الشاعر السوري محمد أحمد السحّ: تأثرتُ بتجربتَي الحيدري والسيّاب الغنيّتين

مهدي مراد /

مدينة (السلمية) في محافظة حماة تعتبر الكنز الأزلي لوجود كل ماهو مدهش ومحيّر من خلقها وإنجابها لمبدعين تركوا بصمتهم في الأدب العربي والساحة الثقافية أمثال محمد الماغوط وغيره.

في السلمية، المدينة الغنية عن التعريف الأدبي والثقافي، صرخ محمد أحمد السحّ صرخته الأولى سنة 1987، وتخرج في كلية الهندسة قسم الحاسبات، وبدأ النشر سنة 2008 في الصحف السورية.

تأثير مدينة السلمية في جعل السحّ شاعراً

بالنسبة لمدينة السلمية، تكمن الخطورة في الإرث المعرفي والتاريخي القديم لهذه المدينة، هذه مدينة التساؤلات، تبدأ بتحريض الأسئلة في ذهنك مع بدء نموك الفكري، وهذا يحدث عندما تكون العقول والتيارات الفكرية مفتوحة، والسلمية تملك شيئاً من هذا الإرث الفكري والسياسي، مع أنني أعتبر أننا لا يجب علينا، لا في السلمية ولا في غيرها، أن نرتكن إلى هذا الإرث فقط، بل يجب المحافظة عليه والاشتغال على تناميه، مع التنامي المعرفي، يظهر الفن والشعر والأدب وأنا جزء من أبناء هذه المدينة التي أفتخر بها.

“الشبكة” تسأل الشاعر أحمد السحّ عن القصيدة:

القصيدة هي عملية عصف ذهني قادر على تحريك الخلايا الدماغية للإنسان، وبالتالي تعصف بمشاعره، يرفضها، يحبّها يكرهها، لكنها تتم دورها حين تثير الغضب والأسئلة، والجنون في عقولنا، أو أنواع الشعر: هو الهادئ المستكين، الذي يعتبر أن المشاعر هي مجرد ملاسنات غرامية تنبع من تغيرات في الحالة الهرمونية لدى كاتبها فلا تصل إلى القارئ. أما عن كتابة قصائدي، فدعني أبسط الأمر… أنا أكتب قصيدة التفعيلة ولا أكتب قصيدة النثر، وهذا صار نادراً اليوم، معظم من يكتبون الشعر لا يعرفون الوزن ولا العروض الشعرية، أنا لا أجبر نفسي على كتابة نص، وأنا بطيء في كتابة الشعر، أكتب وأنسى، وحين أعود إلى دفاتري، يكون معياري لقبول قصيدة هو أن تدهشني كأنني لست كاتبها، وإلا فمصيرها التمزيق كأية ورقة عادية.

قد لا أكون من محبي التصنيفات والإغراق فيها… أنا أكتب القصيدة التي تفتح النار على جميع الجبهات وتدخل تقنيات متنوعة.. في الشعر، لست رمزياً أو واقعياً أو غنائياً أو سوريالياً أو غيرها من المذاهب، قد يحتوي النص عدداً من التيارات الفكرية.. أعتبر أن زمن المدراس المحددة والموجهة انتهى.. نحن في زمن ضرورة الكتابة الصادقة، فالصدق هو طريق الشعر الأسلم.

القراءات الأولى

قرأت كثيراً.. أحببت أبا تمام والمتنبي.. وقرأت الشعر الجاهلي.. لا أدعي أنني أحفظ شعرهم، فأنا بلا ذاكرة حفظية لكني كنت حريصاً، وما زلت، على قراءة الجميع، أحب تجربة شعراء جيل الستينات، هذه التجربة مثمرة وقرأت فيها كثيراً وما تزال تدهشني، ومثلهم جيل السبعينات، بعدها ألغيت فكرة الأجيال الشعرية، أراد الشعراء أن يتفردوا وأن لا يكونوا حزمة واحدة.. الحقيقة أن السياسة نجحت في تمزيقهم وتمزيق دورهم.. لم تعد هناك أسماء لامعة ولا تجارب لامعة. اليوم أقرأ الكثير من الإصدارات الجديدة.. وأنا حريص على قراءة الشعر الجديد، وكنت مخطئاً حين قاطعته. أقرأ ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي.. لا أهمل أية قصيدة تعبر أمامي.. فأنا متحرش جيد بالشعر.. ولكن لابد أن أنوّه أنني أحب تجربة الشاعر الكبير سليم بركات.. وأعتبره أهم الشعراء، وتجربة فكر ممدوح عدوان الشعرية والفكرية من أجمل ما يمكن لكل إنسان أن يتعلم منها.

القصيدة السورية ومواجهة الحرب

اسمع ببعض المحاولات عن تجميع كتب أو نصوص داخل سوريا وخارجها تحكي عن الحرب.. لا أعترف بهذه الحالة.. الحقيقة ما هو المعيار.. هل توقيع نص بتاريخ من تواريخ بين 2011 إلى يوم إعلان انتهاء الحرب يجعله نصاً في مواجهة الحرب.. أو يتحدث عنها؟ وهل النصوص التي كتبت عام 2010 وما قبله ليست نصوصاً فيها نبوءة حرب؟.. أقرأ نصوصاً من الثمانينات تستشرف لحروب، لا لحرب… إذا كتبت مجموعةً بعد نهاية الحرب، هل هذا سيجعلها خارج مصطلح الشعر في مواجهة الحرب؟.. لا.. الشعر لا يواجه حروباً… اليوم الشعر صار خارج السياق النقدي والأرشيفي حتى.. كثيرون خجلوا مما كتبوه.. لن أذكر لك أسماء.. لكنها تجارب بارزة. وأسماء معروفة منها من اعترف ومنها من التزم الصمت.