محنة الشريك الضائع!

#خليك_بالبيت

آمنة عبد النبي /

محنة اقتطاف شريك الحياة، من حقول الانفتاح الأوروبي الوفيرة، تحولت إلى مهمة مرعبة يعيشها الطرفان في عزلتهما المريبة، الرجل ينظر لحريتها المحميّة وقرارها المستقل بمثابة فخ قانوني لرميهِ خارج البيت، في لحظة مزاجية ربما.
بالمقابل تقف كارزما المرأة بالضدِ من تحليلاتهِ وتشهر بوجههِ استقلالها الاقتصادي الذي يمنحها شخصية لا يمكن تهميشها أو اعتبارها مكملاً لأثاث المنزل، بل لاعب ندٌّ مساوٍ في القرار!
بدائل وجينات
نظرية السيد المُطاع من جميع أفراد البيت هي المتحكم الحقيقي، الرجل الشرقي في السويد مرعوب تماماً من مبدأ المشاركة الزوجية التي انتجتها فكرة المرأة المستقلة اقتصادياً والمحمية قانونياً!
من ستوكهولم فتحت (أرجوان خضير) النار على من يشكك بفكرة المساواة بحجة اختلاف الأدوار بايولوجياً، قائلة : “يصعب على الرجل تقبل الأدوار المتساوية لأنها تصطدم بجينات الثقافة الذكورية التي تفرض عليه حق السيادة داخل البيت، الفكرة الأصلية لم تغيرها السويد وأوروبا رغم ادعائه ذلك.
وبما أن الشريكة في أوروبا لها حقوق مسندة بالقانون ولا يجرؤ أحد على المساس بها أمام هذا الكم من الإفرازات الشرقية التي تملأ رأسه بسبب أصل ثقافته المزدوجة، لذلك تجدينه يبعد فكرة الزواج ويقرِّب فكرة البدائل العاطفية والجنسية، ثم يدّعي صعوبة الاستقرار أو استحالته. هو يعلم تماماً أن الزواج في عموم أوروبا مسؤولية وحدود والتزام ومساواة، وهو قطعاً غير مهيأ لكل هذا ومن كل الجوانب، لا مادياً ولا عاطفياً ولا نفسياً. إذاً الأسباب النفسية والمجتمعية التي حملها معه للمهجر تجبره على أن ينظر إلى المرأة بتسلط ويتخوف من الارتباط بها. أضيفي إلى ذلك حالة الذكورية التي زُرعت في رأسه من الصغر، وبيئته، وظروفه، وتقاليده، وتربيته وأمور كثيرة أقنعته بأنه هو المسيطر وأن مقود السلطة لا يصح أن يكون إلا بيده. وبالمناسبة أود أن أذكر شيئاً مهماً، فقد احتلت السويد المرتبة الرابعة على مستوى العالم على صعيد المساواة بين المرأة والرجل في سوق العمل، وبهذا تمكنت من رأب الهوَّة بين الجنسين تماماً.”
وحشٌ كاسر
من حق الرجل أن يقلق تجاه محنة الحصول على زوجة لا تفكر بسلب جيوبه وتهديم حياته، ما دام القانون الأوروبي يجيز للمرأة التمتع بحريتها ويمنحها المساواة الكاملة مع الرجل، لا الثأر منه!
من آيرلندا جاءت ردة فعل الفنان المسرحي (حسين الزهيري) بنبرةٍ غاضبة: “الاستقلالية صار لها مفهوم عدائي متبادل تجاه فكرة الشريك، ولاسيما من بعض النساء اللواتي قد تتحول إحداهنّ إلى وحشٍ كاسر، لا همَّ لها غير الثأر من تراكماتهِ وعقدهِ وضرورة رميه خارج البيت مع أول خطأ، حتى لو كان الرجل يحترم حقوقها ويشاركها كعنصر مهم في حياته الزوجية. هناك نساء جئن إلى أوروبا وبعد معرفتهن بالقانون وثغراته المدمِّرة للكيان الأسري بأبسط الأخطاء، تسلَّطن وهدمن كل شيء تحت عناوين الحريات الخاطئة. بالمقابل ليس كل الرجال يحملون صفات سيئة ويحتقرون استقلالها الاقتصادي أو قرارها المنفرد، وإنما هناك رجال ارتبطوا بنساء وكانت النتيجة ناجحة وأسسوا عوائل وحياة كريمة، وهذا الأمر باعتقادي يعتمد على نضج عقلية الطرفين. والغريب أمام هذا الكمِّ الهائل من الانفتاح تجدين أيضاً بين الجاليات نظرة سيئة تجاه المرأة التي كانت مرتبطة وفشلت تجربتها الزوجية، فهي بنظر الكثيرين لم تعد صالحة للزواج، وهذه نظرة دونية بصراحة ما يزال بعض الرجال يؤمنون بها. بالمحصلة فإن كل شخص، رجلاً كان أم امرأة، ينظر بما يراه مناسباً له. هناك أشخاص جاءوا من بلدانهم لتطوير أنفسهم ومهاراتهم العلمية والفكرية، والبعض الآخر ما يزال ينظر لأوروبا مثل محطة للهو والسهرات الليلية ولا يفكر بالارتباط لأنه يرى أن ليست ثمة صعوبة في الحصول على نساء في المجتمع الاوروبي”.
زيجات ومنفعة
فكرة الشريك، رجلاً كان أم امرأة، ارتبطت أيضاً بمحاولة الحصول على الإقامة أو الجنسية في أوروبا، هذا الدافع أسهم كثيراً بتهديم واستبدال فكرة الشراكة الحقيقية بالمنفعة الوقتية!
(ابتهال عمران) من مالمو، شاركتنا برأي مختلف عمن سبقها، قائلة بهدوء:”الزواج عند كثير من الرجال الباحثين عن الغايات الفرعية هناك يقتصر على منفعة، لذلك تكون السيدات اللاتي يتم الاقتران بهن أكبر عمراً أو أقل جمالاً في مثل هذا النوع من الزيجات، وهذا طبعاً لا ينفي وجود الزيجات القائمة على الحب فعلاً، إذ تتكون علاقات في إطار الانجذاب والإعجاب وعادة ما تكون ناجحة أو لنقل صادقة من أحد الطرفين.
أيضاً يجب أن ننتبه للغشاوة الإعلامية المنقولة لشبابنا وشاباتنا في المجتمع الغربي، هذا أمر مهم جداً، هناك من يصور لنا سهولة الحصول على كل شيء، ولاسيما ما تسخِّره بعض القنوات المموَّلة من الخراب، فضلاً عن منصات التواصل الاجتماعي، إنها عنصر مؤثِّر على عقليه الشاب أو المراهقة في هذا الأمر “.
عقلية إقصائية
حينما تكون الشراكة فكرة ساذجة في نظر أحدهما، ويستمر صراع “البقاء للأصلح”، حتماً سيكون الجميع أمام معادلة حياتية متطرفة طرفاها الظاهران كذباً هما الرجل والمرأة!
الشاعر الطموح (حمزة جواد كاظم) كانت لديه أسئلة مسالمة جداً، بدأها بالقول: “السؤال هنا هو لماذا يبحثان عن قيادة البيت أو من يتحكم بقراراتهِ، وأكيد بمقياس العائلة العراقية وشكلها العام، فذلك من اختصاص الرجل، الكارثة إذاً تتركز في فكرة العقلية الإقصائية لدى الطرفين، حتى أن بعض الأحكام العرفية الثابتة تدخلت حتى في دائرة التعريفات القرآنية وجردتها من محتواها الروحي، خذي مثلاً الآية الكريمة (الرجال قوّامون على النساء)، هناك من أقحم نفسه ووضع تفاسير لها على وفق أهوائه وعقدهِ النفسية وميوله الذكورية. بالمقابل أيضاً، وكي أكون منصفاً تجاه محنة الحصول على شريك العمر، هنالك فهم نسوي معاق لدى البعض تجاه فكرة التحرر، ومغالاة بالطريقة، وتحت عناوين كثيرة منها العنوان الاقتصادي ومعادل الشخصية، أعرف كثيرات ممن يحملن تلك الأفكار التي ظاهرها جيد لكن توظيفها وإقحامها بصناعة عازل اجتماعي تحت السقف الأسري حتماً سيطيح بكل شيء. إذاً العادات المجتمعية والتقاليد المتجذرة بقالب الوعي الجمعي هي التي تمنع من استيعاب فكرة التحرر سواءً للرجل أم للمرأة، وداخل البلاد أم خارجها، التحديث لا يرتبط بجغرافيا وإنما بفكرة.”

النسخة الألكترونية من العدد 363

“أون لآين -6-”