طارق الأعرجي/
بينما يواصل العديد من الدول العربية إنجاز مشاريع متطورة للقطارات المعلقة، يواجه مشروع القطار المعلق في بغداد عثرات عديدة صاحبته منذ انطلاقته في سبعينيات القرن الفائت، حين أبرمت الحكومة آنذاك مذكرة أولية مع إحدى الشركات الفرنسية لوضع تصاميمه وتنفيذه لاحقاً، لكن الحرب العراقية الإيرانية أوقفت إنجاز هذا المشروع، وظل مجرد حلم في ذاكرة البغداديين.
وفي عام 2010 عاد الحديث مجدداً عن قطار بغداد المعلق، وتبنى مجلس محافظة بغداد المشروع، وبالفعل شرع بالتعاقد -مع شركة فرنسية أيضاً- لوضع تصاميمه، لكن التصاميم التي كلفت ملايين الدولارات ركنت على رفوف المحافظة قبل أن ينفض الغبار عنها العام الماضي، أثناء زيارة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الى باريس والاتفاق على إحياء الحلم البغدادي العتيق.
وبينما تؤكد وزارة النقل استعداد شركتين عالميتين لتنفيذ مشروع القطار المعلق في العاصمة بغداد بمسافة 20 كيلو متراً بأحدث المواصفات العالمية بعد إنجاز دوائر الكهرباء والاتصالات أعمالها الخاصة برفع التعارضات على مسار المشروع، فإن مراقبين اقتصاديين يستغربون إصرار الوزارة على تنفيذ هذا المشروع، ولا سيما أنها لم تتمكن حتى عن إصلاح سكك الحديث وتطويرها، وفشلها في جلب قطارات عالية الجودة الى بغداد.
وبالمقارنة مع المشاريع المصرية، يمكن القول إن الجهات الحكومية عاجزة عن تنفيذ مشاريع كبرى رغم الأموال السخية المهدورة، والتي تحوم حولها الشبهات، ناهيك عن خلل إداري كبير تعاني منه معظم وزارات الدولة، حيث يتصدر المسؤولية فيها أشخاص محسوبون على الأحزاب الحاكمة، مقابل إبعاد قسري للكفاءات عن تنفيذ دورها.
مشروع حيوي
يقول معاون مدير عام الشركة العامة لسكك حديد العراق، رئيس مهندسين أقدم، حاكم جاسم نور الحسني، لـ “مجلة الشبكة” إن “مشروع القطار المعلق يعد من المشاريع المهمة والحيوية للشركة ولوزارة النقل، وهناك متابعة واهتمام شخصي من قبل وزير النقل الكابتن ناصر حسين الشبلي بهذا المشروع، الذي بدأ يخطو خطوات جادة على أرضية صلبة من خلال البدء بإزالة التعارضات على مسار خط السكة.”
وأضاف أن “الشركة عقدت سلسلة من الاجتماعات، حسب توجيهات الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لحل مشكلة التعارضات وتذليل العقبات، لأن مسار القطار المعلق سيقام على الجزرات الوسطية في الشوارع التي يمر بها، ابتداء من منطقة الشعب وبمسافة 20 كيلو متراً، مرورا بمدينة الصدر، والجامعة المستنصرية، وصولاً الى جسر الصرافية، ومن ثم الى مدينة الكاظمية، وأخيراً محطة قطار العلاوي.”
وأوضح أن “التعارضات في هذا المسار عديدة، منها أنابيب الماء والمجاري وأسلاك ومغذيات الكهرباء والاتصالات، ويجري حالياً رفعها.” منوهاً بأن “الشركة اتخذت خطوات مع هذه الدوائر، التي أبدت اهتماماً واسعاً، بالتنسيق مع الشركات المعنية لإيجاد الحلول للتعارضات، إذ قطعنا شوطاً كبيراً في هذا المجال مع دوائر ماء ومجاري بغداد بعد أن أنجزت دوائر الكهرباء والاتصالات المعالجة الخاصة بها”.
وبين الحسني أن “التخصيصات المالية المخصصة للمشروع حولت في نهاية عام 2021، إلا أنها لم تنفق بسبب وصولها يوم 29 /12 من عام 2021، وعليه تحول التخصيص الى موازنة عام 2022 التي لم تقر حتى الآن.” معرباً عن أمله بإقرارها، ولاسيما أن البدء بالتنفيذ يجري بإقرار الموازنة، لأن المشروع يعتمد مبدأ الاقتراض. مبيناً أن “جمع التفاصيل الخاصة بالبدء بالمشروع جاهزة، لأن مشروع القطار المعلق كان في أدراج محافظة بغداد لمدة قاربت العشر سنوات، واتخذت فيه إجراءات، إضافة الى إنجاز الدراسات والتصاميم الخاصة بالمشروع، وبعدها جرت إحالته الى وزارة النقل في نهاية عام 2021.”
وخصصت الموازنة لمشروع القطار مبلغاً لا يتجاوز الـ 50 مليار دينار عراقي، أي ما يعادل 4 ملايين دولار فقط، ولا يعرف لأي باب من أبواب تنفيذ المشروع خصص هذا المبلغ بالضبط، ولاسيما أن المشروع ينفذ عن طريق الاقتراض.
ألستوم الفرنسية وهونداي الكورية
وكشف معاون مدير عام السكك عن “استعداد شركتي ألستوم الفرنسية وهونداي الكورية لتنفيذ العمل، وبمدة خمس سنوات، لإنجاز المرحلة الأولى وبمسافة 20 كيلومتراً، علماً أن المشروع يتضمن التنفيذ الكامل، بمعنى إنشاء سكة قطار معلق إضافة الى قطارات، ومدة تشغيل، أما المرحلة الثانية للمشروع فتحدد مساراتها حسب الكثافة السكانية وحاجة المواطنين.”
ويظهر العديد من المراقبين استغرابهم من طريقة تنفيذ هذا المشروع التجاري الرابح بعملية اقتراض، تفرض عليها فوائد باهظة، بدلاً من منح المشروع الى إحدى الشركات بطريقة الاستثمار.