباشرة.
قدم الرجل الروماني حلقة من المعدن تعبيراً عن حبه وولائه لحبيبته التي ينوي الزواج بها، ثم قلده باقي الرومان وصار من عاداتهم وعادات الاغريق أن يلبس الرجل محبوبته حلقة من المعدن يحفر عليها اسم الزوج أو الزوجة، ومن ثم انتقلت تلك العادة إلى المسيحين داخل قداس الكنيسة عند الزواج، حيث يقوم العروسان بتلبيس أحدهما للآخر حلقة الزواج.

أما المسيحيون الشرقيون في روسيا فقد أضافوا من موروثهم الكثير لطريقة لبس وتلبيس خواتم الزواج، فعند إقامة القداس يقوم الزوجان بثمان دورات حول بعضهما البعض ويلبسان الخاتم ويخلعانه من بعضهما البعض لثمان مرات في قداس طويل وفخم يتعب كل من يحضره في جو مبالغ به من التراتيل والموسيقى والشموع رمزاً للرباط القدسي الأبدي.

هناك طقوس لخاتم الزواج في مراسيم الزواج المسيحي، فأثناء قراءة الكاهن (باسم الأب والابن والروح القدس) كان يأخذ الخاتم ويلمس الإبهام والسبابة والإصبع الوسطى، و بينما ينطق (آمين) كان يضع الخاتم على البنصر.

عصر النهضة

خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر ظهرت خواتم الزواج المعروفة باسم Gimmel، والتي كانت شائعة في تلك الفترة، وهي نوع من الخواتم ذات القطع المتعددة المكملة لبعضها، وبعد الزواج يرتدي كل من العروس والعريس جزءًا واحدًا منها.
لا يزال ارتداء خاتم الزواج يرمز حتى يومنا هذا إلى اتحاد شخصين وتعريفهم كزوجين، وعلى الرغم من أن الأزواج في العديد من البلدان الأوروبية يلبسون خواتمهم في اليد اليمنى، فهناك نظرية تقول بأن إصبع البنصر من اليد اليسرى قد تم اختياره كخيار مفضّل لأنه أقل تعرضاً من سواه للجروح والأخطار.

العصر الحديث

في العديد من الثقافات، كان من التقليدي أن تضع المرأة خاتم الزواج فقط. كان هذا متبعاً أيضًا في الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الثانية. خلال الحرب، ارتدى العديد من الجنود خواتمهم كعلامة على الالتزام وكوسيلة لتذكر زوجاتهم أثناء تواجدهم في ساحات القتال. استمر هذا التقليد خلال الحرب الكورية. بعد ذلك، أصبحت مجموعات خواتم الزفاف أكثر شعبية بين المدنيين أيضاً. جلبت شعبية خواتم الزفاف العديد من الأساليب المتنوعة، فبالإضافة إلى الذهب والفضة والبلاتين، يمكنك الآن الحصول على حلقات سيليكون متينة، والتي تعتبر مثالية للأزواج النشطين. تتميز هذه الخواتم بتصميم أنيق وعصري، وهي طريقة عصرية وعملية للأزواج لعرض حبهم الأبدي.

الخاتم في الثقافات الأخرى

تشجع بعض الأديان والثقافات على تبادل الحلقات الإضافية بين العروسين، حيث يضع العريس الهندوسي خاتم الزواج في ثاني أصابع إحدى قدمي خطيبته، وسواراً من الحديد في ولاية البنغال الغربية.

أما الفراعنة فقد اعتادوا على أن يتختموا بحلقات من خيوط الكتان أو القطن أو الحرير، رمزاً لرقّة وقوة الحب الذي تلفهما به الآلهة والطبيعة.

بعض النساء من دول حوض البحر الأبيض المتوسط تلبس حلقة زواج زوجها المتوفي في سلسلة معلقة في العنق رمزاً لفقده.
كما يرسم بعض الهنود الحمر حلقة من التاتو «الوشم» حول أصابع أيديهم رمزاً لزواجهم.