ساعدوا أولادكم على الخروج من دائرة اليأس

فكرة الطائي /

على الرغم من مضي أكثر من خمس سنوات على تخرجه من الجامعة، مازال (أحمد) يطمح بتحقيق جزء من أحلامه في الحياة من خلال عمل خاص به، بعد أن سئم انتظار الحصول على وظيفة في مؤسسات الدولة.
الملل والضجر كانا رفيقي أحمد الدائمين، قبل أن يتنبه والداه إلى التغييرات النفسية التي طرأت على سلوك ابنهم، لهذا فكرا في إيجاد وسيلة لإخراجه من دائرة الحزن واليأس، لا سبيل إلى ذلك سوى العمل، والعمل كنشاط خاص به. كانت نقطة الانطلاق في البداية بمشروع صغير بدأ من محلته، حيث افتتح (ورشة المهندس) لصيانة أجهزة التبريد.
تلك كانت البداية بالنسبة للمهندس (أحمد حسن شلال- 29 سنة) كما روت لي عمته السيدة (ختام غضبان – 48 سنة) أثناء لقائي بها في مناسبة دينية، حين أخذنا الحديث في أمور تربوية شتى تتعلق بالأبناء وكيفية صنع مستقبل لهم. ولم تكن السيدة ختام، وهي تربوية أمضت سنوات عدة في التعليم، بعيدة عن مشاكل الأولاد في الأسرة والحياة والشارع والمدرسة، لذلك كانت تتحدث عن أحمد بإعجاب وهو يطور مشروعه البسيط بمساعدة الأهل وتشجيعهم. وبعد مرور سنة أخذ يفكر بتوسيعه، فدعا أصدقاءه للعمل معه لتوسيع دائرة الاختصاص في تقديم خدمات الصيانة لمختلف الأجهزة المنزلية.
صبر الوالدين
أخذتني قصة الشاب أحمد إلى التفكير بصبر الوالدين وخوفهم على أولادهم حتى وهم يكبرون أمام أعينهم، فمهما كبروا يبقون صغاراً يحتاجون الرعاية والاهتمام والدعم والإسناد والتوجيه، وأصرارهم على تأدية الرسالة إلى آخر الشوط حتى وإن تخرجوا في الجامعات وصاروا أصحاب عوائل وبيوت منفصلة عن بيت الأهل الكبير.
ليس بالحظ وحده
“لا ينجح الانسان بالحظ وحدة، فهذا لا يكفي، وإنما لابد من الإصرار والعمل بجد من أجل النجاح،” هذا ما حدثني به الشاب (وسام رضا – 32سنة)، وواصل: “كثيراً ما أسمع شباباً يتحدثون فيما بينهم عن عدم محالفة الحظ لهم وأنهم لم يحصلوا على فرصة للتعيين وطال انتظارهم لذلك وأخذوا يتذمرون من واقعهم اليومي – الجلوس بلا عمل – لكنهم لم يدركوا حقيقة الأمر، وهي أن المشكلة لا تكمن في سوء الحظ وإنما المشكلة فينا نحن الشباب.” وأكمل وسام قائلا “أنا تخرجت في المعهد التقني، في المعهد تعلمت الكثير من المهارات الفنية، بعد أن تخرجت لم أقف متفرجاً في انتظار فرصة تعين، بل عملت في ورش كثيرة في الحي الصناعي، جمعت مبلغاً من المال وتمكنت من إيجار محل (شراكة) مع صديق لي خصصناه لبيع الأدوات الاحتياطية التي تحتاجها ورش التصليح في هذا الحي.”
بعت مقتنياتي من أجل ولدي
تقول (شهد عباس – 55سنة) إنها لم تترك ولدها يستسلم لحالة اليأس لعدم تمكنه من الحصول على فرصة عمل، لذلك “قررت أن أجمع مقتنياتي الخاصة لأبيعها من أجل توفير مبلغ من المال يمكن ولدي من القيام بمشروع خاص به، في البداية كان مشروعاً صغيراً لبيع أغلفة وأكسسوارات لأجهزة الهاتف النقال، هذه الفرصة الصغيرة جعلته يشعر بقيمة العمل وبقيمة المال الذي يجنيه من هذا العمل وسعيه لتطويره بشكل مستمر، حتى أنه قبل أيام أخذ يفكر في جمع مبلغ من المال ليعيد لي ما بعته من مقتنياتي الخاصة.”
ليلى تصنع فرصتها
(ليلى حميد -25 سنة )، هي الأخرى فكرت من دون مساعدة بإيجاد عمل يدر عليها مردوداً مالياً يخفف العبء عن أهلها، كانت فكرتها أن تفتح محلاً صغيراً للكماليات النسائية (مكياج وملابس) إذ أن الكثير من النساء لا يفضلن الدخول إلى مثل هذه المحال التي تدار من قبل الرجال تجنباً للإحراج. وقد رحب والداها بالفكرة وشجعاها على تنفيذها وبقيا حتى الآن يقدمان الدعم لها.
ويقول (أيمن شهاب أحمد -30 سنة): “لقد وجدت فرصتي في أعمال إدارية في شركة أهلية، ومن هذا المكان أستطيع أن أخدم أهلي وزملائي في العمل، وأقدم المساعدة بكل رحابة وامتنان إلى المراجعين من كبار السن نساء ورجالاً لانهم ذخرنا في الحياة.”
الواقع لا يشبه الأحلام
إن أحلام الشباب بعد تخرجهم من المعاهد والجامعات وتجاوز سنوات الدراسة تتمثل في إيجاد فرص عمل في مكان يناسب مؤهلاتهم العلمية، لكن الواقع ليس كالأحلام، وإنما تتحقق الأحلام وتتحول إلى واقع معاش بالتفكير في العمل وتنفيذ تلك الأفكار وتجسيدها على أرض الواقع من خلال مشاريع صغيرة تسهم في تلبية طموحاتهم وتحقيق ذواتهم العملية وخدمة بلدهم كل من زاوية إبداعه الخاص.